كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

أنه بمعنى كيف فهو حال من هذه قدم لصدارته لأنّ كونه بمعنى متى وان أثبته أبو البقاء خلاف الظاهر وعليه قهو ظرف والعامل على كل حال يحيي وإحياء القرية وإماتتها إما بمعنى عمرانها وخرابها أو أنه على حذ واسأل القرية. قوله: (فألبثه الخ (يعني أنّ مائة عام ظرف لأماته على المعنى لأنّ معناه ألبثه ميتا وليس ظرفا له على ظاهره لأنّ الإماتة إخراج الروج وهي تقع في أدنى زمان أو هو ظرف لفعل مقدّر أي فلبث مائة بدليل قوله كم لبثت قيل 0 ولا حاجة إلى هذا إذ معناه جعله ميتا وفيه نظر. قوله:) وساغ أن يكلمه الخ (هذا بناء على أن الله لا يجوز أن يكلم الكافر شفاها إما مطلقاً أو في دار التكليف وقد ردّه في الانتصاف بأنه لا أصل لأنّ الله تعالى يكلم إبليس وهو رأس الكفر ومعدنه، وقال للكفار: اخسؤوا فيها والممتنع إنما هو تكليمهم على نهج الكرامة والملاطفة وقيل: إنّ امتناعه مبنيّ على فاعدة الاعتزال ولا وجه له، وقوله: أو شارف الإيمان أي قاربه لأنه مقتضى النظم، وقوله: فلما تبين له الخ إذ الإيمان بعد ذلك ولذلك اعترض على الزمخشرفي في جزمه بالأوّل وهو غير وارد على المصنف رحمه الله وليس في الآية ما يدل على المشافهة فلذلك قال: أو ملك أو نبيئ فيكون الإسناد إلى الله مجازاً. قوله: (كقول الظانّ الخ (
يعني أنه لم يتيقن مقدار لبثه فشكك فيه فأو للشك وعلى الآخر للإضراب والغرض تقليل المدة فتأمل قوله: (لم يتغير بمرور الزمان الخ) جملة لم يتسته حالية والجملة المصدرة بلم تقع حالاً وتقترن بالواو وتجرد منها وكلاهما جائز خلافا لمن تردد فيه ويتسنه لازم أي يتغير وما قيل: إنه بمعنى لم يمرّ عليه السنون فهو بيان الأصل المعنى لا للمراد ليس بشيء لأنه غير صحيح هنا فهو من السنة وفي لامها اختلاف فقيل: هاء فهو مجزوم بسكون الهاء وقيل: واو وأصلها سنو فحذفت وعوّضت التاء عنها فهو مجزوم بحذف الآخر والهاء هاء سكت تثبت في الوقف وفي الوصل لإجرائه مجراه، وقيل: أصله لم يتسنن ومنه الحمأ المسنون يعني الطين المتغير ومتى اجتمع ثلاث حروف متجانسة يقلب أحدها حرف علة كما قالوا في تظننت تظنيت وفي تقضضت تقضيت، قال العجاح في أرجوزة له:
تقضي البازي إذ البازي انكدر
أي تقضض البازي وهو هويه وسقوطه ليأخذ شيئأ وانكدر بمعنى أسرع وقوله: كتقضي البازي إشارة إلى قول العجاج، وقوله: وإنما أفرد الضمير يعني ضمير يتسته المستتر راجع إلى الطعام والشراب ولم يثن لأنهما جنس واحد أي الغذاء فإن قلت: كيف يتفرع، وقوله: فانظر على لبث المائة بالفاء وهو يقتضي التغير قلت ليس المفرع عليه لبث المائة بل لبث المائة من غير تغير في جسمه حتى ظنه زمناً قليلا ففزع عليه ما هو أظهر منه وهو عدم تغير الطعام والشراب وبقاء الحيوان حيا من غير غذاء، وقيل: تقديره إن حصل لك عدم طمأنينة في أمر البعث فانظر إلى طعامك وشرابك السريع التغير حتى تعرف أن من لم يغيره يقدر البعث وفيه نظر، وقوله: والأوّل أدل على الحال وهي طول الزمان المقتضي لذلك وأوفق بما بعده من كونه آية ومن النظر إلى الظعام. قوله: (وفعلنا ذلك الخ (فيه وجوه منها أنه متعلق بمقدر كما
ذكره المصنف رحمه الله ومنهم من قدره متأخرا وقيل: إنه متعلق بما قبله والواو زائدة وعلى تقديره فهو معطوف على لبثت وقيل: على مقدّر والتقدير فعلنا ذلك لتعلم قدرتنا أو لتهتدي ولنجعلك آية الخ وقيل: إنه عطف على قال: ففيه التفات، وقولهم: هو ابن الله لجهلهم لما شاهدوا منه. قوله: (كيف نحييها الخ) هذا على قراءته بالمعجمة من النشوز وهو الارتفاع قليلاً قليلاً وقرأ أبي ننشيها وهو يؤيد تفسير ننشز بمعنى نحيي على طريق المجاز وقوله: والجملة حال كذا أعربوه وأورد عليه أنّ الجملة استفهامية وهي لا تقع حالاً وإنما الحال كيف وحدها ولذلك تبدل منه الحال فيقال: كيف ضربت زيداً أقائما أم قاعدا والظاهر أنّ الجملة بدل من العظام ولك أن تقول إن الاستفهام ليس على حقيقته فما المانع من وقوعها حالاً فتأمل. قوله:) فاعل تبين الخ) يعني أنه من التنازع الذي أعمل فيه الثاني على مذهب البصريين وعند الكوفيين يعمل الأوّل لكن ترك الضمير في أعلم ينفي كون الكلام على مذهبهم إذ المختار حينئذ إضمار المفعول وان جعل فاعل تبين ضمير ما أشكل لم يكن من التنازع وأما قراءة تبين مبنياً للمفعول فمن تبينت الشيء علمته وقراءة العاقة

الصفحة 338