كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
قوله: (فصرهن الخ) قرأ حمزة ويعقوب بكسر الصاد كما ذكره، والباقون بضمها مع التخفيف من صاره يصوره ويصيره بمعنى قطعه أو أماله لأنه مشترك بينهما ويحتملهما هنا كما ذكره أبو عليّ، وقال الفراء: الضم مشترك بين المعنيين والكسر بمعنى القطع ففط وقيل: الكسر بمعنى القطع والضم الإمالة، وعن الفراء أن صاره مقلوب صراه عن كذا قطعه والصحيح أنه عربي وقيل: نبطيّ معرّب فإن كان بمعنى أملهن فإليك متعلق به وان كان بمعنى قطع تعلق بخذ، وقرأ ابن عباس فصرّهن بتشديد الراء مع ضم الصاد وكسرها من صرّه إذا جمعه إلا أن مجيء المضاعف المتعدي على فعل بكسر العين قليل والراء إمّا مضمومة للاتباع أو مفتوحة للتخفيف أو مكسورة لالتقاء الساكنين، وقوله: واضممهن توضيح للتعدية إذ الإمالة تتعدى بإلى بلا ضمّ ولو جعل إشارة إلى تعلقه بخذ بتضمينه الضم لم يبعد لكن ليس في الكلا! قرينة عليه والأولى أنه إشارة إلى توجيه تعلقه في القرا آت الأخر وهذا تبل التجزئة كما يقتضبه التركيب وحكمته ما ذكره. قوله:) ولكت الخ) أوّله:
وما صيد الأعناق فيهم جبلة
وقيل: هو للفرزدق وأوّله:
فما يقتل الإحياء من حب خندف
وهو أصح رواية ودراية والصيد بمهملة وفتحتين الميل والاعوجاج والجبلة الخلقة يعني
أنّ إمالة الأعناق والانقياد ليس باختيار منهم بل عن كره وقوله: على الليت الخ هو لبعض بني سليم والفرع الشعر التاتم، والوحف بحاء مهملة وفاء الأسود والليت بكسر اللام والياء التحتية والتاء المثناة الفوقية صفحة العنق، وقنوان بضم القاف وكسرها جمع قنو وهو عنقود النخل والدوالح بالدال المهملة واللام وآخره حاء مهملة المثقلات الحمل وقوله: فصرّهن من التصرية بفتح الصاد وكسر الراء المشدّدة وأصل التصرية تصررة فأبدل أحد حرفي التضعيف كما مرّ. تنبيه: قوله: فصرهن إليك، قال ابن هشام: تبعاً لغيره لا يصح تعليق! ! ى بصرهن وانما
هو متعلق بخذان فسر بقطعهن أو أملهن إن لم نقدر مضافا أي إلى نفسك لأنه لا يتعدى فعل غير علمي عامل في ضمير متصل إلى المنفصل. (قلت) : إنما يمنع إذا كان متعديا بنفسه أمّا المتعدي بحرف فهو جائز كما صرّح به علماء العربية وقوله: أي جزئهن بالتشديد والهمز وبإذن الله متعلق بالفعل المأمور به لا بالطلب نفسه ولعله ورد مثله في الأثر والا فلا دلالة في النظم عليه فتأمل وثم للتراخي حقيقة أو مجازاً. قوله: (ساعيات الخ) يعني أنه حال وأوّل السعي بالطيران وجوّز حمله على حقيقته وقيل: إنه منصوب على المصدرية وقوله: فيقتلها المراد
في شلها جعلها كالميت في عدم الحركة فلا يقال: إن أراد بالقتل إفناءها فلا معنى للمزج بعده وان أراد كسر سورتها كان ما بعده مكرّرا مع أنه يصح أن يكون تفسيرا له إذ القتل يستعمل بمعنى المزج كقوله:
قتلت قتلت فهاتها لم تقتل
قوله: (أي مثل نفقتها الخ) أي لا بد من اعتبار الحذف وتقديره في جانب المشبه أو المشبه به لتحصل ملاءمة المشبه والمشبه به وإن كان التشبيه مركبا لا ينظر فيه إلى المفردات وبذر الحبة بالذال المعجمة معروف، واعلم أنه لما حث على الإنفاق والجهاد وذكر المبدأ والمعاد كرّ ثانياً على الحث على الإنفاق وإن أردت تفصيل مناسبة ما بعده إلى آخر السورة فانظر في الكشف. قوله: (والمعنى انه يخرج منها الخ) أراد أنه من تشبيه المعقول بالمحسوس كما نراه في بعض الأراضي وان سلم أنه ليس بموجود كفى الفرض والتقدير لأنه مستند إلى الخيال والخيالات تجري مجرى المحسوس كفوله:
وكان محمو الشقب ش إذا تصوّب أو تصعد
أعلام ياقوت نشرن على رماج من زبرجد
على أنّ المراد تحريضه على الإنفاق ببيان كثرة الريح وفي البخاري: " الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاورّ الله عنها " فالعشر أقل المراتب للتضعيف فلذا اقتصر عليها مرّة والزيادة لا حد لها وفي الحديث " أن الله يعطي بالحسنة ألفي ألف حسنة " والمغلة بوزن اسم الفاعل الكثيرة الغلة وهي الريع وقوله: تلك المضاعفة يعني أنه على ترك المفعول به لكن مع إرادة خصوصية المفعول المطلق ويصح تقدير مفعول به أي أضعافا كثيرة، وقوله: تتشعب في نسخة يتشعب وقوله: ومن أجله لا ينافي كونه بفضله.
قوله: (نزلت في عثمان رضي الله عنه الخ) قيل: إنه لا أصل له في كتب الحديث وغزوة العسرة