كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
معروفة وستأتي. وقوله: والمن أن يعتد الخ من عده فاعتد أي صار معدودا وهو يتعدى بالباء ويقال: اعتد به أي جعله معدودا معتبراً، والمن يكون بمعنى العطية ويكون بمعنى تعداد النعم وهو قبيح من المخلوق وقوله: والأذى التطاول على المنعم عليه أي التفاخر والتعداد لذلك. قوله: (وثم للتفاوت الخ) وفيه وجه آخر في الانتصاف وهو الدلالة على دوام الفعل المعطوف به وارخائه الطول في استصحابه فلا يخرج بذلك عن الإشعار ببعد الزمن ومعناه في الأصل تراخي زمن وقوع الفعل وحدوثه ومعناه المستعار له دوام وجود الفعل وتراخي زمن بقائه، ومثله قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [سررة فصلت، الآية: 30، أي داموا على الاستقامة دواما متراخيا وتلك الاستقامة هي المعتبرة كذا ههنا أي يدومون على تناسي الإحسان وترك الامتنان ومثله يقع في السين نحو: {إ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [سورة الصافات، الآبة: 99] إذ ليس لتأخر الهداية معنى فيحمل على دوام الهداية وامتداد أمدها وتنفيسه. قوله: العله لم يدخل الفاء الخ) يريد بتضمن معنى الشرط اعتبار السببية وهي حاصلة سواء دخلت الفاء أو لم تدخل فإذا طرحت أوهم ذلك أن ثبوت الأجر لهم مقرر بقطع النظر عن هذا السبب وإنما قال: إيهامأ لأنّ الأجر المذكور أجر الإنفاق وهو لا يتصوّر بدونه لكنه عوّل على شهادة العقل التي هي أقوى مع ما في جعل المبتدأ موصولاً من الإشارة إلى ابتناء الخبر كقوله:
إن التي ضرب ت بيتا مهاجرة بكوفة الجند عالت وذها غول
أو أنه بمحض فضله لا بسبب. توله: (وتجاوز الخ) يعني أنّ المغفرة إمّا من المسؤول
عن إلحاح السائل أو من الله في مقابلة الردّ الجميل أو من السائل بأن لا يشق عليه ردّه ويعذره،
وسوّغ الابتداء بالنكرة وصفها ولم يذكره في المعطوف لأنه موصوف مثله في التقدير كما أشار إليه بقوله: عن السائل الخ أو أن المعطوف تابع لا يفتقر إلى مسوّغ، وقوئه: بمن وأيذاء الإيذاء مصدر أذاه وهو ثابت كما ذكره الراغب وترك بعض أهل اللغة له لأنه مصدر قياسيّ وأهل اللغة لا يذكرون مثله لشهرته، وقوله: بالعقوبة متعلق بمعاجلة. قوله: (لا تحبطوا أجرها الخ) إنما فسر به لأنّ الصدقة قد ثبتت فإبطالها بإحباط الأجر ولما كان العطف بالواو يقتضي النهي عنهما لا عن كل واحد وهو المراد نص عليه لأنّ النفي أحق بالعموم وأدل عليه. قوله: (كإبطال المنافق الذي الخ) إنما ذكر المنافق وليس في النظم لأنّ الإنفاق المذكور مع ما بعد. يقتضيه وفيه نظر، وفي قوله: إنفاقا رئاء مبالغة لأنّ الإنفاق مراءى به لا رئاء وفي نسخة إنفاق رئاء بالإضافة وهي ظاهرة، ويفهم من كلامه أنه لو قصد الرياء ورضا الله أو الثوا! لا يكون العمل باطلا وقد صرح به في الإحياء لكن ذهب ابن عبد السلام إلى أنه باطل ولو قيل: العبرة للغالب لم يبعد وهذا التشبيه مفرق فنفاق المنافق كالحجر الذي لا ينفعه الأمطار، ووجه الشبه عدم الانتفاع لا القسوة كما توهم ونفقته كالتراب لرجاء النفع منهما بالأجر والإنبات ورياؤه كالوابل المذهب له سريعا الضارّ من حيث يظن النفع ولو جعل مركباً لصح وقيل: إنه هو الوجه الأوّل ليس بشيء. قوله: (لا ي! مفعون الخ) عدم الانتفاع لخروجه عن حد! هـ من غير فائدة كما قال:
إذ الجود لم يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
وهذه الجملة مبينة لوجه الشبه والضمير راجع للذي باعتبار المعنى بعدما روعي لفظه إذ
هو صفة لمفرد لفظا مجموع معنى أو هو يستعمل للجمع بلا تأويل كما مر وقوله:
وانّ الذي حانت بفلج دماؤهم هم ال! وم كل القوم يا أنم خالد
هو من شعر للأشهب النهشلي وهو شاعر إسلاميّ من طبقة الفرزدق، وقيل: الحرث بن مخفض وحانت بمعنى هلكت وذهبت وفلج بالسكون موضع بقرب البصرة والمراد بدمائهم نفوسهم وفي الكشاف وجه آخر وهو أنّ الذي ومن يتعاقبان فعومل هنا معاملته لتوهمه وقد ذكره شارح اللباب، والمصنف رحمه الله تركه لبعده وخفائه وكذا كون لا يقدرون راجع للذين آمنوا بالالتفات وهو مما لا يلتفت إليه ولما وضع القوم الكافرين موضع من ذكر استفيد منه أنه من صفة الكفار فينبغي اجتنابه. قوله: