كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
(وتثبيتاً بعض أنفسهم الخ (الثبات ضد الزوال والإثبات والتثبت يكون بالفعل والقول وهو متعد وجوّز لزومه فمفعوله إما الثواب على النفقة أو الإعمال بإخلاص النية أو من أنفسهم هو المفعول لأنه بمعنى بعض أنفسهم وهو الذي ارتضا. المصنف رحمه الله وقيل: من بمعنى اللام وجوّز نصبهما على الحالية أو المفعول لأجله ومن تبعيضية كما بينه أو الجار والمجرور صفة تثبيتاً ومن ابتدائية وتثبيتاً لا مفعول له مقدر أو مفعوله الإسلام والجزاء ونحوه وهو الوجه الثاني ووجه إفادته الحكمة المذكورة أنّ الإنفاق لا للرياء والعوض! أفاد ذلك فتأمّل ذلك. قوله: (أي ومثل نفقة هؤلاء في الزكاة الخ) في التشبيه وجهان: أحدهما أنه مركب وتقدير المضاف لأنه لا بد من إضافة المثل من رعاية المناسبة كما مر والتشبيه لحال النفقة بحال الجنة بالربوة في كونها زاكية متكثرة المنافع عند الله كيفما كانت الحال والثاني أن تشبه حالهم بحال الجنة على الربوة في أنّ نفقتهم كثرت أو قلت زاكية زائدة في حسن حالهم كما أنّ الجنة يضعف أكلها قوي المطر وضعيفه وهذا أيضا تشبيه مركب إلا أنه لوحظ الشبه فيما بين المفردات وحاصله أنّ حالهم في اتباع القلة والكثرة تضعيف الأجر كحال الجنة في إنتاج الوابل والطل تضعيف ثمارها، ويحتمل وجهاً ثالثا وهو أن يكون من تشبيه بالمفرد بأن تشبه حالهم بجنة مرتفعة في الحسن والبهجة والنفقة الكثيرة والقليلة بالطل والوابل، والأجر والثواب بالثمرات والربوة مثلثة الراء وفيها لغة رابعة رباوة، وأكل بضمتين وتسكن للتخفيف وبه قرئ. قوله: (مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل الخ) بسبب قيد للمثلين، وا أضعف فيه خلاف هل هو المثل أو المثلان كما سيأتي والزوج يطلق على مجموع المزدوجين وعلى كل واحد منهما، وقوله وقيل: الخ بناء على القول الثاني والأحسن أنّ التثنية للتكثير لأنّ المضاعفة كثيرة كما مر.
قوله: (أي فيصيبها الخ) يشير إلى أن الفاء جواب الشرط ولا بد من حذف بعدها لتكمل الجملة فذهب المبرد إلى أنّ المحذوف خبر والتقدير فطل يصيبها وجاز الابتداء بالنكرة لأنها في جواب الشرط وهو من جملة المسوغات كقولهم: إن ذهب غير فعير في الرهط وقيل: إنه خبر مبتدأ مقدر أي فالذي يصيبها طل، وقيل: إنه فاعل بفعل مضمر تقديره فيصيبها طل وهذا أبينها ولذا قدمه المصنف رحمه الله لكنه قيل: إنه يحتاج إلى تقدير مبتدأ وحذف جملة وإبقاء معمول بعضها أي فهو أي لجنة يصيبها طل لأنّ الفاء لا تدخل على المضارع، وقوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} [سورة المائدة، الآية: 95] بتقدير فهو ينتقم الله منه كما سيأتي وردّ بأنا لا نسلم أنّ المضارع بعد الفاء الجوابية يحتاج إلى إضمار مبتدأ وقد جوّزوا التقادير الثلاثة في قول امرئ القيس:
إلا يكن إبل فمعزى
قوله: (والمعنى أن نفقات الخ (من أحواله أي أحوال المنفق أو الإنفاق في القلة والكثرة وقوله: ويجوز الخ فهو تشبيه مفرق كما مر والزلفى التقرّب. قوله: (تحذير عن الرئاء الخ) أي الله بصير بما تعملون فليحذر المرائي وليجد المخلص! ولا حاجة مع رؤية الله إلى رؤية غيره فيصير هنا في موقعة في البلاغة. قوله: (جعل الجنة منهما الخ) المراد بالجنة هنا الأشجار كما مر وغلب النخيل والأعناب فأراد من كل الأشجار المثمرة فيصح أن له فيها من كل الثمرات فلا يسئل عن أنه إذا كانت الجنة منهما كيف يكون فيها كل الثمرات كما أشار إليه المصنف ومنه يعلم أن التغليب يكون في المفرد والمركب أو المراد بالثمرات المنافع وما قيل: إنه من ذكر العام بعد الخاص للتتميم فليس بشيء. قوله:) فإن الفاقة الخ) الفاقة الفقر والعالة جمع عائل
وهو من نوادر الجمع كسادة ولما كان أصاب لا يعطف لا لاختلافهما زمانا ولا لأن أن يمتنع دخولها على الماضي بل لأنها إذا دخلت على المضارع فهي للاستقبال وإن دخلت الماضي جردت عنه جعلوها حالية ومقدرة وصاحب الحال أحدكم أو يعطف على وضمع الماضي موضع المضارع، قاله الفراء وقال يجوز ذلك في يودّ لأنه يتلقى تارة بأن ومرة بلو فجاز أن يقدر أحدهما مكان الآخر أو يحمل العطف على المعنى لأنّ المعنى أيودّ أحدكم لو كانت له جنة وأصابه الكبر قيل: هذا الوجه فيه تأويل المضارع بالماضي عكس ما قبله واستضعفه أبو البقاء بأنه يؤذي إلى تغيير اللفظ مع صحة المعنى والزمخشرقي فحا إليه وتابعه المصنف رحمه الله تعالى