كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

قال أبو حيان: وظاهره أن أصابه معطوف على متعلق يوذ، وهو أن يكون لأنه بمعنى لو كانت وليس بشيء لأن إصابة الكبر لا يتمناها أحد وهو غير وارد لأن الاستفهام للإنكار فهو ينكر الجمع بينهما كما قيل: وفيه تأمّل، وعبر بالضعفاء جمع ضعيف كشركاء وشريك وترك التعبير بالصغار مع مقابلة الكبر لأنه أنسب كم لا يخفى. قوله: (فأصابها إعصار الخ (الإعصار ريح شديدة تسمى زوبعة، وقيل: هي ريح السموم والجملة الأولى معطوفة على صفة الجنة، وقوله: أو تكون أي عطف على تكون لأنه بمعنى لو كانت كما مرّ وقوله: وأشبههم به أي بمن له هذه الجنة المذكورة من عرف الحق واتصمل به ثم رجع إلى خلافه وعلى ما ذكره أوّلاً فهو تمثيل لمن يبطل صدقته بالمن والأذى والرئاء وفصل عنه لاتصاله بما ذكر بعده أيضاً قيل: والأحسن أن يكون تمثيلاً لمن يبطل عمله بالذنوب لأنّ من ذكر لا عمل له، والجواب أنّ له عملا يجازي عليه بحسب ظاهر حاله وظنه، وهو يكفي للتمثيل المذكور. قوله:) من حلاله الخ) ترك في الكشاف ذكر الحلال وهو ما يحل إنفاقه مأكولاً أولاً لأنه يعلم س الأمر بالإنفاق وما فعله المصنف رحمه الله أولى وتركه فيما أخرجنا لعلمه مما قبله ولك أن تجعل ما عبارة عنه وإعادة من لأن كلاً منهما نوع مستقل وقوله: أي من المال أرجع الضمير إلى المال الذي في ضمن القسمين لأنّ الرداء فيه وكذا الحرمة أكثر لتفاوت أصنافه ومجالبه والقرا آت المذكورة
معناها واحد في المآل لأن يتمم وأتم بمعنى قصد، وتيمموا بضم التاء وكسر الياء بمعنى تيمموا طلبكم ونحوه فيرجع إلى ما ذكر، وجملة تنفقون حال مقدرة لأنّ الإنفاق بعد القصد ومنه على التعلق به تقدمه للحصر أو لأجل الفاصلة وهو الأوجه لأنه على الأوّل يقتضي النهي عين الخبيث الصرف فقط مع أنّ المخلوط كذلك. قوله: (إلا أن تغمضوا فيه الخ) الغمض إطباق الجفن لما يعرض من النوم يقال: غمض عينه وأغمضها، قال الراغب: ويستعار للتغافل والتساهل قال تعالى: {إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} ، وقيل: إنه كناية عن ذلك وفيه نظر وأصله إلا بأن تغمضوا وأجاز أبو البقاء فيه الحالية قال الحلبيّ وسيبويه لا يجيز أن يقع أن وما في حيزها حالاً، وقال الفراء: أن شرطية لأنّ معناه إن أغمضتم أخذتم وهو مردود كما بين في النحو وفيه قرا آت كما ذكره المصنف وغيره، وقال النحرير: يستعمل الإغماض مذكور المفعول وفي الأساب أغمضت عنه وغمضت واغتمضت إذا أغضبت وتغافلت:
ومن لايغمض عينه عن صديقه وعن بعض مافيه يصت وهوعاتب
وأمّا أغمضته بمعنى أدخلته في الغمض وجذبته إليه أو بمعنى وجدت مغمضاً على ما
فسر به قراءة قتادة فلا يوجد في كتب اللغة، وما أنكره نقله أبو البقاء عن ابن جني وهو إمام اللغة فعدم وجوده في الصحاح لا يضرنا، وقوله: وقرئ تغمضوا أي على المجهول والتخفيف وهي قراءة قتادة وشراره جمع شر بمعنى رديء وقوله: بقبوله واثابته: يعني أنّ حميد بمعنى حامد وحمد الله مجاز عما ذكر وهو ظاهر. قوله: (والوعد في الأصل الخ (أي في أصل وضعه لغة، وأنا في الاستعمال الشائع فالوعد في الخير والإيعاد في الشر حتى يحملون خلافه على المجاز والتهكم وما ذكره لغات في الفقر وأصله كسر فقار الظهر. قوله: (وينريكم على البخل الخ) الإغراء الحث والتسليط قيل: هو استعارة تبعية فيه، والفحش بمعنى البخل شائع في كلام العرب لقبحه عندهم قال طرفة:
أرى المال يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
وفسر الحكمة التي هي من الأحكام بما ذكره لأنه هو المعنى اللغوي الوارد وغيره اصطلاح، وقوله: مفعول أوّل لأنّ آتى بمعنى أعطى تقول أعطيت زيدا مالاً ولا يعكس. قوله: (لآنه المقصود الخ) أي المقصود بيان فضيلة من نال الحكمة بقطع النظر عن الفاعل، ولك أن تقول إنه حذف لتعينه، وقوله: ومن يؤته الله قيل: إن كان تفسير معنى فصحيح وان كان إعرابا فلا إذ من الشرطية مفعول مقدم فلا ضمير محذوف هنا وهو ليس بشيء لأنه يصح أن يكون من مبتدأ أو العائد محذوف بدليل أته قرئ ومن يؤته لكنه ليس بمتعين، وقوله: أي أنّ خير إشارة إلى أنّ التنوين للتعظيم، وقول: إذ حيز مجهول حاز بالمعجمة

الصفحة 343