كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
منصوب مفعول لأجله وعطفه على ما قبله أي الجزاء وكونه بمعنى النهي لا يمنع العطف صورة. قوله: (ثوابه أضعافاً مضاعفة) يعني الثواب في الآخرة أو ما يعطيه الله في الدنيا فإن قلت: إذا كان تأكيدا ينبغي أن لا يعطف، قلت ليس هو تأكيدا صرفا بل سياق الآية للاستدلال على ترك ما ذكر فكأنه قيل: كيف يمن أو يقصر فيما يرجع إليه نفسه أو كيف يفعل ذلك بماله عوض وزيادة، وهو بهذا الاعتبار أمر مستقل ورضاع ككفار جمع راضحع بمعنى رضيع، وقوله: فنزلت أي ليس عليك الخ فلا تعلق لها حينئذ بالمن والأذى والمعنى أنه ليس هداهم إليك حتى تمنعهم الصدقة ليدخلوا في الإسلام فتصدقوا عليهم لله ولا تنظروا لكفرهم فإنه عائد، عليهم وما أنفقتم نفعه لكم، وقوله: إن ينتفعوهم من النفع وفي نسخة ينفقوهم من تنفيق السلعة، وقوله: أمّا الواجب فلا يجوز الخ أمّا في الزكاة فمقرر وفي صدقة الفطر والنذر والكفارت اختلف فيه فجوّزه أبو حنيفة رحمه الله وجعل هذه الآية مخصوصة بكل صدقة ليس أخذها إلى الإمام واستدل بقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [سورة الإنسان، الآية: 8] والأسير في دار الإسلام لا يكون إلا مشركاً،
وقوله: لا تنقصون الخ على التفسير الأوّل المرضي وعلى الثاني الظاهر لا تنقصون الخلف وأحصرهم الجهاد بمعنى منعهم عن الك! سب والتصرف وقوله: الجاهل بحالهم قيده لأنّ حسبان الجاهل بالمعنى المعروف لا وجه له، والسيمي مقصورة العلامة الظاهرة. قوله: (وقيل: هو نفي للامرين كقوله الخ) في مثله طريقان مشهوران فتارة ينفي القيد دون المقيد وتارة ينفيان معا كقوله ولا شفيع يطاع، قال النحرير: وهذا إنما يحسن إذا كان لازماً للمقيد أو كاللازم لأنه يلزم من نفيه نفيه بطريق برهاني كما في البيت لأنه لو كان منار اهتدى به وهنا ليس كذلك فلذا استضعفوا هذا الوجه وقيل: عليه إنّ ما ذكره مسلم إن لم يكن في الكلام ما يقتضيه وهو كذلك هنا لأنّ التعفف حتى يظنوا أغنياء يقتضي عدم السؤال رأسا والشعر المذكور صدر بيت آخره: إذا ساقه العود الديافيّ جرجرا
وهو من قصيدة لامرئ القيس في ديوانه أوّلها:
سما لك شوق بعدماكان أقصرا وحلت سليمى بطن قرّفقرقرا
والديافي بدال مهملة مكسورة نسبة إلى دياف موضع والجرجرة صوت يردده البعير في حنجرته واللاحب بحاء مهملة الطريق الواضح والمنار ما يعلم به الطريق وما قيل: إنه عجز بيت صدره: سدا بيديه ثم أج بسيره
لا صحة له ونصبه إمّا على الحال أي ملحفين أو مصدر نوعي أو بفعل مقدر من لفظه. قوله: (أي يعمون الأوقات الخ) أي المراد بالليل والنهار جميع الأوقات كما أن المراد بما بعده جميع الأحوال وكونها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال السيوطي رحمه الله: لم
أقف عليه وكونه تصدّق بما ذكر رواه ابن عساكر في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها وكونها نزلت في ربط الخيل فهو سبب النزول وان لم يخص لكنه لا وجه لذكر السرّ والعلانية إلا بتكلف، وقوله: أي ومنهم الخ بيان لمحل التقدير والمقدر والا فالظاهر منهم بدون واو وفيها تقادير أخر. قوله: (أي الآخذون الخ) فعبر با! ل لكثرة وقوعه فيه وكثيرا ما يعبر به عن الأخذ بغير حق وهو زيادة في الأجل بسببه لأنه نفع أيضاً ولما في الربا من معنى الزيادة زيد فيه تفخيم ألفه ولذا كتبت واواً، وقال الفرّاء رحمه الله: إنهم تعلموا الخط من أهل الحيرة وهم نبط لغتهم ربوا بواو ساكنة فكتبت كذلك والتفخيم إمالة الألف نحو الواو. قوله: (إذا بعثوا من قبورهم الخ) هذا تفسير مأثور مشهور وبين أيضا بأنّ المرابي يقوم من قبره كمجنون مصروع بصفة يعرفه أهل المحشر بها عقوبة له، قاله قتادة: واختاره الزجاج رحمه الله وقيل: الناس إذا بعثوا خرجوا مسرعين، قال تعالى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا} [سورة المعارج، الآية: 43] والمرابي يسقط ولا ينهض كالزمن لثقله وكبر بطنه كما صرّج به في حديث الإسراء واختاره ابن قتيبة وقال ابن عطية: المراد تشبيه المرابي في حرصه وتحرّكه في اكتسابه في الدنيا بهذا كما يقال: لمن يسرع بحركات مختلفة قد جن قال:
وتصبح عن غبّ السرى وكأنما ألمّ بها من طائف الجن أولق