كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
وهو بعيد. قوله: (وهو وارد على ما يزعمون أليس هذا إنكارا للجن كما يزعم بعضهم بل الصرع ليس من الجن بل مرض كما ذكره الأطباء إلا أنهم قالوا: إنه قد يكون منهم أيضا ورووا فيه أحاديث كثيرة ذكرها في كتاب لقط المرجان في أحكام الجان، وقال الجياني: كون الصرع من الشيطان باطل لأنه يقدر عليه كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ} [صورة إبراهيم، الآية: 22] الآية، وكذا قال القفال: من الشافعية وفيه نظر. قوله: (والخبط الخ) يعني أنّ أصله ضرب متوال على أنحاء مختلفة ثم تجوّز به عن كل ضرب غير محمود كما قال خبط عشواء وقال زهير:
رأيت المناياخبط عشواءمن تصب تمته ومن يحيى يعمرفيهرم
والعشواء الناقة التي لا تبصر ليلاً ضرب به المثل لمن يفعل أفعالاً غير مستقيمة. قوله:
(على غير اتساق) أي انتظام في القدر وفيه إشارة إلى أنّ الجنون مأخوذ من الجن. قوله: (أي الجنون) يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا جن وأصله اللمس باليد فسمي به لأنّ الشيطان يمسه أو هو على تخيل واستعارة. قوله: (وهذا أيضاً من رّعماتهم) أي كما أنّ التخبط كذلك وقد تبع فيه الزمخشريّ، وقال ابن المنير: زعماتهم كذباتهم التي لا حقيقة لها كالغول والعنقاء، وهذا أيضاً من تخبط الشيطان بالمعتزلة الذين تبعوا الفلاسفة المنكرين لمعظم أحوال الجن وهم ملجمون بما في الأحاديث الصحيحة. قوله: (وهو متعلق بلا يقومون) بناء على أنّ ما قبل ألا يعمل فيما بعدها إذا كان ظرفاً كما في الدرّ المصون فلا يرد عليه أنه لا يصح من جهة العربية ومعاقبتهم بالإرباء من جنس العمل. قوله: (ذلك القعاب) أي القعاب بأرباء ما في بطونهم وعكس التشبيه بناء على ما فهموه أنّ البيع إنما حل لأجل الكسب والفائدة وهو في الربا متحقق وفي غيره موهوم ولذا جوّز أن يكون التشبيه غير مقلوب ولكن الله أبطل قياسهم بالنص على حرمته من غير نظر إلى قياسهم الفاسد وفي الكشاف أنه جيء به على طريق المبالغة إذ جعلوه أصلا في الحل مقيسا عليه، وقال ابن المنير: أنه خرح على طريقة قياس العكس فإنه متى كان المطلوب التسوية بين شيثين فقد يسوّي بينهما طرداً فيقول: الربا مثل البيع والربا حلال فهو حلال وقد يعكس فيقول: البيع مثل الربا فلو كان الربا حراما كان البغ حراما ضرورة المماثلة
أو يقول لما كان البيع حلالاً اتفاقا وجب أن يكون الربا مثله اص. قوله: (إنكار لتسويتهم الخ (
يعني أنه إشارة إلى ما عليه جمهور المفسرين من أنه جملة مستانفة من الله عز وجل ردّا على
القائلين بأنّ البيع مثل الربا وأنه قياس فاسد الوضمع لأنه معارض! للنص وفيه احتمال آخر، وهو
أن يكون من تتمة كلام الكفار إنكارا للشريعة وردّا لها أي مثل هذا من الفرق بين المتماثلات لا
يكون عند الله فالجملة حالية فيها قد مقدرة. قوله: (وعظ من الله الخ) تفسير لفظ ومعنى إشارة
إلى أنه مصدر ميمي وتذكيره لكونه بمعنى الوعظ. قوله: (وتبع النهي الخ) إشارة إلى أنه من
نهاه فانتهى. فإنه مطاوع أو بمعنى اتعظ وانزجر. قوله. (إن جعلت من موصولة الخ الأنه خبر
فهو معتمد وأمّا إذا كان جوابا فهو مبتدأ على رأي من يشترط الاعتماد، وكون المرفوع اسم
حدث ومن لا يشترطهما يجوز كونه فاعل الظرف. قوله: (وأمره إلى الله) اختلف في مرجع
هذا الضمير فقيل: هو ما سلف أي أمره في العفو عنه لله لا لكم فلا تطالبوه به وهو مختار
الزمخشريّ، وقيل: الربا أي أمره في التحليل والتحريم له لا لكم حتى تحتجوا لحله بالقياس
مع النص! وقيل: هو لصاحب الربا أي أمره في تثبيته على الانتهاء عنه إليه وهو مختار
السخاوي، وقيل: هو كذلك إلا أنه لتأنيه وبسط أجله في أنه يعوّضمه خيراً مما ترك واختار.
الزجاج والمصنف رحمه الله. قوله: (يجاز به الخ) قيده بالشرط لأنه إن كان لأمر آخر كخوف
من البشر لا جزاء له لكنه لا يؤاخذ به وقيل: يصح أن يقرأ إن كان بالفتح على المصدرية
والتعليل وهو تكلف لا داعي له. قوله: (وقيل: الخ) هو القول الثاني فتدبر. قوله: (إلى
تحليل الربا الخ) فيكفر بتحليله وهو ردّ على الزمخشريّ في تفسيره بمن عاد إلى الربا واستدل
به على تخليد مرتكب الكبيرة، وأمّا الجواب بأن تغليظ فخلاف الظاهر، وقيل: ألا يخفى أنّ
في قوله فله ما سلف نبوا عن جعل هذا جزاء الاعتقاد والاستحلال وأنّ المراد من