كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

جاءه موعظة
وانتهى عن أكل الربا فإنه إذا جعل النار جزاء الاستحلال بقي جزاء مرتكب الفعل غير مذكور
في الكلام مع أنه المقصود الأهمّ لأنه إذا كان جزاء الفعل الخلود فجزاء الاعتقاد الذي هو كفر
فوقه بخلاف العكس وردّ بأنّ ما يكفر مستحله لا يكون إلا من كبائر المحرّمات وجزاؤها
معلوم، ولذا لم ينبه عليه لظهوره. قوله: (يضاعف ثوابها) إشارة إلى أن يربي بمعنى يزيد
والزيادة لا تتصوّر فيها نفسها بل في ثوابها والمهر بضم الميم ولد الفرس الذكر. قوله: (ما
نقصت الحديث) إن قرئ بالتخفيف فمن مال صفة زكاة وان شددت فالظاهر أنّ من زائدة. قوله: (لا يرتضي ولا يحب الخ) أي لا يحبه أصلاً بل يسخط عليه كما أنّ من تاب بخلافه، وكل كفار يفيد عموم الإفراد وشمولها إذ لا فرق بين واحد وواحد، وقوله: منهمك في ارتكابه مأخوذ من صيغة فعيل المفيدة للمبالغة. قوله: (إن كنتم مؤمنين بقلويكم) فسره بهذا لأنه خاطبهم أوّلاً بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فلا حاجة حينئذ لهذا فأوّله بأنّ المراد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ظاهراً إن كان إيمانكم عن صميم القلب فافعلوا ما ذكر، وقد يؤوّل مثله بالثبات والزيادة كما مرّ والمحل بكسر الحاء المهملة مصدر بمعنى حلول الدين. قوله: (فاعلموا بها) أي الحرب لأنها تؤنث وتذكر واعلموا بمعنى أيقنوا كما قرئ به في الشواذ ولذا تعدى بالباء وابن عياس بمثناة تحتية وشين معجمة من القرّاء مشهور، وآذنوا بالمد بمعنى أعلموا، وقوله: من الأذن بكسر فسكون أو بفتحتين والمربي صاحب الربا والمعروف فيه مراب، وقوله: لا يدي لنا أي لا طاقة لنا بهذا يقال: ما لي بهذا الأمر يد ولا يدان أي لا طاقة لي به لأنّ المدافعة إنما
تكون باليد فكأنّ يده معدومة لعجزه عن دفعه، وتركيبه كقولهم لا أبا له بإقحام اللام لتأكيد الإضافة، قال ابن الحاجب: حذفت تشبيهاً له بالمضاف والارتباء فعل الربا وتثبيته، وقوله: ويفهم منه الخ فيه نظر لآنه إن جعل قوله: لا تظلمون حالاً لم يفد ما ذكر فتأمّل. قوله: (وإن وقع غريم الخ) أي فكان تامّة بمعنى يوجد أو ناقصة على القراءة الأخرى وهو ظاهر.
تنبيه: قوله: إلى تحليل الربا ردّ على الزمخشريّ لأنّ المراد من عاد إلى ما مرّ من أكل
الربا وتحليله وجعله مساوياً للبيع فيه ومن كان كذلك فهو كافر وتوهم الزمخشريّ أنّ المراد العود إلى أكل الربا فقط فاستدلّ به على تخليد الفساق وليس كذلك لأنه لا وجه لتخصيصه به فتأمّل. قوله: (فنظرة الخ) نظرة كنبقة وتسكن بمعنى انتظار وناظر مصدر أيضا أو بمعنى منتظر أو على النسب وميسرة بالضم كمشرقة، وقوله: بحذف التاء عند الإضافة أي بإقامة الإضافة مقامها وهذا ردّ على من اعترض على هذه القراءة بأنّ مفعلاً بالضم معدوم أو شاذ فأشار إلى أنه مفعلة لا مفعل وأجيب أيضاً بأنه معدوم في الآحاد وهذا جمع ميسرة، وقيل: أصله ميسروة فخفف بحذف الواو. قوله: (وأخلفوك الخ) أوّله:
إنّ الخليط أجدوا البين فانجردوا
الخليط العشير، وانجردوا بمعنى طال سيرهم وأصل عد الأمر فحذفت التاء للأضافة كما
في إقام الصلاة، وقوله: فيؤخره مرفوع معطوف على يحل والنفي منسحب على المجموع أي لا يكن حلول يعقبه تأخير والاستثناء مفرغ في موضع صفة رجل أو حال والمعنى كلما كان هذا كان ذاك ونصبه بتقدير أن ورفعه على أنه خبر مبتدأ أليس بذاك، وتفسير التصدق بالأنظار مع بعده ردّ بأنه علم مما قبله فلا فائدة فيه هنا، وقوله: ما فيه من ذكر الخ. المقصود به التحريض إذ هو مما لا يجهل، وقوله: جزاء ما عملت يشير إلى أنه على تقدير مضاف وكون هذه الآية آخر آية مذكور في كتب الحديث

الصفحة 347