كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

خفاء في أنه ليس من وضع المظهر موضع المضمر إذ ليست مذكرة هي الناسية إلا أن تجعل إحداهما الثانية في موقع المفعول ولا يجوز لتقدّم المفعول على الفاعل في موضع الإلباس نعم يصح أن يقال: فتذكرها الأخرى فلا بد للعدول من نكتة. (أقول) : قالوا إنّ النكتة الإبهام لأنّ كل واحد من المرأتين يجوز عليها ما يجوز على صاحبتها من الإضلال والإذكار والمعنى إن ضلت هذه أذكرتها هذه فدخل الكلام معنى العموم وأنه من وضع الظاهر موضع المضمر وتقدير فتذكرها، وهذا يدل على أن إحداهما الثانية مفعول مقدّم وإنما يمتنع التقديم إذا وقع الباس يغير المعنى فإن لم يكن الباس نحو كسر العصا موسى لم يمتنع، قال أبو البقاء رحمه الله: وهذا من هذا القبيل لأنّ الإذكار والنسيان لا يتعين في واحدة
منهما ومقتضاه أنه يجوز ذلك في نحو ضمارب موسى عيسى إذ لا يتغير المعنى فهو إجمال لا لب! وفي الكشاف من بدع التفاسير فتذكر فتجعل إحداهما الأخرى ذكرا يعني أنهما إذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر، وقد قيل: إنّ المضارع في جواب الشرط يقترن بالفاء من غير تقدير مبتدأ. قوله: (وسموا شهداء الخ) تقدم وجه آخر ولما كان السأم الملل وإنما يكون بعد المباشرة حمله أوّلاً على حقيقته وثانيا أوّله بالكسل فجعل كناية عنه وإنما كني عنه لأنه وقع في القرآن صفة للمنافقين كقوله تعالى: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [سورة النساء، الآية: 142] ولذا وقع في الحديث: " لا يقول المؤمن من كسلت وأنما يقول ثقلت " وتقديم الصغير هنا لم مرّ في آية الكرسي والمشبع بالباء الموحدة بزنة اسم المفعول مجاز بمعنى المطول، وقوله: صغيرا كان الحق ناظر إلى جعل ضمير تكتبوه للحق وما بعده إلى كونه للكتاب، وقوله: إلى وقت حلوله الخ وفي الكشاف إلى وقته الذي اتفق الغريمان على تسميته وقوله: إشارة إلى أن تكتبوه أي أو إلى المذكور مطلقاً. قوله: (وهما مبنيان الخ الما كان أقسط أفعل من القسط بمعنى العدل وفعله أقسط وأمّا قسط فبمعنى جار وكذا أقوم ليس من القيام الثلاثي أجاب بأنه من الأفعال وسيبويه رحمه الله يجيز بناء أفعل منه أو أنه على غير قياس شذوذ أو جواب آخر أنه ماخوذ من قاسط وقويم لا بمعنى اسم الفاعل لأنّ قاسطا بمعنى جائر بل بمعنى النسب كلابن وتامر فيكون اشتقاقا من الجامد كاحنك، وقال أبو حيان رحمه الله: قسط يكون بمعنى جار وعدل وأقسط بالألف بمعنى عدل لا غير حكاه ابن القطاع فلا حاجة لما ذكر وقيل: هو من قسط بوزن كرم صار ذا قسط أي عدل وقويم بمعنى بمستقيم، وقوله: وإنما صحت الواو يعني قيل: أقوم ولم يقل أقام لأنها تقلب في فعل التعجب نحو ما أقومه لجموده إذ هو لا يتصرف وأفعل التفضيل مناسب له معنى فحمل عليه وقيل: إنّ قوله لجموده ضميره لأفعل التفضيل أي لعدم تصرفهم في أفعل من الذي هو أصله وفيه نظر، وقوله: وأدنى الخ قيل: وهذا حكمة خلق اللوح المحفوظ والكرام الكاتبين مع أنه الغنيّ عن كل شيء تعليماً للعباد وارشاداً للحكام
وحرف الجرّ مقدر هنا فقيل: اللام وقيل: إلى وقيل: من وقيل: في ولكل وجهة. قوله: (استثناء عن الأمر بالكتابة الخ) في هذا الاستثناء قولان أحدهما أنه من الاستشهاد وهو متصل فأمر بالاستشهاد في كل حال إلا ني حال حضور التجارة والثاني أنه منه ومن الكتابة وهو منقطع أي لكن التجارة الحاضرة يجوز فيها عدم الاستشهاد والكتابة كذا في الدر المصون والمصنف رحمه الله جعله من الأمر بالكتابة في قوله: أوّل الآية فاكتبوه لذكر الإشهاد بعده فهو متصل، وقوله: وليكتب إلى هنا جمل معترضة فلا فصل ولا بعد وفسر التجارة الحاضرة بالواقعة بينهم أعمّ من أن تكون بدين أو عين والإدارة بكونها يدا بيد ليكون تأسيسا وهو محصل ما في الكشاف ولا غبار عليه وقوله: إلا أن تتبايعوا بيد بيان لمحصل المعنى، وقوله: فلا بأس تفسير عدم الجناح ووقع في نسخة إلا تتبايعوا بدون أن والصحيح روأية ودراية الأولى وهذه من تحريف الكتبة فلا حاجة إلى تكلف توجيهها. قوله: (والاسم مضمر تقديره الخ) قدره غيره المداينة والمعاملة وعليه فالتجارة مصدر لئلا يلزم الإخبار عن المعنى بالعين وجعله المصنف رحمه الله كالزمخشريّ والقراء ضمير التجارة والخبر يفسره والضمير يعود على متأخر لفظا ومعنى ومثله جار في فصيح الكلام

الصفحة 350