كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
وسلم واللسان والملك الخ والشاهد والشهيد لا فرق بينهما لمن له بصيرة
ولعدم اشتهار وهذا كغيره بينه المصنف رحمه الله بقوله وكأنه الخ وليس هذا مخصوصا به لجريانه بعينه في الناصر، والنوادي بالنون والدال المهملة جمع ناد وهو كالندي المجلس الغاصن! أي الممتلئ بأهله، والإبرام فصل القضايا على وجه الأحكام وأصله قتل الحبل قتلاً قوياً، وقال الراغب: المبرم الذي يلح ويشدّ في الأمر تشبيهاً له بمبرم الحبل وفي كلام العوام الإبرام يحصل المرام. قوله: (إذ التركيب للحضور الخ) الحضور مصدر كالمحضر المعاينة حقيقة أو حكماً، وهذا تعليل لقوله كأنه أو لكون الشهيد بالمعاني السالفة والحضور بالذات والشخص ظاهر كما يقال شهدت كذا إذا كنت عنده وبالتصوّر هو العلم " لأنه حصول الصورة او الصورة الحاصلة عند العقل أو في العقل وهذا كما في قوله: {لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ وأنتا تشهدون} [سورة اس عمرأن، الآية: 70] أي تعلمون والشهيد فعيل بمعنى فاعل لأنه حاضر ما كان يرجوه في حياته من السعادة الأبدية أو بمعنى مفعول لأن الحور العين تحضره أو الملائكة تكريماً له وتبثيراً بالرضوان كما قال تعالى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [سورة فصلت، الآية: 30] والمعروف فيه أنه من قتل في حرب الكفار وكانت مقاتلته إعلاء لكلمة الله وهو شهيد الدنيا والآخرةإ1) فإن لم يقاتل لوجه الله وقتل فهو شهيد الدنيا، وأمّا شهيد الآخرة فهو الغريق والمبطون ونحوه مما ورد في الحديث، وتسميته شهيداً لأن له أجره عند الله كما فصل في كتب الحديث، وقوله ومنه الخ من تبعيضية أي مما أخذ من هذه المادّة للدلالة على هذا المعنى وقيل إنها سببية أي لأجل أنّ هذا التركيب للحضور ذاتاً أو تصوّراً قيل الخ لأنه حضر ما يرجوه من النعيم فهو من الحضور بمعنى التصوّر أو الملائكة عنده حضور فهو بمعنى مفعول من الحضور الذاتي. قوله: (ومعنى دون أدنى الخ) دون يكون ظرف مكان في الأمكنة المتفاوتة والمتقاربة كعند إلا أنه ينبئ عن دنوّ وانحطاط ولذا قيل إنه مقلوب عن الدنوّ كما ذكره الراغب ولا يخرج عن الظرفية إلا نادراً كقوله:
ألم تريا أني حميت حقيقتي وباشرت حد الموت والموت دونها
برفع دون، والى ما ذكر من الدنوّ أشار المصنف رحمه الله بقوله أدنى مكان كما في الكشاف وغيره فبين دون والدنوّ مناسبة معنوية واشتقاق كبير من غير حاجة لادعاء القلب
فيه بل لا يصح لاستوائهما في التصرّف وأدنى أفعل تفضيل بمعنى أقرب، وأخر المصنف رحمه الله هنا قول الزمخشريّ ومنه الشيء الدون وهو الدنيء الحقير لما سيأتي ولم يتركه كما توهم لأنّ الدنوّ ليس مأخوذ من دون إذ كل منهما أصل والدنيء مهموز وليس من تركيب دون بوجه من الوجو. لأنه غفلة عما ذكر وعن أنّ الدتي في كلام الكشاف كغنيّ معتل لا مهموز وأما دنيء المهموز كربيء فمادة أخرى وهما مادّتان مختلفتان لفظاً كما في سائر تركيب كتب اللغة والذي غرّه ما في شرح الكشاف الشريفي وهو معترض أيضاً. قوله: (ومنه تدوين الكتب الخ) تبع فيه الزمخشريّ والذي حقق في كتب اللغة كما في كتاب المغرب أنّ التدوين مأخوذ من الديوان وهو فارسيّ معرّب إلا أنه لما شاع قديما تلاعبوا به فصرّفوه وقالوا دوّنه تدوينا والديوان بكسر الدال وفتحها الدفتر ومحله ومنه ديوان الشعر وأصله أنّ كسرى أمر الكتاب أن يجتمعوا في مكان للحساب فلما اجتمعوا اطلع عليهم فرأى سرعة كتابتهم وحسابهم فقال ديوانه أي هؤلاء مجانين أو شياطين على أنه جمع ديو على قياس الفارسية ثم سمي به موضعهم، ومنه ديوان الحق للمحشر فلما استعمله العرب كثيراً ألحقوه بكلامهم وتصرّفوا فيه كما هو دأبهم فقوله لأنه إدناء الخ لا وجه له إلا بتكلف وقد نبه على هذأ في بعض الحواشي. قوله: (ودونك الخ) إشارة إلى أنّ أصله خذه من دونك، وقال الرضي: دونك بمعنى خذ وأصله دونك زيد برفع ما بعده على الابتداء فاقتصر من الجملة على الظرف وكثر استعماله فصار اغ! م فعل بمعنى خذ وعمل عمله، وقوله من أدنى مكان أي أصله خذه من أدنى مكان وأقربه ثم عمّ لكل أخذ كما صرّح به النحاة فلا منافاة بينهما، وقوله ثم استعير للرتب الخ الضمير راجع لدون في أوّل! كلامه لا لما قبله وفي الكشاف ومعنى؟ ون مكان من الشيء ومنه الشيء الدون وهو الدنيء الحقير ثم قال: يقال