كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

التنبيه واجتماع التعريفين في النداء وأل، وقوله وكل الخ كل مبتدأ خبره حقيق وما بينهما اعتراض والجملة حالية للتعميم وتتميم التعليل، ولفظ آكد بالمد أفعل تفضيل من التأكيد بالهمزة ويقال من التوكيد أوكد وقوله كثرهم أحسن من قول الزمخشريّ وهم عنها غافلون فلا تغفل. قوله: (والجموع وأسماؤها الخ) الجمع ما دلّ على أكثر من اثنين واسم الجمع مثله إلا أنه اشتراط فيه أن يكون علئ صيغة تغلب في المفردات سواء كان له واحد أم لا ومنه الناس كما بيناه والمحلاة بالتشديد بمعنى الداخلة عليها لام التعريف ولما أفادته التعريف واتصلت بأوّله جعلت لفظا كأنها حلية وزينة له استعارة لشيوعها صارت كالحقيقة وقيد إفادتها العموم بعدم إرادة العهد الخارجيّ لأنه المتبادر من التعريف الموضوع للتعيين ثم الاستغراق لأنه حيث لا عهد لا ترجيح لبعض أفراده على بعض فيتناول الجميع، وهذا في الجموع أقرب وأقوى كما في التلويح. ثم إنه استدلّ على العموم بصحة الاستثناء فإنه استفاض في العامّ حتى جعل معياره فلا يكون حقيقة إلا فيه كقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ} [سورة الحجر، الآية: 42، وقد اختلفوا في أنه إذا لم تكن للعهد هل الأولى حمله على الجنس والعهد الذهني المتيقن أو على الاستغراق لأنه أكثر وأفيد وكلام المصنف ينظر للأخير، وقد قيل على قولهم إنّ الاستثناء يدلّ على العموم أنّ صحة الاستثناء موقوفة على العموم أيضا فيلزم الدور وأيضا الاستثناء يكون في الخاص كاسم العدد نحو له عليّ عشرة إلا ثلاثة والإعلام كضربت زيدا إلا رأسه وصمت رمضان إلا عشرة الأخير فلا يتمّ هذا المدعي ودعوى أكثرية غير مسموعة، وأجيب بأنّ العلم بالعموم يثبت بوقوع الاستثناء في كلامهم ووقوعه يدلّ على وجود العموم لا على العلم به فلا دور والاستدلال ناظر للاستعمال وأمّا النقض المذكور فدفع بأنّ ما ذكر عامّ تأويلا بتقدير جمع معرّف بالإضافة كأعضاء زيد وأيام الشهر، ونحوه الاستدلال بالتأكيد لأنه لو لم يكن عامّاً كان التأكيد تأسيسا والاتفاق على خلافه واستدلال الصحابة شائع وله أمثلة ذكرها الأصوليون كقولهم يوم السقيفة الأئمة من قريش رذا على الأنصار في القصة المشهورة. قوله: (فالناس يعئم الموجودين الخ) هذا هو المسمى بالخطاب الشفاهي عند الأصوليين، وهو ما يدل على الخطاب وضعا كالنداء وبعض الضمائر نحو يأيها الناس قالوا وليس خطاباً عاتا لمن بعد الموجودين في زمن الوحي أو لمن بعد الحاضرين مهابط الوحي والأوّل هو الوجه وإنما يثبت حكمه بدليل آخر من نص أو قياس أو إجماع وأئا بمجرّد اللفظ والصيغة فيما لم يكن مخصوصا كيأيها النبيّ فلا وقالت الحنابلة بل هو عامّ لمن بعدهم ولنا أنا نعلم أنه لا يقال
للمعدومين نحو: يا أيها الناس قال العضد رحمه الله وانكاره مكالرة وإذا امتنع خطاب الصبيّ والمجنؤن بنحوه مع وجودهم لقصورهم فالمعدوم أجدر، وهم قالوا: ولو لم يكق الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطباً به فمن بعدهم لم يكن مرسلاً لهم وردّ بأنّ التبليغ لا يتعين أن يكون مشافهة فيكفي أن يحصل للبعض شفاهلاولمن بعدهم بأدلة تدل على أنّ حكمهم حكمهم كما تقرّر في الأصول وفي شرح العضد للمحقق التفتازانيّ القول بعموم الشفاهي وان نب إلى الحنابلة ليس ببعيد وقد قال الشارح العلامة أنه المشهور حتى قالوا إنّ الحق أنّ العموم علم بالضرورة من الدين المحمديّ وهو الأقرب وقول العضد رحمه الله أنّ إنكاره مكابرة حتى لو كان الخطاب للمعدومين خاصة أمّا إذا كان للموجودين والمعدومين على طريق التغليب فلا ومثله فصيح شائع وكل ما استدلّ به على خلافه ضعيف. انتهى وهذا بعينه ما اختاره المصنف رحمه الله وأشار إليه بقوله لما تواتروا الخ، واليه ذهب كثير من الشافعية في كتبهم الأصلية على أنه عندهم عام بحاق لفظه ومنطوقه من غير احتياج إلى دليل آخر وقد قيل إنه من قبيل الخطاب العامّ الذي أجرى على غير ظاهره كما في قوله:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت كرمت اللئيم تمرّدا
فمن أرجع كلام المصنف إلى ما ذهب إليه العضد وأشياعه وقال في شرحه إنه يريد أنه
يعمّ من

الصفحة 4