كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

والتقريع اللوم الشديد وقد مرّ بيان مأخذه والوعيد من قوله ة {فَاتَّقُواْ} الخ وكون السورة أقصر سورة مع تنكيرها لأنه أقل ما يصدق عليه، وعجزهم مع تهالكهم أدل دليل على ذلك والمهج جمع مهجة والمراد بها النفس هنا والجلاء بالكسر والمد
ترك الوطن والرحلة عنه. قوله: (والثاني تضمنهما الخ) هذا من قوله: {وَلَن تَفْعَلُواْ} النفي ما
في المستقبل حالاً وقد تحقق انتفاؤه وهذا وإن كان من الآية الثانية لكن لما كان المرإد من
{وَلَن تَفْعَلُواْ} الإتيان بتلك السورة وهو إنما يتضح بقرينة الأولى نسبه إليهما وقد أعترض! عليه
بان عجز طائفة مخصوصة لا يدل على عجز كل من عداهم في المستقبل فصدق الأخبار إنما يعلم بعد انقراض الأعصار كلها؟ جوابه يعلم مما ذكر. من اشتهارهم بالفصاحة وكونهم فرسان ميدان البلاغة الذين لا يمكن أن يدانيهم أحد في ذلك فإذا عجز مثلهم علم عجز غيرهم قطعاً وأمّا كونه خطاب مشافهة مختصأ بالموجودين ف! ذا انقرضوا علم صدقه فليس بشيء ولما ورد عليه أنه لا يلزم من عدم العلم بشيء عدمه دفعه بقوله فإنهم لو عارضوه إلى آخره. قوله:) سيما والطاعنون فيه الخ) الطعن هو القدح في الشيء بإسناد ما هو معيب إليه بزعمه، والذت بمعنى الدفع ويرد عليه أنه حذف لا من سيما وأتى بالواو بعدها وقد نص النحويون على عدم جوازه وأنه خطأ، وفي شرح التسهيل للدمامينيّ بعد ما ذكر أن سيّ بمعنى مثل وما زائدة أو موصولة وما بعدها أولى بالحكم وليس بمستئنى خلافا للنحاس والزجاج والفارسيّ وغيرهم من أهل العربية ووجهه أنه يخرج عما قبله من حيث أولويتة بالحكم المتقدم ويقال لا سيما بتخفيف الياء وما يوجد في كلام المصنفين من قولهم لا سيما والأمر كذا تركيب غير عربي، وقال أبو حيان: عا يوجد من كلاع! المولدين من قولهم سيما بحذف لا لا يوجد إلا في كلام من لا يحتج بكلامه وسيّ منصوب على أنه اسم لا انتهى. (أقول) هذا محصل ما ذكره في باب الاستثناء وما ذكر من الشخطئة سبقه إليه كثير من النحاة لكنه غير مسلم، أمّا حذف لا فقد حكاه الرضي وقول الدمامينيّ، إني لم أقف عليه لا يسمع مع نقل الثقة وأمّا وقوع الجملة المقترنة بواو الحال بعدء فقد قال ابن الصائغ ومن خطه نقلت أنهم منعوه وقد وجدت في كلام السخاويّ في شرح المفصل ما يقتفي جوازه. قال: إذا وقعت الجملة بعد لا سيما كقولك فلان مستحق لكذا لا سيما وقد فعل كذا فما كافة لسيّ عن الإضافة كربما يودّ والجملة في موضع الحال انتهى. وهو في غاية الظهور، وأيّ مانع من حذف لا مع القرينة الدالة عليها وقد ذكروا وقوع الحال بعدها وجوّزوا فيئ ما أن تكون كافة كما صرّح به المعترض ومع هذا كيف يكون مثله خطأ ومن هنا علمت أنّ قوله قدس سرّه في شرح قول صاحب المواقف لا سيما والهمم قاصرة قوله والهمم! اصرة جملة مؤوّلة بالظرف نظرا إلى قرب الحال من ظرف الزمان فصح وقوعه! صلة لما، وهذا من قبيل الميل إلى المعنى والإعراض عما يقتضيه اللفظ بظاهره
أي لا مثل انتفائه في زمان قصورا لهمم انتهى تكلف بارتكاب ما لا يليق بالعربية ولبعض الناس هنا كلام تركه خير من ذكره. قوله: (والثالث أنه عليه الصلاة والسلام ايخ) يعني أنه عليه الصلاة والسلام قد علم من حاً له أنه أعقل الناس وأصدقهم لهجة فإذا بالغ في دعواه للمعارضة
من غير مبالاة علم تيقنه لحقية ما عنده وهذا استدلال مبنيّ على ظاهر الحال لا برهان عقليّ حتى يقال عليه إنّ عدم شك المدعي في دعواه لا يصير دليلاً على صحة مدعاه لجواز أن يكون جزمه غير مطابق للواقع كما توهم، ونحوه ما قيل إنه إنما يدلّ على صحة نبوّته لو ثبتت عصمته عن الخطأ وهو فرع ثبوت نبوّته فإثباته به مصادرة والمصنف رحمه الله تبع الإمام فيه وصاحب الكشاف لم يتعرّض له لذلك ؤشدبر، وقوله فتدحض بدال وبحاء مهملة وضاد معجمة مرفوع أو منصوب وهو إمّا مضارع دحض يدحض كسأل يسأل بصيخة المبنيّ للفاعل أو مضارع أدحض مزيده مبنيا للفاعل أو المفعول، والحجة الداحضة الزائلة يقال أدحضت فلانا في حجته فدحض وأدحضت حجته فدحضت وهو استعارة من دحض الرجل وهو زللها، ثم شاع حتى صار حقيقة فيما ذكر وقوله دل على أنّ النار مخلوقة معدة الآن كون النار والجنة موجودتين الآن مذكور في كتب الكلام مقرّر

الصفحة 55