كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
والتنشيط التحريك والتحريض وهو ناظر للترغيب
كما أنّ التثبيط ناظر للترهيب، وقوله: فيعطف بالنصب لعطفه على يجب والمعطوف على هذا مجموع قوله وبشر إلى قوله فيها خالدون أو مضمونه، والمعطوف عليه من المجموع أو المضمون أيضا الظاهر أنه قوله: {وَإِن كُنتُمْ} في ريب الخ لا قوله: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ} الخ كما قاله التفتازانيّ ولا قوله: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} كما قيل حتى يرد عليه أنه جواب سؤال نشأ من قوله: {فَاتَّقُواْ} الخ والمعطوف لا يثاوكه فيه فيدفع بأنه مع قطع النظر عن السؤال والجواب ونظرا لحال المتقابلين وإنما اختير هذا للقرب ولا يخفى ما فيه وقوله من أمر أو نهي الظاهر أن يقول من إنشاء كما لا يخفى. قوله: (أو على فائقوا الخ) عطف على قوله على الجملة بإعادة الجارّ لما في حذفه من خفاء العطف، وقد ضعف هذا بوجهين الأوّل إنّ {فَاتَّقُواْ} جواب الشرط وهذا لا يصلح له فكيف يعطف عليه لأنه أمر بالبشارة مطلقاً لا على تقدير إن لم تفعلوا، والثاني أنه يلزمه عطف أمر مخاطب على أمر آخر وهو إنما يحسن إذا صرّح بالنداء وقد قيل إنه ممتنع وردّ بقوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} [سورة يوسف، الآية: 29] فهو جائز حيث لا لبس كما سيأتي. قوله: (لآنهما إذا لم يأتوا بما يعارضه الخ) توجيه لهذا الوجه بما يدفع ما أورد عليه مما مرّ آنفاً وفيه إشارة إلى ما قدّمه من أن الجزاء وهو فاتقوا أقيم مقام لازمه وهو ظهر أنه معجوز التصديق به واجب فآمنوا به واتقوا العذاب المعدّ لمن كذب فالمناسبة بين المعطوف والمعطوف عليه أن كلا منهما يقتضيه الكلام فهو من عطف أحد المقتضيين لشيء على الآخر، وقريب منه ما قيل من أنّ تبشير المصدقين كإنذار المنكرين مترتب على عدم معارضة الكفرة إذ حينئذ يثبت كون القرآن معجزاً ويتحقق صدق النبيّ صلى الله عليه وسلم ويكون تصديقه سبباً للبشارة ونيل الثواب كما أنّ إنكاره كان سبباً للإنذار والعقاب، وأيضا مآل المعنى: {فَاتَّقُواْ النَّارَ} واتقوا ما يغيظكم من جنس حال أعدائكم فأقيم وبشر مقامه تنبيهاً على أنه مقصود في نفسه أيضا لا لمجرّد غيظهم فقط وهذا القدر من الربط المعنويّ كاف في عطفه على الجزاء وان لم يكف في جعله جزاء ابتداء إلا أنه قيل إنّ فيه انفكاك النظم والاستدعاء وان سلم لا يدفع السؤال لأنّ " الكلام في صحة التركيب وصلاحية ما عطف لكونه جوابا كالمعطوف عليه ومجرّد ما ذكر لا يتمّ به المراد وذكر بشر وارادة واتقوا ما يغيظكم الخ لا يصح حقيقة ولا مجازاً ولا كناية وسيأتي ما فيه وما قيل من أنّ المقصود هنا العطف اللفظي الذي يحصل به التشاكل لا المعنويّ المشرك في الحكم وهو نظير ما قالوه في قولهم أنت أعلم ومالك مما لا ينبغي أن يحل بساحة التنزيل وفي كلام السفاقسيّ ما هو أغرب وأعجب، وحاصل ما ذكر من التوجيه بعد ظهور اتفاقهما في الإنشائية وعدم المانع اللفظي أنّ ما ذكر من المانع المعنوي مدفوع فإن اتقوا النار وعيد وانذار لمن أعماه الله عن ساطع نور الإعجاز وبشر الخ وعد لمن آمن به وبينهما أتمّ مناسبة بحسب المعنى إلا أنه ينبو عن الجوابية إذ لا يرتبط به
لحولك إن لم تفعلوا فبشر الخ ولا يخفى انفكاكه لكن تبشير من سواهم باختصاصه بالجنة متضمن حرمان هؤلاء منها فيصير التقدير إن لم تفعلوا فاتقوا النار، ولينعم على غيرهم ويحرموا
، اتحاد الفاعل ليس بلازم وأن حسن فقد يغتفر في التابع كما في رب شاة وسخلتها وهذا معنى.، مز في التوجيه، وزادوا عليه أنه إذا نظر لمآل المعنى اتحد الفاعل وصاو تقديره اتقوا عثرة ما لعيظكم، وقوله: إنه لا يدل عليه بطريق من طرق الدلالة ممنوع فإنه يدلّ عليه التزاما فيجوز أن لكون كناية أو مجازأ وفي المعنى أنه قد كلم أنهم غير المؤمنين فكأنه قيل فإن لم يفعلوا فبشر نحرهم بالجنات ومعناه فبشر هؤلاء المعذبين بأنهم لا حظ لهم في الجنة، وهذا جواب عن الإيراد الأوّل وهو بعينه ما ذكره المصنف رحمه الله هنا أوّلاً، وأمّا الثاني فقيل إنّ في كلام المصنف جوابه أيضا بأنه إنما يلزم إذا تغاير مخاطبا الأمرين صورة ومعنى وهو هنا ليس كذلك، نهما متحدان معنى فإنّ المراد بالذين آمنوا الذين عجزوا عن المعارضة فصدّقوه وآمنوا كما اضار إليه بقوله ولم يخاطبهم الخ فلما اتحدا معنى صح العطف من غير تصريح بالنداء ولا لخفى ما فيه من التكلف والتبرّع بما لا يملك لمن لا يقبل فإنّ ما ذكره ليس في كلام