كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
المصنف ما يدلّ عليه بل هو صريح في خلافه ثم إنّ- وله: تغاير مخاطبا الأمرين صورة ومعنى غير صحيح فالظاهر أن يقول إذا تغايرا معنى واتحدا صورة لأنه محل الإلباس المقتضي للتصريح لالنداء والحق أن المصنف نم يتعرّض له لأنه غير لازم إذا تغايرا معنى وصورة كما في قوله يعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} [سورة يوسف، الآية: 29] وما نحن فيه كذلك لأنّ الأوّلط جمع والثاني مفرد وسيأتي تصريحهم بجوازه واختار صاحب الإيضاح عطفه على أنذر مقدراً بعد جملة أعدت وقيل إنه معطوف على قل مقدرأ قبل يأيها الناس، وأورد عليه أن قوله مما نزلنا على عبدنا لا يصلح مقولاً للنبيّ صلى الله عليه وسلم إلا بتكلف وقد تكلف له بأنه أجرى على طريقة كلام العظماء أو التقدير قل قال الله الخ، وقيل يقدر قل قبل: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ} ، ثم إنه لل إنّ الأنسب في توجيه العطف على فاتقوا أن يقال إنّ جزاء الشرط المذكور في الحقيقة فامنوا على المختار فأقيم اتقوا مقامه لنكتة فالمعنى إن لهأ تأتوا بسورة فآمنوا وبشر يا محمد الذين آمنوا منهم بالجنة أي فليوجد منهم الإيمان ومنك البشرى، فالذين آمنوا وضع موضع الضمير أي وبشرهم بالجنة إن آمنوا وفيه حث لهم على الإيمان وبجوز أن يكون على نحو قول القائل يا زيد إن تعرف صفة الكتابة فاكتب لي هذا الكتاب وأعط أجر كتابته على أن يكون المراد وأعط يا عبدي الخ وهو بمراحل مما قالوه، وما ذكره آخرا مما يقتضي منه العجب ولولا أن يظن في السواد رجال ضربت عنه صفحا. قوله: (وإنما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام الخ) الخطاب في أصل وضعه يكون لمعين فعلى هذا هو الرسول وهو الأصل المتبادر ولذا ندموه، وقد يترك الخطاب لمعين ويجعل لكل من يقف على الحال لنكتة كالتهويل والتعظيم
وغيره مما يليق بمقامه فإن كان الضمير موضوعا لجزئيّ بوضمع كليّ كما ارتضاه المحققون فهو مجاز والأفقي كونه حقيقة أو مجازاً كلام ليس هذا محله وعلى العموم فهو كل من يقوم مقامه من العلماء أو كل من يقدر عليه من أمته، ويوافقه قراءة بشر مجهولاً ولما خاطب الكفار بالإنذار بقوله: {وَاتَّقُواْ} ولم يخاطب المؤمنين بالبشارة وجه بأنه لتفخيم شأنهم فإنّ من حدث له ما يسرّه قد ينادي لإعلامه وقد يرسل إليه الخبر والثاني فيه تعظيم له كما لا يخفى ومن قال إنه لتغيير الأسلوب لم يأت بشيء، وأمّا كونهم أحقاء بالبشارة فالظاهر أنه على التعميم وبحتمل تخصيصه لأنّ من بشره مثل البشير النذير حقيق بذلك لأنه لا يبثر مر، لا يستحق لا سيما والآمر له رت الأرباب ويحتمل أنه أنذرهم لعدم قبولهم ذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بخلاف غيرهم من المصدقين المذعنين للحق ثم إنّ النكات لا تتزاحم كما قيل فاقسم لكل محل ما يليق به فإنّ للزند حليا ليس للعنق فقد يكون الخطاب تعظيماً كتخصيص الرئيس بعض جلساته بالخطاب وقد يكون تحقيراً ولذا عد خطاب الملوك من ترك الأدب فلا وجه لما قيل من أنّ الله إذا خاطبهم بالبشارة كان التعظيم فيه أقو! والإيذان بأنهم أحقاء بأن يبثروا أظهر، والمصنف رحمه الله غير عبارة الكشاف فوقع فيما وقع. قوله: (وإ-لذاناً بأنهم أحقاء الخ) الإيذان الإعلام والأحقاء بالمدّ جمع حقيق بمعنى قويّ الاستحقاق وجدير به ويهنؤوا مضارع مجهول من هنأه بكذا والمراد به هنا البشارة أيضاً وهي في العرف قول دالّ على أن ما سرّه قد سرّه كالتهنئة بالأعياد والأولاد كما في قول المتنبي:
إنما التهنئات لد فاء
وقوله: فيكون استئنافاً عينه لأنه لا يصح غيره أو لا يظهر كالحالية وهو استئناف نحويّ
وقيل بيانيّ بتقدير سؤالين أي لمن أعذت وما أعدّ لغيرهم وهو تكلف لا حاجة إليه وأمّ كون الواو استئنافية في هذا أو فيما قبله فلا وجه له وقيل: توجيه العطف أن يجعل وبشر الذين الخ بمعنى أعدت الجنة للمؤمنين، والأولى أنه خبر بمعنى الأمر لتتوافق القراءتان ولا حاجة داعية لما ادّعاه. فإ اط قلت الإيذان بكونهم أحقاء بما ذكر إنما حصل بتوصيف المبشرين بالإيمان والعمل الصالح والجطاب بالبشارة لا ينافي ذلك التوصيف قلت: أمر الرسول غتي! ببشارة من اتصف بما ذكر يدل على تحقق تلك الصفة فيهم وكونهم أحقاء بذلك حينئذ أظهر. قوله: (والبشارة الخبر الساز الخ) هذا هو الصحيح وقيل: إنها في اللغة مطلق الخبر لكنها غلبت في الخبر