كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

أيضاً لابتنائها على التشبيه وقد صرّح به الشيخ في دلائل الإعجاز فقال: اعلم أنه لا يجوز أن يكون سبيل قوله:
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه
سبيل قولهم عتابه السيف وذلك لأنّ المعنى في بيت أبي تمام أنك تشبه شئا بشيء لجامع بينهما في وصف وليس المعنى في عتابه السيف على أنك تشبه عتابه بالسيف ولك أن تزعم أنه يجعل السيف بدلاً من العتاب ألا ترى أنه يضح أن تقول مداد قلمه قاتل كسم الأفاعي
ولا يصح أن تقول عتابه كالسيف اللهمّ إلا أن يخرج إلى باب آخر ليس غرضهم بهذا الكلام فتزيد أنه قد عاتب عتابا خشنا مؤلما ثم إنك إذا قلت السيف عتابه خرجت به إلى معنى حادث وهو أن تزعم أنّ عتابه قد بلغ في إيلامه وشدة تأثيره مبلغا صار له السيف كأنه ليس بسيف انتهى. وقد بسطناه في محل آخر وليس الشيخ أبا عذرته فإنه مصرّج به في باب الاستثناء من كتاب سيبويه وغيره وقد نبه عليه السكاكي أيضا في قسم الاستدلال وفصله العلامة الزمخشرقي لي تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [سورة الشعرأء، الآية: 88] كما سيأتي إن شاء الله تعالى ثمة. وإنما حققناه هنا لأنّ كثيراً من المصنفين لما لم يعرفوه اضطرب فيه كلامهم فتارة تراهم يجعلونه تشبيها وتارة استعارة حتى أنّ بعض م رباب الحواشي اعترض هنا على المصنف رحمه الله في عطفه بأو وقال إنّ الراغب جعلهما شيئا واحدا والمصنف غير كلامه فأخطأ فيه فكان كما قيل:
إذا محاسني اللاتي أدلّ بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
وممن لم يقف على مراده من قال الفرق بين الوجهين في كلام المصنف إنّ الثاني لا تهكم
فيه وخبط بعضهم في الفرق بينهما خبط عشواء فلا فائدة في ذكر كلامه. قوله: (تحية بينهم ضرب وجيع) هو من قصيدة طويلة لعمرو بن معد يكرب ذكرت بتمامها في المعلقات وأوّلها: أمن ريحانة الداعي السميع تؤرّتني وأصحابي هجوع
وسوق كتيبة دلفت لأخرى كان زهاءها رأس صليع
وخيل قددلفت لهابخيل تحية بينهم ضرب وجيع
ومنها:
إذالم تستطع شيئافدعه وجاوزه إلى ما تستطيم
وصله بالزماع فكل أمر سمالك أو سموت له ولوع
الخ.
والخيل معروفة ولا واحد لها من لفظها والجمع خيول وتطلق على البراذين والعراب، ويتجوّز بها عن الفرسان كثيراً وفي الحديث: " يا خيل الله اركبي " وسميت خيلا لاختيالها، والمراد هنا المعنى المجازي ودلفت بمعنى دنوت وقت مقابلتهم للحرب من دلف إذا أنصب فهو بمعنى شنت الغارة والتحية ما يحيي له أحد المتلاقيين الأخر كالسلام ونحوه، وجعل
الضرب هنا تحية لما عرفته، وأضافه للبين توسعا أي ما يقع بينهم من التحية ويحتمل أن يكون البين بمعنى الفراق بجعل الضرب بمنزلة سلام الوداع بينهم وهو حسن. قوله: (من الصفات الغالبة الخ) الصالحة في الأصل مؤنث الصالح اسم فاعل من صلح الشيء صلوحا وصلاحا خلاف فسد ثم غلب على ما ذكره المصنف رحمه الله فأجروه مجرى الأسماء الجامدة في عدم جريه على الموصوف وغيره من أحكام أسماء الأجناس الجامدة كما في البيت المذكور والحطيثة بالحاء والطاء المهملتين مصغر وفي آخره همزة، واسمه جرول بن أوس بن حرملة بن مخزوم بن مالك الغطفاني والحطيئة من حطأته إذا لطمته لقب به لقصره وحقارة منظره، وقيل لأنّ رجله كانت محطوة أي لا أخص له وقيل غير ذلك وكان أدرك خلافة عمر رضي الله عنه ولم يسلم وبنو لأم طائفة من قبيلة طمئ والبيت المذكور من شعر له وهو:
كيف الهجاءوماتنفك صالحة مض آل لاًم بظهرالغيب! أتيني
جادت لهم مضر العليا بمجدهم وأحرزو! مجدهم حينا إلى حين
أحمت رماج بني سعد لقومهم مص إعي ا! حمر وا! ط ن والمجن

الصفحة 60