كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

فيها أو مجموعهما وفيه ونظر لأنه بين البستان بقوله من النخل والشجر يعني ما أريد به من أحد معنييه فإن قيل من اتصالية لا بيانية فارتكاب لما هو في
عاية البعد من غير احتياح إليه، وقوله لما فيه الخ بيان للمناسبة في إطلاقه أو للعلاقة فإن كان اسماً للأرض فقط فمن إطلاق الحالّ على المحل وإن كان للمجموع فمن إطلاق الجزء على الكل وفيه محتمل لهما، والمتكاثفة بمعنى المتلاصقة الملتفة لكثرتها مستعار من الكثافة المقابلة المطاقة والرقة يقال ماء كثيف وشجر كثيف كما قال أمية:
وتحت كثيف الماءفي باطن الثرى ملائكة تنحط فيه وتصعد
قوله: (ثم دار الثواب لما فيها الخ) دار الثواب هي الدار الآخرة، وهي في مقابلة الدنيا
التي هي دار التكليف، والنار التي هي دار العقاب وهو منقول إليها لأنه حقيقة شرعية وهو المتبادر منها حيث ذكرت وبين المناسبة بيته وبين المنقول عنه بوجهين، والجنان بالكسر جمع حمنة بمعنى أرض ذات أشجار وحدائق أو أشجار أو لما فيها من النعيم الذي لا عين نظرت ولا ادن سمعت ولا خطر على قلب بشر مما هو مغيب ومستور عنا الآن، فلذا سميت جنة لاستتار ما فيها وإن كانت موجودة الآن وافنان يكون جمع فنن بمعنى غصن وجمع فن بمعنى ضرب، نرع هذا هو المراد هنا، والغالب فيه جمعه على فنون والجنة من الأسماء الغالبة على الدار الاخرة إلا أنّ غلبتها لم تصل إلى حدّ العلمية لأنها تعرّف وتنكر وتجمع وتوصف بها أسماء الإشارة في نحو تلك الجنة، وإنما جمعت بهذا المعنى لأنها كما تطلق على المجموع تطلق على أماكن منها وعلى القدر المشترك بينهما ولولاه لم تصح الجمعية هنا والى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله وجمعها الخ وأيده بالنقل عن سيد المفسرين ابن عباس رضي الله عحهما ففيها جنان على مراتب متفاوتة بحسب استحقاق أصحابها وتفاوت رتبهم في الشرف لالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهو ظاهر والعمال جمع عامل والمراد به من عمل الصالحات خيرة خلقه وفيما نقله عن ابن عباس رضي الله عنهما من أنها سبع إشارة إلى وجه اختيار جنات مإنه جمع قله على الصحيح كما مرّ على جنان كما قيل: وما نقله عن ابن عباس رضي الله مهما أنكره السيوطيّ رحمه الله وقال إنه لم يوجد في شيء من كتب الحديث قيل: وفي قوله ا! نان الخ إشارة إلى أنّ تنكير جنات للتنويع، ويحتمل أن يكون للتعظيم أي جنات لا يكتنه، صفها. قوله: (واللام تدلّ على استحقاقهم الخ) يعني أنها لام استحقاق والله تعالى لا يجب مليه شيء فهو جار على عوائد إحسانه وفضله في الإثابة بوعده الذي لا يخلفه، وقوله: لا لذاته ليس لبيان معنى اللام الموضوعة لمطلق الاستحقاق بل لبيان أنه مراد منه أحد فرديه في الضمير المضاف إليه ذأت راجع لما وهو ردّ لما في الكشاف من إشارته لمذهب المعتزلة
القائلين بأنّ الثواب مستحق لذات الإيمان والعمل على ما تقرّر في الأصول وقد مرّ قول المصنف رحمه الله في تفسير قوله لعلكم تتقون أنّ العبد لا يستحق بعبادته ثوابا وهو كأجير أخذ الأجر قبل العمل. قوله: (ولا على الإطلاق بل بشرط أن يستمرّ الخ) فيه تسامح والمراد أنه يموت على الإيمان لأن تخلل الردّة لا يمنع دخول الجنة وهو مما اتفق عليه الماتريدية والأشاعرة فإنّ حصول المراتب الأخروية مشروط بالموت على الإيمان بلا خلاف وقيل: إنما الخلاف في التصديق والإقرار إذا وجد من العبد هل يصح أن يقول أنا مؤمن حقا ولا يقول أنا مؤمن إن شاء الله كما هو مذهب الحنفية الماتريدية لأنه إن كان للشك فهو كفر وان كان لإحالة الأمور إلى مشيئته تعالى أو للشك في العاقبة والما! لا في الحال أو للتبرّك والتبرّي من تزكية نفسه فالأولى تركه لإيهامه الشك وخلاف المراد أو ينبغي أن يقوله كما ذهب إليه الأشعرية لأنّ العبرة بالخاتمة وهذه المسألة تسمى مسألة الموافاة عندهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (أقول) روى الماتريدية استدلالاً لما قالوه حديثاً هو من قال أنا مؤمن إن شاء الله فليس له في الإسلام نصيب وهو حديث موضوع باتفاق الفحدثين كما فصله في كتاب اللألي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة وقد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ من تمام إيمان العبد أن يستثني أورده الجوزقانيّ وصححه وأبطل به ما خالفه وقال الاستثناء

الصفحة 64