كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

قد تستعمل من غير نظر إلى الخصوص والعموم كما في المثال وكما في هذه الآية وهو كثير أيضاً وهو ردّ على الطيبيّ رحمه الله حيث قال في تقرير معنى الجنس هنا وقول الزمخشريّ أنه للحاضر في الذهن أنت تعلم أنّ الشيء لا يكون حاضراً في الذهن إلا أن يكون عظيم الخطر معقودا به الهمم أي تلك الأنهار التي عرفت أنها النعمة العظمى واللذة الكبرى وأنّ الرياض وان كانت آنق شيء لا تبهج الأنفس حتى تكون فيها الأنهار فإن أحدا لم يشترط ما ذكره في العهد الذهني كما اتفق عليه أهل المعاني والعربية وكيف يتأتى ما ذكره في نحو ادخل السوق واشتر اللحم وإنما غرّه فيه قوله الحاضر في الذهن وهو إنما قصد به بيان الفرق بينه وبين ال! كرة، وإنما نبهناك عليه لأنّ من أرباب الحواشي من لم يتنبه له فاتبعه فيه وإنما ذكره الزمخشريّ نكنة لذكرها لا توجيهاً للتعريف، وهذا هو الذي عناه الفاضل الشريف بقوله العهد التقديريّ، ولما كان الجنس يطلق في كلامهم على ما يشمل الاستغراق والحقيقة أوضحه المصنف رحمه الله بقوأ 4 كما في قولك لفلان بستان فيه الماء الجاري وما قيل: هـ! من أنه يحتمل الاستغراق على أن المعنى تجري تحت الأشجار جميع أنهار الجنة فهو وصف لدار الثواب بأنّ أشجارها على شواطئ الأنهار وأنهارها تحت ظلال الأشجار وأبرد من مياه الجنان لمن رزقه الله ذكاء الجنان. قوله: (أو للعهد والمعهود الخ) الآية المذكورة من سورة القتال وهي مدنية على الأصح وقيل إنها مكية ولهذا قال الثيخ بهاء الدين بن عقيل رحمه الله هذا يتوقف على تقدم نزول آية القتال على هذه، وقد قالط عكرمة أن البقرة أوّل سورة نزلت بالمدينة، ولذا قال الفاضل التفتازانيّ إنما يصح هذا لو ثبت سبقها في الذكر ومع ذلك فلا يخفى بعد مثل هذا العهد وتبعه الفاضل الشريف قدس سرّه، وفي حواشي ابن الصائغ هذا إنما يتمشى على تقدير أن يكون فيها أنهار الآية سبقت في النزول هذه الآية وهو قول الضحاك وسعيد بن جبير في أنها مكية. وأمّا على قول مجاهد إنها مدنية فإنما يتمشى على تقدير أن يكون فيها أنهار الخ سبقت في النزول هذه الآية والآسن الذي يتغير كما سيأتي. وترك المصنف
رحمه الله الوجه الثالث في الكشاف وهو أنّ الألف واللام فيه عوض عن الإضافة لما فيه مما سيأتي تحقيقه. قوله: (والنهو بالفتح والسكون الخ) قد كثر مثله في فعل الذي عينه حرف حلق واختلف النحاة فيه فقيل إنه لغة لا يختص به بل يكون في غيره كنفس ونفس وذهب البغداديون إلى أنه اتباع وهو مقيس فيه وأيد بأنه سمع من بعض بني عقيل نحو في نحو ولو كان لجة قلبت الواو ألفاً فلم تقلب لعروضها وفيه كلام في خصائص ابن جني وقال الزمخشري: أن الفتح فيه أفصح وهو في الأصل بمعنى الشق فأطلق على المشقوق وهو المكان، ولذا فسره المصنف بالمجرى، والجدول أصغر الأنهار كالقناة والبحر أعظمها وقوله كالنيل والفرات هما نهران عظيمان مشهوران وهو يحتمل أن يكون تمثيلا للنهر أو للبحر ان لم نقل أنه مخصوص بالملح كما هو المشهور في الاستعمال قال الراغب: اعتبر من البحر تارة ملوحته فقيل: ماء بحر أي ملح وأبحر الماء ملح قال:
وقد عاد ماء الأرض بحرا وزادني إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب
وقال بعضهم: البحر يقال في الأصل للملح دون العذب، وبحر أن تغليب وقوله: والتركيب للسمعة أي أصل معنى نهر دائر على السعة يقال انتهر النهر إذا اتسع ويرد عليه النهر بمعنى الزجر فإنه لا يلاحظ فيه معنى السعة الفهم إلا أن يقال إنه زجر بليغ كما فسر به الراغب ففيه سعة معنوية. قوله: (والمراد بها ماؤها الخ) ضمير بها للأنهار المذكورة في النظم أو المفهومة من المقام والإضمار هنا تقدير المضاف كما في نحو اسأل القرية من مجاز النقص والمقدر إما مياه أو ماء كما هو ظاهر عبارة المصنف رحمه الله فتأنيث تجري رعاية للمضاف إليه القائم مقامه أو رعاية للفظ الجمع لأنه مؤنث إن كان مجازاً للمجاورة أو لذكر المحل وارادة الحال، أو الإسناد مجازيّ من غير تجوّز في الظرف ولا تقدير كما في إسناد الإخراج إلى الأرض لكونها محلاَ للمخرج، وقيل ولإسناد الجري للأنهار نكتة خاصة تعرفها الخاصة وهي أنّ أنهار الجنة ليست إلا المياه! جريها من غير أخدود ولا يخفى أنه إنما يتمشى على أحد التفسيرين ولو تعين هنا لكان

الصفحة 66