كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
الفصحاء والشعراء قديما ألا ترى قوله:
لكل جديد لذة غيرأنني وجدت جديد الموت غير لذيذ
وقول المعرّي:
ردّي حديثك ما أمللت مستمعا ومن يمل من الأنفاس ترديدا
وقول ابن سهل:
يستكره الخبر المعاد وقد أرى خبر الحبيب على الإعادة أطيبا
يحلو على ترداده فكأنه سجع الحمام إذا تردّد أطربا
ومثله كثير في كلامهم فلا وجه لما أورده الفاضل والقياس على الحديث المعاد قياس مع الفارق فإنه معاد بعينه وما نحن فيه ليس كذلك: والحق أنه مختلف بحسب الأحوال والمقامات ألا ترى أنّ أبا عمرو بن العلاء نظر إلى فتى عليه ثياب مشتهرة فقال له: يا بنيّ من المروءة أن تأكل ما تشتهي وتلبس ما يشتهيه الناس ونظمه الثعالبيّ في كتاب المروءة فقال رحمه الله تعالى: إن العيون رمتك إذ فاجأتها وعليك من شهر الثياب لباس
أمّا الطعام فكل لنفسك ما اشتهت واجعل ثيابك ما اشتهته الناس
وهذا الأحماض شابه دفع الاعتراض. قوله: (ويتبين لها مزية الخ) قد علمت ما فيه وأنه
ظاهر الاندفاع وان قيل في دفعه أيضا أنه جيد في غير الطعام فإنّ التجربة والوجدان شاهدا عدل بأنّ ما لم يعهد منه وان حسن شكله لا يباشره عاقل لاحتمال ضرره وقيل: إنه في بادي النظر وقبل التجربة والمزية الفضيلة ولا يبنى منه فعل إلا أنه ذكر في حواشي الجوهرقي أنه يقال: أمزيتة عليه أي فضلتة وفي الأساس تمزيت عليه وتمزينه فضلته وكنه النعمة حقيقتها أو غايتها أو وجهها والمشهور الأوّل إلا أنّ ابن هلال قال ني كتاب الفروق: كنه الشيء على فول الخليل غايته ويقال: هو في كنهه أي في وجهه قال:
وانّ كلام المرءفي غيركنهه لكالنبل تهوي ليس فيهانصالها
وقال ابن دريد: كنه الشيء وقته يقال أتيته في غير كنهه أي في غير وقته، ويكون الكته للقدر أيضاً يقال فعل فوق كنه استحقاقه فليس الكنه من الحقيقة في شيء والناس يظنونهما سواء انتهى وهو لا فعل له أيضا وأثبته بعض اللغويين فقال: يقال منه اكتنه، وقوله كذلك أي غير مألوف. قوله: (أو في الجنة الخ) عطف على قوله في الدنيا أي من قبل هذا الرزق أو المرزوق في الجنة، يعني أنّ مأكولات الجنة متحدة الشكل متفاوتة اللذة والطعوم فإذا قدم إليهم شيء آخر منها ظنوه مكررا والطعام ب! منى المطعوم بمعنى المأكول مطلقاً فيتناول الثمار وغيرها ففيه إثبات للشيء بما هو أعمّ منه أو يخص بالثمار بقرينة المقام، ولا حاجة إلى أن يقال إنه للتمثيل فإنّ الصحفة لا يوك! مع فيها الثمار لأنه غير مسلم، والصحفة بفتح الصاد المهملة وسكون الحاء المهملة كالقصعة الآنية جمعه صحاف وقوله كما حكي عن الحسن الخ أثر أخرجه ابن جرير عن يحى بن كثير بهذا اللفظ. وقوله روي الخ أخرجه أيضا ابن جرير موقوفاً وفي المستدرك من حديث ثوبان مرفوعاً: " لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمرها شيئاً إلا خلق الله مكانها مثلها " وقال: إنه صحيح على شرط الشيخين وقوله فلعلهم الخ لا ياً بى هذا قوله من قبل لأنّ معناه قبل هذا الزمان أو الوقت، وعلى تفسير المصنف من قبل الرزق أو الص روق الذي أشار إليه بقوله من قبل هذا لأن قبل مبنية على الضم لحذف المضاف إليه الذ؟ ب هو هذا ونية معناه وان لم يتخلل بينهما زمان وليس معنى رزقنا أكلنا التقدم الرزق على ا! ل وعلى الأثر الأوّل هو متشابه الصورة مختلف الطعم وعلى الثاني متشابه الصورة والطعم فتأمل. قوله: (والآوّل أظهر الخ) أي كون المراد بالقبلية في الدنيا أولى من كونها مما تقدم في الآخرة لأنّ كلما تفيد العموم، وعلى الثاني لا يتصوّر قولهم لذلك في أوّل ما قدم إليهم ويفوت موقع الاستئناف المبنيّ على السؤال على وجه التشابه بينهما وأن قيل إنّ الأظهر تعميم القبلية لما يشمل قبلية الدنيا والآخرة وقال المصنف أظهر ولم يقل إنّ التفسير هو الأوّل كما قاله الزمخشريّ لأنّ هذا له وجه ظاهر أيضاً حتى قيل إنه يتجه على الأوّل أنه يلزم فيه انحصار ثمار الجنة في الأنواع