كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
ومنها:
ومناخ نازلة كفيت+وفارس نهلت فتاتي من مطاه وعلت
واذا العذارى بالدخان تقنعت واستعجلت نصب القدور فملت
دارت بأرزاق العفاة مغالق تبدين من قمع العشار الجلت
وهي قصيدة مشهورة ذكر بعضها في الحماسة. قال المرزوقي: أنه عدد خصال الخي! المجموعة فيه بعد أن نبه على أنه لا يقوم مقامه أحد، والعذارى جمع عذراء وهي البك! وأصلها عذاريّ بتشديد الياء فالياء الأولى مبدلة من المدة قبل الهمزة كما تبدل في سربال فيقالا سرابيل ثم حذفت إحدى الياءين وقلبت الكسرة فتحة تخفيفاً فانقلبت الياء ألفا يقول: إذا أبكاد الساء صبرن على دخان الناو حتى صار كالقناع لوجهها لتأثير البرد فيها ولم تصبر على إدرال! القدور بعد تهيئتها ونصبها فسوّت في الملة بفتح الميم وهي الرماد قدر ما تعلل نفسها به ملا اللحم لتمكن الحاجة والضرّ منها ولا جداب الزمان واشتداد السنة على أهلها أحسنت وجوالبما إذا في البيت بعده وخص العذارى بالذكر لفرط حيائهن وشدّة انقباضهن ولتصوّنهن عن كثير مط يبتذل فيه غيرهن وجعل نصب القدور مفعول استعجلت على المجاز والسعة ويجوز أن يكودلا المراد استعجلت غيرها بنصب القدور أو في نصبها فحذف وتقنعت من القناع وهو ما يستر؟ الرأس، ومل! ف فعل ماض من الملة بالفتح ومعناه ظاهر، وقد قرّره في الكش! ، بما لا مزيد عل! يما والشاهد في قوله تقنعت بإفراد ضمير العذارى واستشهد له دون الجمع لأنه المحتاج للإثب! اللا
لجري ذلك على الظاهر كما أشار إليه والإفراد على تأويل الجماعة والمعنى جماعة أزواج مطهرة لأنّ أكثر خصوصا في جمع العاقلات القلة أو الكثرة فعلن ونحوه وجماعة لفظ مفرد وان كان معناه الجمع. قوله: (ومطهرة بتشديد الطاء الخ) معطوف على مطهرات في قوله وقرى مطهرات وفي الكشاف وقرأ زيد بن عليّ مطهرات وقرأ عبيد بن عمير مطهرة بمعنى متطهرة، وفي كلام بعض العرب ما أحوجني إلى بيت الله فأطهر به أطهرة أي فأتطهر به تطهرة فهو في هذه القراءة بتشديد الطاء المفتوحة وبعدها هاء مكسورة مشدّدة أيضا وأصله متطهرة فأدغمت الطاء فيه في الطاء بعد قلبها والفعل أطهر وأصله تطهر فلما أدغمت التاء في الطاء اجتلبت همزة الوصل والمصدر اطهرة بفتح الطاء وضم الهاء المشددتين وأصله تطهرة فأدغم واجتلبت له همزة الوصل وهو معروف في كتب الصرف. قوله: (والزوج يقال للذكر والأنثى الخ) ويكون أيضا لأحد المزدوجين ولهما معاً والمراد الأوّل والأفصح ما ذكر ويقال: زوجة في الناس في لغة قليلة، وقوله أبلغ من البلاغة لا من المبالغة وان صح وهو دفع لما يلوح في بادي النظر من أنّ تلك أبلغ منها لإشعارها بأنّ الطهارة ذاتية لا بفعل الغير لأنّ المطهر هو الله ولا يكون ذلك إلا بخلق الطهارة العظيمة وما يفعله العظيم عظيم كما قيل:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
قوله: (فإن قيل الخ) يعني أنه يكفي في صحة الإطلاق الاشتراك في بعض الصفات ولو
في الصورة فإنها من الصفات أيضا وقد قيل: عليه أنه مبنيّ على أنّ فقد فوائد الشيء ولوازمه تستلزم رفع حقيقته ولا وجه له والقول بأنّ تسمية نعم الجنة بأسماء نعم الدنيا على سبيل المجاز والاستعارة لم يقل به أحد من أهل اللغة والعربية وقوله لا تشاركها في تمام حقيقتها غير مسلم أيضا مع أنه مخالف لما قدمه من قوله إنّ التشابه بينهما حاصل في الصورة التي هي مناط الاسم فإنه صريح في أنّ إطلاق اسم الثمار على أمثالها من الفواكه المطعومة حقيقة وهذا مخالف له وقد وقع ما يشبه هذا لبعضهم حيث قال: اعلم أنّ أمور الآخرة ليست كما يزعم الجهال فأنكر عليه غاية النكير حتى جرّهم ذلك إلى التكفير (قلت) كون أمور الآخرة ليست كأمور الدنيا من جميع الوجوه مما لا شبهة فيه كما أشار إليه سيد البشر صلى الله عليه وسلم بقوله: " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت) ثم إنه إذا أشبه شيء شيئاً بحسب الصورة والمنافع إلا أن بينه وبيته
تفاوتاً عظيما في اللذة والجرم والبقاء وغير ذلك فإذا رآه من لم يره قبله ولم يعرف له اسما فأطلق عليه اسم ما يشابهه قبل أن يعرف التفاوت حق معرفته هل يقال إنّ ذلك الإطلاق حقيقة نظرا للصورة وظاهر الحال أم لا نظراً للواقع، فالظاهر أنه حقيقة عند