كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

لسرعة التحلل أو لسرعة تفرّق الأجزاء لأنه لا يكون جزء غالب قاسر للمركب على التماسك والتقرّر لتداعيه إلى التفرّق والميل إلى المركز كما في شرح المواقف وما ثبت بالبرهان امتناع بقاء موجوده كيف يمكن إعادته وخلوده فقوله كما يشاهد الخ إن كان مثالاً لعدم الانفكاك فمسلم لكنه لا يفيد وأن كان لوجود المعتدل الحقيقي فلا وهو جواب جدلي والحق عنده هو قوله هذا الخ. قوله: (واعلم الخ الم يذكر الملابس لأنها ليست من المعظم عنده لأنّ المراد به ما به بقاء الشخص! أو النوع أو أدخلها في المساكن تغليباً كما جعل البيت لباساً في عكسه، وفي المعظم إشارة إلى لذات أخر كالأصوات الحسنة لم يلتفت إليها، والملاك بكسر الميم وفتحها ما يقوم به الشيء وقوله كل نعمة الخ إشارة إلى أنّ قوله وهم فيها خالدون تكميل في غاية الحسن ونهاية الكمال لأنّ النعم وإن جلت والترفه وان عظم لا يسمّ ويكمل إذا تصوّر زواله وانقطاعه وقوله منغصة بالغين المعجمة والصاد المهملة أي مكدّرة وقوله غير صافية الخ تفسير له والشوب الخلط وقولهم ليسر، فيه شائبة مأخوذ منه ومعناه ليس فيه شيء مختلط به وان قل كما قيل: ليس فيه علقة ولا شبهة فهو فاعلة بمعنى مفعولة كعيشة راضية قال في المصباح: كذا استعملوه ولم أجده في اللغة وقال الجوهريّ: الشائبة واحدة الشوائب وهي الأدناس والأقذار وقوله: بشر المؤمنين بها أي بالجنات وهو ظاهر وأبهى أفعل تفضيل من البهاء وهو الحسن أي أحسن، والمراد بقوله مثل أنه ذكر ما يماثلها في الصورة بما عرفوه في الدنيا لأنه على صورته إن كان أجل وأعظم لذة، وليس المراد أنه تشبيه أو مجاز كما مرّ تقريره في قوله وأتوا به متشابها، وما قيل من أنّ البشارة على طريقة أهل الشرع والتمثيل على طريقة الحكماء فإنهم يقولون المراد بالجنات التي تجري تحتها الأنهار والأزواج ورزق
الثمرإت لذات عقلية شبيهة بالحسيات ولو قال المصنف رحمه الله أو مثل كان أوضح تعسف لا حاجة إليه لما قرّرناه لك. قوله: (لما كانت الآيات السابقة الخ) قيل إن هذه الآية جواب عن قول قوم من الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أما يستحيي ربك أن يخلق البعوض! والذباب ونحوهما مما يصغر في نفسه ولا يخفى ما فيه أو قالوا أما يستحيي ربك أن يذكر البعوض! والذباب وملوك الأرض يأنفون من ذلك فقال تعالى جوابا لهم: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي} الخ وقال الزجاج:) نها متصلة بقوله فلا تجعلوا لله أندإداً أي لا يستحي أن يضرب مثلا لهذه الأنداد، وقال الفراء ليس في البقرة ما يكون المثل جوابا له فعلى هذا هو ابتداء كلام لا ارتباط له بما قبله وهذا وإن جاز لكن الأنسب بكل آية أن ترتبط بما قبلها وتناسبه بوجه ما، ولذا ذهب المصنف رحمه الله تعالى إلى بيان الارتباط بأنه لما وقع قبله تمثيل أتى بما ينبه على أنه واقع في محرزه وأنه ليس بمستنكر فهي مرتبطة بما ذكر من أوّل السورة إلى هنا أو ببعضه فتدبر. والمراد بالتمثيل في كلامهم هنا التشبيه مطلقا سواء كان في مفرد أو مركب على وجه ألاستعارة أولاً مثلاً أو لا ولا يخص بشيء حتى يرد عليه أنه كيف يرتبط بما لم يذكر في بعض الوجوه، والحاصل أنه ذكر لمناسبة هذه الآية وارتباطها بما قبلها وجهين الأوّل ما أشار إليه بقوله الآيات السابقة متضمنة الخ يعني أنه سبق في النظم تمثيلات وأمور تدل على مطلق التشبيه كما بيناه في أثناء ذكر فرق الناس كما يعلم من تقريره سابقا، والثاني ما في ذكر الكتاب وأنه من عند الله من غير ريب وأن ارتاب فيه بعض العقول القاصرة بسبب ما وقع فيه من التمثيل ببعض أمور ظاهرها حقير ريبة لا وجه لها لتوهم أنه لا يليق بالكتب السماوية أو بعظمة الربوبية فبين الأوّل بما يتضمن توضيحه وتقويته وهذا هو الوجه الأول في الكشاف وفي كلام المصنف إلى قوله وأيضاً الخ وستراه كنار على علم. قوله: (عقب ذلك ببيان الخ) جواب لما، وذلك إشارة إلى الآيات السابقة وذكر لتأويله بالمذكور وعقبه بمعنى أورده بعده في عقبه متصلا به وقوله ببيان متعلق بعقب مضاف لحسنه وفي نسخة جنسه بجيم ونون، وما هو الحق معطوف على قوله حسنه في محل حرّ وقوله والشرط بالجرّ عطف على حسنه أو على ما الموصولة أو بالرفع معطوف على قوله الحق، والضمائر الثلاثة المتصلة راجعة للتمثيل على كلا التقديرين وهو عائد الموصول فلا تفكيك فالقول بأنه ركيك ركيك ومن قال:

الصفحة 78