كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

المعنى أنه أورد عقيبها ما يدل على حسن التمثيل وعلى الشيء الذي هو أي التمثيل حق لأجل ذلك الشيء وذلك الشيء شرط في قبول التمثيل
عند أهل اللسان على أن يكون قوله والشرط عطفاً على قوله وما هو الحق له وفيه ركاكة التفكيك والظاهر أنه راجع إلى ما وضمير له راجع إلى التمثيل وكذا ضمير فيه وقوله والشرط عطف على قوله الحق أي وبيان الشيء الذي ذلك الشيء حق للتمثيل أي ثابت ولازم له وشرط في قبوله عند العقلاء والبلغاء، وذلك أن يكون التمثيل على وفق الممثل له فقد أطال بغير طائل وأتى بما لا وجه له لما عرفتة وحسنه لأنه تعالى مع عظمته وبالغ حكمته لما لم يتركه وأكثر منه دلّ على حسنه أو لأنه لما قال: لا يستحيي دلّ ذلك على حسنه لأنّ القبيح من شأنه أنّ فاعله يستحي منه وهذا على نسخة وستأني الأخرى، وحقه أن يكون جارياً على نهج السداد كما يدل عليه قوله: {فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ} [سورة البقرة، الآية: 26] وشرطه أن يكون على وفق الممثل له فقط لأنّ المقصود به الكشف عن حقيقته ورفع حجاب الشبه عنه وابرازه عياناً وقوله المشاهد المحسوس قذم فيه المشاهد على المحسوس وان قيل إنّ الظاهر ائعكس لأنّ المشاهد يستعمل كثيراً بمعنى المتيقن فلذا أورد بعده المحسوس ليتعين المراد به. قوله: (وهو أن يكون على وفق الممثل له الخ) الظاهر أنّ الضمير راجع لما الموصولة وأنّ الشرط معطوف على الحق فيكون الحسن مسكوتاً عنه ولو رجع لكل ما ذكر لتاويله بالمذكور يكون شاملا للحسن وهو الأحسن وحسته بإبرازه في صورة المشاهد المحسوس والحق فيه أن يكون على نهج السداد، وكونه على وفق الممثل له على ما بينه المصنف هو شرطه، وهذا على النسخة المشهورة وهي أنّ حسنه بحاء وسين مهملتين بينهما نون من الحسن ضد القبح على ما في كثر النسخ وعليه أرباب الحواشي، وفي بعض النسخ جنسه بجيم وسين مهملة بينهما نون وهو الجنس اللغويّ العرفيّ لا المنطقيّ المقابل للنوع والجنس مستفاد من تنكير مثلا لأنّ النكرة موضوعة للجنس لا للفرد المنتشر على الأصح وبيان ما هو الحق له معناه بيان الذي التمثيل حق له من المعنى الممثل له وهو ههنا كفر الكافر وفسقه المدلول عليهما بقوله وأمّا الذين كفروا وقوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} [سورة البقرة، الآية: 26، وقال الرازي: فإن قلت مثل الله آلهتهم ببيت العنكبوت وبالذباب فأين تمثيلها بالبعوضة فما دونها. فلت لأنه كأنه قال إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثل ا-لهتكم بالبعوضة فما دونها فما ظنكم بالعنكبوت والذباب وفي تبيين الشرط وهو أن يكون على وؤق الممثل الخ من هذه الآية محل تأمّل انتهى) أقول الا يخفى ما فيه فإنه مع مخالفته للنسخ المعروفة المألوفة لا وجه لما ذكره في تفسير الحق والحق ما مرّ نعم ما أشار إليه من أن أحد ما ذكروه من النظم فيه خفاء حق إلا أنه يندفع بالنظر الصادق المحفوف بالعناية والممثل الأوّل في كلام المصنف رحمه الله اسم مفعول والثاني اسم فاعل والأوّل ما ضرب له المثل والثاني هو الضارب نفسه. قوله: (ليساعد فيه الوهم العقل ويصالحه الخ) إشارة إلى ما ذكره أهل المعقول من أنّ الوهم قوّة جسمانية للإنسان بها يدرك الجزئيات المنتزعة من
المحسوسات فهي تابعة للحس فإذا حكمت على المحسوسات كأن حكمها صحيحاً وإذا حكمت على غير المحسوسات بأحكامها كان كاذباً والنفس منجذبة إلى الوهم والحس لسبقهما إليها فهي مسخرة لهما حتى إنّ أحكام الوهميات ربما لم تتميز عندها من الأوّليات لولا دافع من العقل أو الثرع والمراد بمساعدة الوهم للعقل أنّ العقل وهو قوّة للنفس بها تدرك المعاني والكليات سواء كانت محسوسة الجزئيات أولاً إذا ذكر معنى أدركه وضرب له الوهم مثلا بجزئي يحكيه وشبهه به فقد ادّعى أنه من أفراده الموجودة في الخارج، وبذلك يتخيل أنه محسوس مشاهد وأنه لابس لحلة من حلله أخذها من خزانة الوهم فتبين بذلك وثبت تحققه في نفس الأمر وهذا معنى مساعدة الوهم له، ومعنى مصالحته له أنّ ما يدرك كل واحد منهما مغاير لما يدركه الآخر لإدراك الوهم لما ينتزع من الجزئيات المحسوسة والعقل للمعاني والكليات فبادّعاء أنّ أحدهما عين الآخر تصالحا على الاشتراك فيه عند النفس التي قضيت بذلك، والمراد بحب المحاكاة أنها تحب محاكاة المعقول بالمحسوس أي تكثر منه فكأنها تحبه وتألفه وهذا مما لا غبار عليه، فسقط به ما قيل من أنّ عدم

الصفحة 79