كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
مساعدة العقل إنما هو في بعض الأحكام العقلية مثل أنّ بعض الموجودات غير متحيز إذ الوهم لألفه بالمحسوسات حكم حكماً تخييليا بأنّ كل موجود متحيز، وأمّا في المعارف الممثل لها في القرآن كوهن اتخاذ أولياء من دون الله فليس بظاهر أنه مما ينازع فيه الوهم العقل وإن سلم التنازع فتمثيله باتخاذ العنكبوت بيته لا نسلم أنه ينفي اقى اع فيه فالأولى الاقتصار على أنّ المعنى الصرف له خفاء فإن مثل بالمحسوس صار ظاهرا وارتفعت عنه الشبهة. قوله: (كما مثل في الانجيل الخ) تمثيل لوقوعه في الكشب السماوية لا لدفع الإنكار كما قيل في قول الزمخشري والعجب منهم كيف أنكروا ذلك وما زال الناس يضربون الأمثال ولقد ضربت الأمثال في الإنجيل لما أورد عليه من أن المنكرين إذ ذاك يهود أو مشركون وهم لا يعتقدون حقيقة الإنجيل وان قيل: في دفعه ما قيل، وما ذكر إشارة إلى ما في الإنجيل من قوله لا تكونوا كمنخل يخرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرج الحكمة من أفواهكم وتبقون الغل في صدوركم، وقوله قلوبكم كالحصاة التي لا تنضجها النار ولا يلينها الماء ولا تنسفها الريح وقوله: لا تثيروا الزنابير فتلدغكم أي لا تخالطوا السفهاء فيشتموكم كذا أورده في التفسير الكبير، وقوله: غل الصدر أصل الغل الحقد على الناس، والمراد به هنا ما يخفيه المرء مما لا يجب الاطلاع عليه، والمراد أنهم يقولون ما لا يفعلون وهو تشبيه لطيف وجهه إخراج الدقيق وأبقاء النخالة فهو كحفظ ما لا ينبغي حفظه،
والنخالة بالضم معروفة وشبه القلوب القاسية بالحصاة وصرّح بوجه الشبه فيه وهو ظاهر وليس تشبيهها بالصخرة أبلغ كما يتوهم لأ) ، الحصاة أقرب إلى هيئة القلب وأشدّ اكتنازاً منها مع ما فيها من الإيماء للتحقير، والزنابير جمع زنبور وهو 5! روف. قوله: (وجاء في كلام العرب الخ) مثل أوّلاً بما في الكتب الإلفية وقدمه لتقدمها ذاتا وشرفا ثم أتبعه بم! " اشتهر في كلام العرب وشهرته بين العقلاء والبلغاء من غير نكير في المحقرات وغيرها مما يدل على أنه مطلقاً مقبول. وقوله أسمع من قراد أسمع أفعل تفضيل من السماع والقراد بالضم والتخفيف ما يلصق بالإبل ونحوها من الهوامّ وقال الميداني: أنها تسمع أخفاف الإبل من مسافة بعيدة فتتحرّك لاستقبالها وهذا بناء على زعمهم فيما اشتهر بينهم فلا وجه لما قيل إنّ ذلك بالإلهام لا بالسماع كما لا يخفى وقوله أطيش من فراشة أي أخف وفي مثل آخر أضعف من فراشة والمراد ضعف البنية والإدراك ذكرهما الميدانيّ فمن قال إنّ المصنف رحمه الله غير قول الزمخشري: أضعف من فراشة فأحسن لأنها مثل في الطيش لا في الضعف لم يصب مع ما فيه من الضعف وقوله: أعز الخ أعز أفعل تفضيل من العزة بمعنى الندور وقلة الوجود لا من العز ضد الذل، والمخ الدماغ والدهن في داخل العظام ويتجوّز به عن المقصود من الشيء، والبعوض سيأتي تفسيره. قوله: (لا ما قالت الجهلة من الكفار الخ) قيل: ليس في الظاهر شيء يعطف عليه هذا الكلام فالصحيح أن يقال: إنّ ضرب المثل جائز عليه تعالى لا ممتنع كما قالت الجهلة من الكفار من أنّ الله تعالى أعلى من أن يضرب المثل بما ذكر، وقيل: إنه لا يخلو عن تكلف والظاهر أن يقول رذاً لما قالت الجهلة ليكون علة لقوله عقب ذللث، وقيل: إنه معطوف على قوله أن يكون على وفق الممثل له، يعني ما هو الحق في التمثيل والشرط له أن يكون على وفق الممثل له لا ما يفهم مما قالته الجهلة إنه ينبغي أن يكون مناسباً لحال الممثل بزنة اسم الفاعل ولا يخفى أنه لا حاجة إليه مع قوله دون الممثل فلو قيل: إنه معطوف على مقدّر يفهم مما قبله أي والحق هذا لا ما قالت الخ كان أظهر فيفيد ما ذكر من غير تكلف وقوله الله سبحانه وتعالى أعلى وأجل مبتدأ وخبر مقول قوله قالت الخ. قوله: (وأيضاً لما أرشدهم الخ) هذا هو الوجه الثاني وهذه الشرطية معطوفة على الشرطية السابقة وهي قوله لما كانت الآيات والإرشاد الدلالة على الخبر وقوله وحي منزل هو من قوله: {مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [سورة البقرة، الآية: 23] وقوله ذلك الكتاب الخ ووعيد من كفر بقوله فإن لم تفعلوا الخ ووعد من آمن بقوله وبشر الذين آمنوا الخ وظهور أمره الوقع في الخارج من نفي الريب والإشارة إليه. وقوله شرع الخ جواب لما والفرق بين الوجهين