كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
قول المصنف واشتقاقه من الحيوة ريص م في جميع النسخ بوإو بعد الياء كما ترسم الصلوة ونحوها كذلك فتقرأ ألفاً وقيل: إنها ولفظا
وخطا بوزن تمرة، ولم يعل لئلا يلتبس بحية واحدة الحيات وهو خطأ منه غرّة فيه ما وقع في القاموس فإنّ هذه اللفظة لم تثبت إلا شذوذاً فلا وجه لجعلها أصلا وان لم نقل باختصاصها بالعلم وفي تصريف أبن عصفور المسمى بالممتنع كون العين ياء واللام واواً نحو حيوت لا يحفظ في كلامهم في اسم ولا فعل فأمّا الحيوان وحيوة فشاذان والأصل فيهما حييان وحية فأبدلوا من إحدى الياءين واواً وزعم المازنيّ أنّ هذا مما جاء عينه ياء ولامه واوا وهو فاسد إلى آخر ما فصله. قوله: (فإنه انكسار يعتري الخ) هذا مما لم يتعرّض! أحد من شرّاح الكتابين لإماطة لثام الخفاء عنه وها أنا أفيدك ما به شفاء الصدور فأقول تحقيقه أنّ أبنية الأفعال وصيغها لها معان كما عقدوا لها بابا في مفصلات العربية وأصلها أن تكون لوجود مأخذ الاشتقاق والمعنى المصدري في الفاعل وقد تجيء لغير ذلك كما في رأسه وجلده إذا أصاب رأسه وجلده وللإزالة كما في قشر. إذا أزال قشره وللأخذ منه نحو ثلثه إذا أخذ ثلثه وقد تكون لإصابة آفة بأصله سواء كان معنى أو عينا وان خصه في التسهيل بالثاني كنسي إذا اعتل نساء وهذا معنى مستقل ويجوز إرجاعه للإزالة أو للإصابة أو الأخذ منه لأنه ينقص بنقص قوّته، ويؤيد الأوّل تمثيله له في الكشاف بقوله هلك فلان حياء كما يؤيد الأخير قوله منتقض الحياة إذا عرفت هذا فقوله انكسار الخ يعني به أنّ الحياة يتبعها قوى نفسانية كالإحساس ونحوه فإذا استحيا إنسان كانت قواه المحركة له لانقباضها منكسرة عما يريده، ولهذا أشار العلامة الكرمانيّ في شرح البخاريّ فقال الحياء الخوف من الحياة خوف المذمّة وقال الواحديّ: قال أهل اللغة الاستحياء الحياة لأن استحياء الرجل من قوّة الحياة فيه لشدة علمه بمواقع الذئم والعيب والحياة من قوّة الحس وهو عكس ما قاله الزمخشري: ولقد أجاد المصنف رحمه الله في صنيعه حيث فسر الحياء أوّلاً ثم أتى في بيان اشتقاقه ما فسره به الزمخشريّ تتميماً للفائدة وايماء إلى تحادهما والانكسار إمّا مطاوع انكسر بالمعنى المشهور أو بمعنى الرجوع والانهزام فإنه شاع بهذا المعنى كما قال بعض المتأخرين: لقدكسرالشتاءقدوم ورد فإنّ الورد شوكته قوية
وهذا من المتن الإلهية والفوائد التي لا يعثر بها نظرك في غير هذا الكتاب. قوله:) وإذا وصف به الباري الخ) في شرح التأويلات للسمرقندفي اختلف أهل الكلام في إضافة الحياء إلى الله تعالى فقال قوم بجوازه لوروده في الآية والحديث لأنه قد يحمد منه ما لا يحمد من الشاهد كالكبر والحياء محمود فهو أحق بالإطلاق وقيل لا يجوز لأنه انقبا ضالقلب وانزواؤه لما يسوءه أو لخوف العجز وهو محال في حقه تعالى فلا يجوز إلا بتأويل كما سيأتي، ولما كان في الآية منفيا عنه وهو لا يقتضي اتصافه به ظاهراً أتى بالحديث الصريح فيه فقال كما جاء في الحديث الخ والحديث الأوّل
اخرجه البيهقي في الزهد عن انس رضي الله عنه وابن أبي الدنيا عن سلمان رضمي الله عنه والثاني أخرجه أبو داود والترمذيّ وحسنه والحاكم عن سلمان وصححه بدون قوله: " حتى يضع فيهما خيراً) والحاكم عن أنس بهذه الجملة والشيبة بفتح فسكون مصدر شاب يشيب شيبا وشيبة، وبطلق على اللحية الشائبة أيضاً وكلاهما محتمل في الحديث والمسلم بالجرّ بدل من ذي بمعنى صاحب أو صفته وأن يعذبه بأن المصدرية بدل اشتمال مما قبله أي يستحيي من تعذيبه، وقوله إنّ الله الخ حديث آخر، ولم يعطفه لقصده التعديد وحيي بثلاث يا آت فعيل من الحياء بمعنى مستحي وقوله يستحيي الخ جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب وإذا رفع الخ يدذ على استحباب رفع اليدين في الدعاء كما يستحب مسح الوجه بهما أيضاً كما أثبته ابن حجر في فتاواه الحديثين ورفعهما نحو السماء لأنها قبلة الدعاء تعبدوا وان كان الله تعالى منزهاً عن المكان والجهة وقيل: توجه للقبلة كما في شرح العقائد العضدية وفيه كلام ثمة، وقوله صفرأ بكسر الصاد المهملة وسكون الفاء ثم راء مهملة بمعنى خال لا شيء فيه مأخوذ من الصفير، وهو الصوت الخالي من الحروف يقال: صفر