كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
المؤدّي إلى التعقيد بغير فائدة، وقوله من التمثيل عرفت معناه وما قيل في شرحه أنه بمعنى الاستعارة التمثيلية وبه يظهر أنّ المستعار في الاستعارة التمثيلية قد يكون لفظا مفردا دالاً على أمور متعددة كما مرّ مرارا فلا تغفل تبرّع بما لا يملك لمن لا يقبل فتذكر. قوله: (وتحتمل الآية خاصة أن يكون مجيئه على المقابلة) المراد بالمقابلة هنا معناها اللغوقي لا ما ذكر في البديع أي مجيئه في هذه الآية لا الحديث ونحوه للمشاكلة لما وقع في كلامهم من قولهم أما يستحيي رب محمد أن يضرب مثلا بالذباب والعنكبوت وفي الكشاف جاءت في سبيل المقابلة واطباق الجواب على السؤال وهو فن من كلامهم بديع وطراز عجيب منه قول أبي تمام:
من مبلغ أفناءيعرب كلها أني بنيت الجارقبل المنزل
وشهد رجل عند شريح فقال: إنك لسبط الشهادة فقال الرجل: إنها لم تجعد عني فقال:
لله بلادك وقبل شهادته فالذي سوّغ بناء الجار وتجعيد الشهادة مراعاة المشاكلة ولولا بناء الدار لم يصح بناء الجار ولولا سبوطة الشهادة لامتغ تجعيدها وهو كما قاله الشارح المحقق، يعني أنّ المشاكلة في غير الاستعارة وظاهر أنه ليس بحقيقة لكن وجه التجوّز فيه غير ظاهر، ولذا قال: فن بديع وطراز عجيب، وظاهر كلامهم أنّ مجرّد وقوع مدلول هذا اللفظ في مقابلة ذاك
جهة التجوّز والجواز لإخفاء في أنه يمكن في بعض صور المشاكلة اعتبار الاستعارة كان يشبه انقب! اض الشهادة عن الحفظ وتأتيها عن القوّة الذاكرة بتجعيد الشعر لكن الكلام في مطلق المشاكلة سيما في مثل قوله:
قلت اطبخوا إلى جبة وقميصا
فالمراد بالصحبة التي جعلت علاقة هنا الصحبة التحقيقية أو التقديرية والمتصاحبان مدلولاً اللفظين في الخيال لا اللفظان نفسهما في الذكر كما قيل لأنّ الصحبة الذكرية بعد الاستعمال والعلاقة مصححة للاستعمال فلا بد من تقدمها مع أنّ المتأخر الصحبة التحقيقية لا التقديرية والصحبة كما تكون تحقيقا تكون تقديراً كما أنها تكون بيم! الشيء ومشاكله وبينه وبين ضده كما في قوله من طالت لحيته تكوسج عقله، ومنها أيضا ماله علاقة أخرى على كلام فيه دكرناه في رسالة مستقلة وما قيل من أنّ المشاكلة واسطة بين الحقيقة والمجاز وأنّ العلاقة فيها الشبه الصوري كما تطلق الفرس على صورتها مما لا يلتفت إليه لظهور فساده. قوله: (وضرب المثل اعتماله الخ) اعتماله بمعني عمله واختراعه من عند نفسه لا بمعنى التكلم به مطلقاً كما بقوله من يورد مثلاً في كلامه، والاعتمال باللام كما وقع في كثير من النسخ مبالغة في العمل، ن صيغة الافتعال ترد كثيراً لذلك، ولما كان المخترع للمثل أتى بأمر بديع شبه بمن يجتهد في الصناعة ويتأنق فيها وقيل: إنه ليس بسديد لأنّ الاعتمال هو العمل لنفسه كما صرّج به في ا، ساس وهو لا يلائم قوله من ضرب الخاتم فإنه أعمّ من كونه لنفسه وغيره فالمخصوص وخمسه هو اضطرابه كما روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب خاتما من ذهب ثم ألقاه ثم أخذه من ورق نقش فيه محمد رسول الله والسديد اعتماده بالدال المهملة كما في بعض النسخ كما في الكشاف وهو القصد إليه وصنعه من ضرب اللبن وضرب الخاتم ولا يبعد أن يكون ما في الكتاب من تحريف الناسخ وسيأتي هذا في يس (أقول) تبع في هذا الفاضل التفتازانيّ في شرحه هنا فبنى عليه تخطئة الناسخ وليس في الأساس ما توهمه، والذي فيه إنما هو تفسير الاعتمال، التعميل بالاجتهاد ولا يتعمل لنفسه ويستعمل غيره ويعمل رأيه ويتعمل في حاجات الناس أي
يتعنى ليجنهد وأنشد سيبور رحمه الله:
إنّ الكريم وأبيك يعتمل إن لم يجديوماً على من يتكل
الخ ولو سلم أنّ الافتعال هنا للعمل بنفسه لأن افتعل يأتي لذلك كاكتحل وادّهن واتخذ فالمصنف توسع فيه فاستعمل المقيد للمطلق ومثله كثير سهل وما فسر به اضطرب في الحديث لا ينافيه وفص 5 في النهاية بأمر يضربه والحديث المذكور وان روي عن عليّ رضي الله عنه منسوخ بآخره كما صرّحوا به وقد فسر الاعتماد هنا بالذكر وبالقصد إليه وبجعل مضربه معتمدا على مورده وذكر المدقق في الكشف أنه