كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
كما في شرح الكشاف، فان قلت هل هي كلمات نحوية أم لا قلت: صرّح بعض شرّاح الكشاف بأنها ليست بكلمات اصطلاحية حقيقة، وقيل: إنها كلمات لأنها ألفاظ موضوعة لمعنى في غيرها وهو القوّة والوثاقة التي أفادتها لما ذكر معها ولا يخفى أنّ الواضع لم يضعها لما ذكر وإلا لم يكن بينها وبين أن ولام التأكيد فرق فعذها منها تسامح فتدبر.
قوله: (عطف بيان لمثلاَ الخ) على هذا المعنى إنّ الله جل وعلا لا يستحيي من ضرب
أيّ مثل أراد حقيراً كان أو لا لكون النكرة في سياق النفي فلا يرد عليه أنّ عطف البيان للتوضيح ولا يتم لا يستحي أي يضرب مثلاً بدون بعوضة إذ لا استحياء من ضربه إلا أن يقال
إن التنوين للتحقير ولم يتعرض للبدلي4 لأنّ البدل هو المقصود بالنسبة عندهم وليس بظاهر هنا وهذا رجحه أبو حيان على كونه عطف بيان لأنه لا يكون في النكرات عند الجمهور وكون البدل هو المقصود بالنسبة ليس على ظاهره ففي نصب بعوضة وجوه من الإعراب تسعة وهي أن تكون صفة لما أو بدلاً منها أو عطف بيان إن قيل بجوازه في النكرات أو بدلاً من مثلاً أو عطف بيان له إن قيل ما زائدة، أو مفعولاً ومثلاَ حال أو منصوبا على نزع الخافض والتقدير ما من بعوضة فما فوقها كما نقل عن الفراء والفاء بمعنى إلى كما في قوله:
يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم ولا حبال محب واصل يصل
أو مفعولاً ثانيا أو أوّل.
قوله: (أو مفعول ليضرب مثلأ حال الخ) قال في شرح الفاضل التفتازاني لاخفاء في أنه
لا معنى لقولنا يضرب بعوضة إلا بضم مثلا إليه فتسميته مثل هذا مفعولاً ومثلا حالاً بعيد جداً وتوهم كونه حالاً موطثة غلط ظاهر فإنّ مثلا هو المقصود وإنما يستقيم لو جعل بعوضة حالاً ومثلا صفة له مثل أنزلناه قرآناً عربيا (قلت الا غلط فيه فانّ الحال قد تكون هي المقصودة بحسب المعنى والصناعة كما ذكروه في نحو ما شأنك قائماً فإن المسؤول عنه القيام ولولاه لم يفد الخبر فقد وطأت له الخبرية ولكن الكلام في صحة تقدمها كما ستراه مفصلاً إن شاء الله تعالى ثم إنه إذا نصب مفعولاً واحداً يكون بمعنى يبين ويذكر فكيف يقال إنه لا معنى لقوله يضرب بعوضة إلا بذكر مثلا متأمل. قوله: (أو هما مفعولاه لتضمته معنى الجعل الخ أليس المراد بالتضمين هنا المعنى المصطلح بل اللغوي وهو كون الجعل في ضمنه لأنه جعل مخصوص ولذا عده النحاة من الأفعال التي تنصب المبتدأ والخبر كجعل وان ضعفوه ولذا أخر هنا، وعلى هدّا القول قيل لا بد من أن يكون أحد مفعوليه لفظ مثل وقيل: لا يشترط ذلك كقولهم ضربت الطين لبناً، ومثلاً المفعول الثاني وبعوضة الأوّل وجوّز المعرب عكسه وصح التنكير لحصول الفائدة إذ القصد بها إلى أصغر صغير فاندفع قول الطيبي أنه أبعد الوجوه لندرة مجيء مفعولي جعل نكرة إذ أصلهما المبتدأ والخبر ولذا قال المدقق في الكشف: إنه ليس بشيء لأنّ البعوضة فما فوقها فيه معنى التعميم والوصف أيضا أنه بمعنى صغير وأصغر أو صغير وكبير وقيل: عليه أنه يقتضي الصحة ولا يدفع الندرة وفيه ما لا يخفى لمن له نظر. قوله: (وعلى هذا تحتمل ما وجوهاً أخر الخ) قراءة الرفع كما قاله ابن جني: حكاها أبو حاتم عن أبي عبيدة عن رؤبة والظاهر أنّ مثله ليس بالرأي كما يومىء إليه قول صاحب الانتصاف لا يجوز أن يذهب القارىء في القراءة إلى ما يختاره بل يعتمد على ما يروبه الثقات فإنه يوهم أن الرفع لم يرو هنا عن الثقات، والمراد انّ جموع هذه الاحتمالات مخصوصة بالرفع بحسب الظاهر فلا
، رد عليه ما قيل: من أنه صريح في أنها لا تحتمل الموصولية على قراءة النصب وليس كذلك *ـمد ذكر ابن جرير أنه على قراءة النصب يجوز أن تكون ما موصولة حذف صدر صلتها، فإن ليل: إئه لا وجه له أجيب بأنّ له وجهين أحدهما أنّ ما لما كانت في محل نصب وبعوضة صلها أعربت باعرابها كما في قوله:
فكفى بنا فضلاعلى من غيرنا
فإنّ غيرنا أعربت بإعراب من والعرب نفعل ذلك في من وما خاصة تعرب صلتهما
، 1 عرابهما والثاني أنه على تقدير ما بين بعوضة إلى ما فوقها فحذف بين ونصب بعوضة لاقامته مقامه ثم حذف إلى اكتفا بالفاء على حد قولهم أحسن الناس ما قرنا فقدما أي ما بين قرن إلى! ا- م على أنّ في صحة ما ذكر نظر الآن إعراب الصلة! اعراب الموصول إما بتبعيته كالبدلية مثلا او بدونها