كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)
وعلى الأوّل لا يصح كونه صلة، والثاني لا نظير له ونصب بعوضة على الظرفية في عاية البعد فلا وجه له أو وجهه منزل منزلة العدم عندهم ولذا قال في الانتصاف: إنه غير مستقيم وهذا وجه ترك المصنف رحمه الله له، والضمير في قوله قرئت للأية أو لبعوضة فتذكير صمير أنه لتأويله بلفظ أو لرعاية الخبر وعلى كون ما موصولة أو موصوفة هي في محل نصب لحلى أنها بدل من قوله مثلاً وبعوضة عليهما خبر مبتدأ أي الذي هو بعوضة، والجملة صفة أو صلة حذف صدرها مع عد اطولها كما في قوله تعالى: {تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ} [سورة ا، لعام، الآبة: 54 ا] في قراءة أحسن أفعل التفضيل المرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو مليل في غير أيّ الموصولة وقيل أنّ ما على هذه القراءة أيضا يحتمل النفي والتقدير حينئذ ما،! وضة فما فوقها متروكة فحذف الخبر لدلالة لا يستحيي عليه. قوله: (واستفهامية هي المبتدأ الخ) وهذا استفهام إنكاريّ مؤكد للردّ كما في المثال المذكور وقال في الانتصاف: إنه غير. ـ حستقيم لأنّ مثله يقع للتنبيه بالأدنى على الأعلى كما يقال: هو يعطي الأموال فما الدينار االديناران وهم أنكروا ضرب المثل بالذباب فلا يستقيم أن تكون البعوضة فما فوقها في الصغر 11 الكبر كذلك وقال في الانصاف: لو تأمل حق التأمل لم يرد هذا لأن المسلوب عنه تعالى أن وحتحى من ضرب أيّ مثل كان فما البعوض فما فوقه لأنه ليس بخارج عنها حتى ينكر ولا يلزم 11، لراعي ما ذكر من الانكار للتنبيه الذي ذكره بل أنكر على من سمع أمرا كلياً فتردد في بعض. ء ئياته وتمثيله بما يبالي بما وهب من المال فما دينار وديناران ليس كالمثال الذي ذكره اا.! ترض والحاصل أنه تعالى له أن يمثل بما يكون على وفق الممثل له في الحقارة وغيرها فما " ال الحقير والأحقر حتى لا يمثل به لما هو حقير، وقال طيب الله نراه ما في الأنصاف يشعر
بأنّ ما بعوضة الخ من باب التذييل وأنه يؤكد معنى العموم في قوله أن يضرب مثلاً وبعوضة فما فوقها للاستيعاب والشمول كقوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [سورة مريم: الآية: 62] سواء اعتبرت الصغر والكبر أو لا والذي يفهم من كلام المصنف رحمه الله أنّ التفسير الأوّل لقوله فما فوقها من باب الترقي كقوله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى} [سورة البقرة، الآية: 20 ا] والثاني من باب الأولوية كقوله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} [سورة الإسراء، الآية: 23] وإلى الأوّل أشار بقوله أبلغ وأعرف فيما وصف به والى الثاني بقوله كأنك قلت فضلاً عن الدرهم والدرهمين وقال الفاضل اليمني لسان جار الله بقول: عليّ نحت القوافي من معادنها
فما ذكوه حق أبلج وما سواه باطل لجلج لأنّ الكمار أنكر واضرب المثل بالذباب والعنكبوت لخستهما في أنفسهما والبعوضة فما فوقها أقل وأحقر مما استنكروه فإذا جاز أن لا يستحيي من ضرب المثل بهما قبالأولى أن لا يستحي من ضربه بما هو أكبر منهما فنبه بجواز ضرب الأدنى عدى ضرب الأعلى وكون البعوضة فما فوقها أكبر في الحقارة من يمنعه (أقول) تحقيقه أنّ نفي الأدنى يدلّ على نفي الأعلى بطريق الدلالة لأنّ الترقي في النفي بنفي الأعلى ثم نفي الأدنى مثل فلان لا يستحي أن يعطي سائله الدرهم ولا الفلس وفي الإثبات باثبات الأدنى ثم إثبات إلا على مثل فلان يعطي سائله الدرهم بل الدينار ففيما نحن فيه نفي الاستحياء من ضرب المثل بالبعوضة فما فوقها مما هو أصغر من الذباب والعنكبوت فدل على عدم الاستحياء من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت بالطريق الأولى لأنهما أكبر من البعوضة ونفي الأعلى أدنى من نفي الأدنى ومنشأ الشبهة في النفي والإثبات عدم الفرق بين الترقي في النفي والإثبات فسقوط ما مرّ من القال والقيل غير محتاج إلى دليل. قوله: (والبعوض فعول من البعض الخ) يعني إنّ البعوض نعول صفة بمعنى المقطوع ولذا سمي في لغة هذيل خموس والخمش والخدس كله بمعنى الجرح اليسير لكنه مخصوص بالوجه وهذه المادة كلها تدل على ذلك كالبضع وهو كالقطع لفظاً ومعنى وكذا العضب للسيف القاطع، والبعض بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة وضاد معجمة كما يكون اسماً جامداً مقابلاَ لكل يكون مصدراً كالقطع لفظاً ومعنى وقد تلطف المطوعي في قوله:
ياليلة حط رحلي فيها بشرّ محل