كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 2)

والجواب وما يضل الخ على المعنى انتهى. فجنح إلى تعين الجوابية أو ترجيحها كما أشار إليه المصنف رحمه الله بتقديمها. (ومنها) أنّ حق الجواب على وجهي ماذا كما مرّ أن يكون باسم مرفوع أو منصوب وجوابه ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: وضع الخ وهو غني عن البيان وقوله: أي إضلال كثير بالرفع في النسخ اقتصاراً على أرجح الوجهين وأظهرهما وفي بعض الحواشي أنه يجوز فيه الرفع والنصب على الوجهين وفيه نظر ظاهر) ومنها) : أنه
قال: كما في أكثر النسخ المتداولة إضلال كثير وإهداء كثير وفي بعضها هدي كثير وهداية كثيرة وأورد على الأولى أنها خلاف الصواب لاتفاق أهل اللغة على أنه لا يقال أهدى من الهداية بل من الهدية فلا يصح منها الأفعال والازدواج غير مقيس وان قلنا إنه مشاكلة وهي من المجاز) قلت) قال ابن عطية في غير هذه السورة قرئ يهدي بضم الياء وكسر الدال وهي ضعيفة. وقال ابو حيان: حكى الفرّاء هدي لازما بمعنى اهتدى فإذا ثبت ما حكاه لم تكن ضعيفة لأنه أدخل على اللازم همزة التعدية انتهى. والقراءة وان كانت شاذة تثبت بها اللغة فثبت ما في بعض النسخ وان كان غريبا نادراً وقد نقله وأقرّه في الملتقط فلا وجه لإنكاره إلا عدم الوقوف على مثله في خبايا الزوايا واعلم أن ما ذكر ليس جوابا في الحقيقة للاستفهام ولا للإنكار والا. ستحقار لأن جواب الأوّل إنه أراد به التذكير وابراز المعقول في صورة المحسوس ليقرّ في الأذهان وجواب الثاني نظرا لظاهر الحال أنه جهل ناشئ من عمي البصيرة فنزل ما يؤول إليه الأمر منزلته وأوقع في موقعه وغير أسلوبه كما غير معناه ولذا جعله أبو عليّ في معنى الجواب وهذا ما وعدناك به فاعرفه. قوله: (وضع الفعل موضع المصدر الخ) إفادة الفعل للحدوث وهو الوجود بعد العدم من دلالته على الحدث المقارن للزمان والمراد بالتجدد الاستمرار في المستقبل وهو ما يقال: له استمرار تجددي والمضارع يستعمل له كثيرا كما صرّحوا به، ومنه علم اختيار المضارع هنا على الماضمي، ولذا قيل: المراد بالتجدد كثرته كما يشعر به التفعل ولما كان السؤال دالأ على عدم الفائدة ناسب في الرذ عليهم الدلالة على كثرة الفائدة المترتبة عليه فقط ما قيل عليه من أنه إن أريد بالتجذد الحدوث كان تكراراً بلا فائدة وإن أريد الحصول ضيئا فشيئا فليس بلازم للفعل ولا داخلاً في مفهومه كما في حواشي المطوّل للشريف لأنه يفهم من خصوصية الحدث واقتضاء المقام وهو المراد ولذا عبر المصنف رحمه الله بالإشعار والمراد انه عبر بالمضارع ليدلّ على أنّ الإضلال والهداية المذكورين لا يزالان يتجددان ما تجدد الزمان لما مرّ وليس المراد أنه عدل إلى لفظ الفعل المضارع للإشعار بالتجدد والحدوث لكون الفعلين المذكورين في تأويل المصدر كما في نحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه كما توهم تشبثا لظاهر قوله وضع موضع المصدر لأنّ المراد أنه عدل عما هو حق الجواب من الإتيان بالاسم الذي هو مصدر هنا سواء كان مرفوعا أو منصوبا وأتى بهذا الفعل بدله لما ذكر لا أنه جرّد الفعل فيه عن الدلالة على غير المعنى المصدري لأنه لو كان كذلك انسلخ عن الحدوث والتجدد كما لا يخفى، وقيل: إنه وضع الفعلان موضع الفعل الواقع في الاستفهام مبالغة في الدلالة على تحققهما فإنّ إرأدتهما دون وقوعهما بالفعل وتجافياً عن نظم الإضلال مع الهداية في سلك الإرادة لإيهامه تساويهما في التعلق وليس كذلك فإنّ المراد بالذات من ضرب المثل هو التذكير والاهتداء كما في قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} وما يعقلها إلا العالمون وأمّ الإضلال فعارض وهذا مسلك آخر في العدول عن مقتضى الظاهر وهو مع تكلفه
يأباه السياق لأنّ التمثيلى إذا لم يكن للإضلال لا يصل لوقوعه في موقع الجواب ولذا مدّ من موانعه فتدبر. قوله: (أو بيان للجملتين المصدّرتين بأما الخ) عطف على قوله جواب ماذا الخ وهذا ما اختاره في الكشاف من أنّ الجملتين المصدرتين بإمّا تشتملان على أمرين أحدهما إنّ كلا الفريقين موصوف بالكثر. ة وثانيهما أنّ العلم بكونه حقا من الهدى الذي يزداد به المؤمنون نورا إلى نورهم والجهل بموقعه من الضلالة التي يزاد بها الجهال خبطا في ظلمتهم وقوله يضل به الخ يزيد ما تضمنه الجملتان وضوحا، وفي الكشف أنّ هذا كما سيأتي

الصفحة 98