كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

لا يكون نكرة فالوجه أنه منصوب بتقدير فعل كأمدح وأذمّ، وأجيب بأنه لم يرد به معناه المصطلح عليه في النحو في نحو نحن معاشر الأنبياء لا نورث إنما يعني النصب بإضمار فعل لائق وأهل البيان يسمون هذأ اختصاصا وكذا فسره الطيبيّ وغيره، وعلى الحالية المقصود مؤمنة وكافرة وفئة وأخرى توطئة للحال.
قوله: (رؤية ظاهرة) في الدر المصون أي بصرية ومصدرها الرأي والرؤية وعلمية اعتقادية ومصدرها الرأي فقط وحلمية ومصدرها الرؤيا، وظاهر هذا التفسير أنها بصرية فتتعدى لواحد، ومثليهم حال فان كانت علمية فهو مفعول ثان، وقيل: إنّ الثاني لا يصح لقوله رأي العين فإنه مصدر مؤكد ولأنّ رؤية القلب علم ومحال أن يعلم الشيء شيئين وأجيب بأنه مصدر تشبيهيّ أي رأيا مثل رأي العين، وبأنّ المراد بالرؤية هنا الاعتقاد فلا يلزم ما ذكره، وقيل: إنّ المعنى على المفعولية فالوجه أنه متعدّ إلى مفعولين لكونه بمعنى العلم المستند إلى المعاينة لا بمنزلة أن يقال يبصرونهم، وفيه نظر وقيل: إنّ رأي العين منصوب على الظرفية أي في رأي العين، ومعاينة وقع في نسخة بدله معينة والأولى هي الموافقة لما في الكشاف وعديم العدة بضم العين هي آلات الحرب، وشاكي السلاح صفة الكثير بمعنى حامل السلاح وكون الوقعة آية أي
معجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم لما فيها من إراءة القليل كثيرا أو غلبة القليل الكثير، أو لمطابقتها للغيب الذي أخبر به النبيّ صلى الله عليه وسلم من نصرهم، والعبرة ما يعتبر به ويتعظ وجعل الأبصار جمع بصر بمعنى بصيرة استعارة أو بمعناه المعروف. قوله: (اي المشتهيات الخ) مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما ذكر القتال، وكان كثيرا ما يقع للحظوظ النفسانية أتبعه التنفير عنها حثا لهم على الإخلاص في كل ما يأتون ويذرون وجعلها نفس الشهوات إشارة إلى ما ركز في الطباع من محبتها، والحرص عليها حتى كأنهم يشتهون اشتهاءها كما قيل لمريض ما تشتهي فقال: أشتهي أن أشتهي، ولما كان في الإيماء معنى التنبيه عداه بعلى تسمحاً، وقيل: الأنسب أنه جعلها شهوة تنبيها على خستها لأنّ الشهوات خسيسة عند الحكماء والعقلاء فالقصد التنفير عنها، والترغيب فيما عند إدته كما في الكشاف. قوله: (والمزين هو الله تعالى الخ) قال السيوطي: هذا أخرجه ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي الانتصاف التزيين للشهوات يطلق ويراد به خلق حبها في القلوب وه وبهذا المعنى مضاف إليه تعالى حقيقة لأنه لا خالق إلا هو ويطلق، ويراد به الحض على تعاطي الشهوات والأمر به وهو بهذا الاعتبار لا يضاف إلى الله إذ هو لا يخص الأعلى المشروع شهوة أو غيرها، وأمّا الشهوات المحظورة فتزيينها بالمعنى الثاني مضاف إلى الشيطان تنزيلاً لوسوسته، وخسينه منزلة الأمر بها والحض على تعاطيها وكلام الحسن رحمه الله محمول على التزيين بالمعنى الثاني لا بالمعنى الأوّل فإنه يتحاشى أن ينسب خلق الله إلى غيره لكن الزمخشريّ كثيرا ما يورد أمثال هذه العبارة المبهمة وينزلها على قواعدهم الفاسدة فتفطن لها ونزه من قالها من السلف الصالح عما يزعمه انتهى، وكذا الجباتي بناء على قواعدهم جعل التزيين بمعنى الخلق وجعله في المباح لله، وفي الحرام للشيطان بناء على أنه ليس مخلوقا لله لخلق العباد أفعالهم، ولكن الحق ما عرفت، وقد صرّح به الإمام الراغب كما مر والمصنف ليس بغافل عنه لكنه نقل كلامهم على ما فهموه فمن قال: المزين في الحقيقة هو الشيطان لأنّ التزيين صفة تقوم به ومن قال: المزين هو الله لأنه الخالق للأفعال والدواعي، فقد أخطا في المدعي وما أصاب في الدليل فالمخطئ ابن أمّه وكلا التفسيرين منقولان عن السلف وقد مرّ تحقيقه ومن قال: إنه من قبيل أتدمني بلدك حق لي على فلان فقد تعسف وتصلف، وقوله: ولعله زينه أي زين ما ذكر ابتلاء للعباد أي معاملة لهم معاملة
المبتلى، والمختبر ليتميز الزاهد فيها عن غيره أو للحكمة الأخرى. قوله: (والقنطار الخ (وقيل: هو ألف دينار والمسك بفتح فسكون الجلد ومن عادة العرب أن يصفوا الشيء بما يشتق منه للمبالغة نحو ظل ظليل، وهو كثير في وزن فاعل ويرد في المفعول كما هنا والبدرة ألف دينار أو درهم والسومة بالضم العلامة والمشهور فيه السمة وفي القاموس السومة السوم في البيع والمطهمة

الصفحة 10