كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

عليه ما والا من ثبوت الاختلاف بعد مجيء العلم كما تقول ما ضربت إلا ابني تأديبا وأما ما أشار إليه من حصر الباعث في البغي فمن المقام أو من الكلام إن جوزنا تعدد الاستثناء المفرغ أي ما اختلفوا في وقت لغرض إلا بعد العلم لغرض البغي كما تقول ما ضرب إلا زيد عمراً أي ما ضرب أحد أحدأ إلا زيد عمرأ وسرعة الحساب تقتضي إحاطة العلم والقدرة فلذا أفاد الوعيد وباعتباره ينتظم الشرط والجزاء. قوله: (بعدما أقمت الحجج الخ) يعني ليس أمره بما ذكر لترك المحاجة والإلزام بل لأن الحجة قامت عليهم، وهم للعناد واللجاج لا ينتهون وستسمع تتمته، وقوله: أخلصت نفسي وجملتني قيل يعني إن الوجه مجاز عن نفس الشيء وذاته كما في {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [سورة الرحمن، الآية: 27، أو عن جملة الشخص تعبيرا عن الكل بأشرف الأجزاء، وقيل عليه لو كان القصد
الترديد بين المعنيين لقال أو جملتني فالوجه أن قوله نفسي إشارة إلى المراد وقوله: وجملتي إشارة إلى وجهه بأنه من التعبير عن الكل بأشرف الأجزاء لتنزيله منزلة الكل وإليه أشار بقوله وإنما عبر الخ وما ذكره في كلام المصنف واضح وأما في كلام الكشاف فلا يتعين، وإذا جعل مجازا عن النفس ففي علاقة المجاز خفاء فإن كانت الثانية اتحدا وإلا فلا تظهر. قوله: (عطف على التاء في أسلمت الخ) أورد عليه وعلى ما بعده إنه يقتضي اشتراكهم معه في إسلام وجهه، وليس المعنى أسلمت وجهي، وهم أسلموا وجوههم إذ لا يصح أكلت رغيفا وزيد وقد أكل كل منهما رغيفاً، وردّ بأنه لا مانع منه، قال الزمخشري: أخلصت نفسي وجملتي دئه وحده لم أجعل فيها لغيره شركاً بأن أعبده، وادعوه إلها معه، يعني إن ديني دين التوحيد وهو الدين القويم الذي ثبتت عندكم صحته كما ثبتت عندي وما جئت بئيء بديع حتى تجادلوني فيه ونحو: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء} [سورة آل عمران، الآية: 64] الآية فهو دفع للمحاجة فيه، وقوله: يعني الخ بيان لكيفية الربط بين الشرط والجزاء اًي قوله: أسلمت دفع للمحاجة بأنه لا معنى لها لكونها مجادلة فيما اتضح حقيقته وقوله، وهو الدين القويم في بعض نسخ الكشاف القديم يعني دين إبراهيم، وقوله: أسلمت وجهي كما قال الخليل: أسلمت لرب العالمين: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} . قوله: (وقل للذين أوتوا الكتاب الخ) هو عطف على الجملة الشرطية والمعنى فإن حاجك أهل الكتاب فرذ محاجتهم بذلك، فإذا أفحمتهم عمم الدعوة وقل للأسود والأحمر أأسلمتم إذ جاءكم ما وجب قبوله من الدين القويم دين أبيكم إبراهيم فإن أسلموا فقد اهتدوا ودليل العموم ضمّ الأفيين لأهل الكتاب، وأما تأويل اهتدوا بقوله: فقد نفعوا الخ فقيل لتقييد الجزاء وفيه نظر ووجه الوعيد مرّ بيانه فافهم ووجه التعبير أنه كما إذا قرّرت مسألة ووضحتها، ثم قلت للسائل هل فهمت. قوله: (هم أهل الكتاب الخ) ولما لم يقع منهم قتل لهم أوّله بالرضا به والهمّ والقصد الآن، فإن أوّل قتل النبيين بالأول وقتل الآمرين بالقسط بالثاني، وجعل شاملا للنبيّ فظاهر وإلا يلزم الجمع بين معنيين مجازيين في لفظ واحد وهو
ممتنع وقد مرّ ما فيه فتذكره. قوله: (وقد منع سيبويه الخ) أشار بقوله كليت إلى دليله وأشار إلى الفرق بينهما بأن إنّ المكسورة، وكذا المفتوحة لا تغير معنى الكلام لأنه باق على خبريته بخلافهما ومن جعل الخبر ما بعده جعل قوله: فبشرهم جملة معترضة بالفاء كما في قولك زيد فافهم رجل صالح، وقد صزح به النحاة في قوله:
واعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا
ومن لم يفهم هذا قال: إنّ الفاء جزائية وجوابها مقدم من تأخير والتقدير زيد رجل صالح، وإذا قلنا لك ذلك فافهم وإنما أعاد قوله: ويقتلون للفرق بينهما فإن أحدهما بالقوّة والآخر بالفعل، وقال: هنا بغير حق لأن الجملة هنا أخرجت مخرج الشرط المناسب للعموم وثمت في ناس بأعيانهم، وكان الحق الذي يقتل به معيناً عندهم. قوله: (يدفع عنهم العذاب الخ) أشار بالإفراد إلى أنّ المعنى ما لهم ناصر وإنما عبر بالجمع ليعلم غيره بالطريق الأولى ولأن شأن من ينصر التجمع والتحزب، وقوله: التوراة الخ قيل إنه لف ونشر غير مرتب، فإذا أريد التوراة فمن للبيان وإن أريد الجنس فللتبعيض، واللام على الأوّل للعهد، وعلى الثاني للجنس، وهو محتمل فيها ويجوز أن تكون للابتداء، وترك تفسيره باللوج الذي في الكشاف لأنه

الصفحة 13