كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

خلاف الظاهر، والتنكير كما يحتمل التعظيم والتحقير يحتمل التكثير، ورجح التعظيم بأنه أدخل في التوبيخ لأنهم مع ما معهم من الحظ الوافر يفعلون خلافه، وفيه نظر لا! المعنى يحتمل إن ما معهم شيء قليل بالنسبة إلى غيره وهم يتركون الخير الكثير، ولما كان المتبادر من كتاب الله القرآن أيد الوجه الأخر بما رواه ابن إسحق وغيره من سبب النزول، والمدراس صاحب الدراسة ومعلمها، ويطلق على الموضحع الذي يقرأ اليهود فيه التوراة وهو المراد هنا، وقصة الرجم والتسخيم ستأتي. قوله: (وقرئ ليحكم على البناء للمفعول الخ) في الكشاف والوجه أن يراد ما وقع من الاختلاف والتعادي بين من أسلم من أحبارهم، وبين من لم يسلم يعني لا بينهم وبين الرسول في إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدليل، قوله: ليحكم بينهم فالداعي ليس هو
الرسول صلى الله عليه وسلم بل بعضهم لبعض فمن قال: إنه ردّ على الزمخشري رحمه الله لم يصب وكذا من قال: فيه بحث فإنه يجوز أن يكون ضمير بينهم لليهود والرسول صلى الله عليه وسلم كما في القراءة المشهورة بلا فرق وقيل إن قوله: والوجه ليس مخصوصا بهذه القراءة بل هو الراجح مطلقا، والمصنف رحمه الله فهم منه خلاف مراده وفيه نظر. قوله: (وفيه دليل الخ) لأنهم لما اذعوا أنّ دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام اليهودية وأراد إثباته بما في التوراة، وهو دليل سمعي دل على ذلك، وفيه بحث لأنه ليس بمتعين لذلك لاحتمال أن يكون الحكم مما هو في الفروع كالرجم وهو المتبادر من الحكم وأمّا احتمال أنه أراد إثبات معجزة له صلى الله عليه وسلم باطلاعه على ما في التوراة مع أنه أفي لا إثبات دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام فبعيد مع إنّ المستدل عليه حال إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه يهودي أم مسلم، وليس من الأصول إلا أن يراد به غير العملي فتأمل. قوله: (استبعاد الخ) يعني أنّ التراخي رتبي لا حقيقيّ، وقوله: وهم قوم عادتهم الإعراض كذا فسره الزمخشرقي فقيل إنه إشارة إلى أنّ الجملة معترضة على رأيه أو تذييل على رأي الأكثر وأياما كان فهي مؤكدة لما سبق لا حال كما ذكره المصنف رحمه الله شعم إنما تكون حالاً إذا لم تفسر بأنهم قوم عادتهم الإعراض انتهى، والمصنف رحمه الله جنح إلى أنّ التفسير بما ذكر لا يمنع الحالية وكذا الوصفية بأن يعطف على منهم بناء على قلة الفائدة بعد وصفهم بالتولي لأنه إنما فسر بذلك لتحصل الفائدة إذ الأوّل يقتضي الحدوث الذي يكون في معرض! الزوال فأردفه بما يدل على أنه ثابت لهم كالطبيعي فيهم، والحال لا يلزم أن تكون منتقلة فلا يرد عليه ما توهموه واردا. وقوله: (بسبب تسهيلهم الخ (لا جهلهم بحقيقته، والطمع الفارغ استعارة لما لا يجدي كما مرّ وقوله: (ألا تحلة القسيم) أي إلا قليلأ وسيأتي تحقيقه في قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [سورة مريم، الآية: 71] . قوله: (فكيف إذا جمعناهم الخ) أي كيف يكون حالهم في ذلك الوقت فالفعل محذوف، وهو كثير في كلامهم لأنّ كيف سؤال عن الحال وهذا الاستفهام للاستعظام والتهويل، وأن حالهم كذا وما حدثوه به أنفسهم كذا. قوله: (جزإء ما كسبت الخ)
يعني أنّ في الكلام مضافاً مقدّراً وحبوط العبادة سقوطها بالمعاصي، والمسألة مفصلة في شرح المقاصد، وقوله: (وأن المؤمن لا يخلد الخ) رذ على المعتزلة، وهم يؤولون التوفية بتخفيف العذاب ولا وجه له 0 قوله: (الضمير لكل نفس الخ) يعني أن النفس مفردة مؤنثة وقد أرجع إليها ضمير الجمع المذكر لأنها في معنى كل إنسان وكل يجوز مراعاة معناه فيجمع ضميره فلا يقال الصواب كل الناس كما في الكشاف: ولا حاجة إلى الاعتذار بأن المراد توجيه التذكير وتوجيه الجمع يعلم منه. قوله: (الميم عوض عن يا الخ) وشذد لأنه عوض عن حرفين وأمّا جمعها مع يا في قوله:
أقول يا اللهم يا اللهما
فشاذ.
والقول بأن أصله يا الله آمنا قول الكوفيين ولا يخفى ما فيه، ويقتضي أن لا يليه أمر دعائيّ آخر إلا بتكلف. قوله: (يتصرف فيما يمكن التصرف فيه) في الكشف إنه تعزيف للملك لأنّ الملك من له الملك كما أنّ المالك من له المال، ولو قيل مللث المللث لم يصح إلا على ضرب من التجوّز، وكون اللهم لا يوصف مذهب سيبويه رحمه الله لأنه لاتصال الميم به أشبه أسماء الأصوات وهي لا توصف وخالف غيره ونقض دليله بسيبويه وعمرويه فإنه مع كونه فيه اسم صوت يوصف، وأجيب بأن اسم الصوت مركب معه، وصار كبعض حروف الكلمة بخلاف ما نحن

الصفحة 14