كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

فيه. قوله: (فالملك الأوّل الخ) لأنّ الله تعالى مالك جميع الملك والملك المعطى والمنتزع بعض منه والتعريف للجنس في الجميع، وقيل: في الأوّل للجتس وفي الأخيرين للعهد، وقيل: في الأوّلط للاستغراق وفي الأخيرين للعهد الذهني، والمراد بالأدبار
ضد النصر كما أن الخذلان ضد التوفيق. قوله: (ذكر الخير وحده لآنه المقضئ بالذات الخ) هذا ما ذهب إليه المحققون من الحكماء قال: في شرح الهياكل إن الشرّ مقضيّ بالعرض وصادر بالتبع لما أن بعض ما يتضمن الخيرات الكثيرة قد يستلزم الشرّ القليل، فكان ترك الخيرات الكثيرة لأجل ذلك الشرّ القليل شرا كثيرا فصدر عنك ذلك الخير فلزمه حصول ذلك الشرّ، وهو من حيث صدوره عنك خير إذ عدم صدوره شرّ لتضمنه فوات ذلك الخير، فأنت المنزه عن الفحشاء مع أنه لا يجري في ملكك إلا ما تشاء انتهى، وهذا بناء على الأصلح، ونحن نقول يفعل ما يشاء من خير وشرّ ولا يسئل عما يفعل فعلى مذهبهم تخصيص الخير لأنه المقصود له بالذات، وقدمه لظهور الآية فيه أو مراعاة للأدب إذ لم يضف إليه أو لا! سبب نزول الآية ما أتى الله النبيّ صلى الله عليه وسلم من البشارة بالفتوج وترادف الخيرات، وقوله: (خط الخندق) اًي حفره والخندق معرب كنده (وقطع لكل عشرة أي عين لهم حفرها) والمعاول جمع معول بكسر الميم الفأس، وضمير صدعتها ومنها للصخرة والمستكن للضربة، وضمير لابتيها للمدينة، وهما حزتان يكتنفانها، والحرّة كل أرض ذات حجارة سود كأنها محترقة من الحرّ واللوب الحوم حول الماء للعطش عند الازدحام، وقوله: لكانّ جواب قسم، والحيرة بكسر الحاء المهملة وياء ساكنة وراء مهملة مدينة بقرب الكوفة، وتشبيه القصور بأنياب الكلاب في صغرها وبياضها وانضمام بعضها إلى بعض مع الإشارة إلى تحقيرها وإن استعظموها وما ذكره لي الخندق هو ما وقع في غزوة الأحزاب والحديث بطوله مخرج في الدلائل للبيهقي
وكونه سبب النزول أخرجه ابن جرير رحمه الله، والفرق بفتحتين الخوف وفي الحديث أسرار ولطائف تنظر بعيون الأفكار. قوله: (والولوج الدخول الخ) يعني هو حقيقته كما في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [سررة الأعراف، الآية: 40] وأمّا هنا فهو إما استعارة للتعاقب أو زيادة زمان النهار في الليل وعكسه بحسب المطالع والمغارب في أكثر البلدان. قوله: (نهوا عن موالاتهم الخ (هذا على قراءة الجزم ظاهر وكذا على الأخرى لأنه نفي في معنى النهي واتخذ بمعنى صير متعدّ إلى اثنين والوليّ بمعنى الموالي من الولي، وهو القرب يعني لا يراعوا أموراً كانت بينهم في الجاهلية بل يراعوا ما هم عليه الآن مما يقتضيه الإسلام من بغض وحب، وقوله: أو عن الاستعانة بهم في الغزو كأنه قول للشافعيّ رضي الله عنه ومذهبنا وعليه الجمهور إنه يجوز ويرضخ لهم وإنما يستعان بهم على قتال المشركين لا البغاة كذا صرحوا به وما روي عن عائثة رضي الله عنها أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لبدر فتبعه رجل مشرك كانت ذا جراءة ونجدة قفرح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين رأوه فقال له النبتي صلى الله عليه وسلم: " ارجع فلن استعين بمشرك " فمنسوخ بأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم واستعان بصفوان بن أمية في هوازن لكن بشرط الحاجة والوثوق كذا في كتاب الناسخ والمنسوخ. قوله: (إشارة إلى أنهم الأحقاء) يعني ليس النهي مقيداً بكونه من دون المؤمنين حتى يفهم منه
جواز اتخاذهم أولياء مع ولاية المؤنين بل الإشارة إلى أن الحقيق بالمولاة هم المؤمنون،، مندوحة بمعنى سعة وقد استدل بهذه الآية ونحوها على أنه لا يجوز جعلهم عمالاً ولا اشخدامهم في أمر الديوان، وغير. لثبوته بالنص المؤكد. قوله: (من ولايته في شيء يصح الخ (أشار إلى أنه بتقدير مضاف وصفة لشيء وفيه إشارة إلى أن ولايتهم كما لا تجتمع مع ولاية المؤمنين لا تجتمع مع ولاية الله لأنهم أعداء الله ومن والى عدوّ الله لا يواليه، وأنثد في معخاه البيت المذكور وبعده:
وليس أخي من ودّني رأى عينه ولكن أخي من ودّاني في المغايب
والنوك بضم النون والكاف الحماقة وعازب بالمعجمة بمعنى بعيد غائب. قوله: (إلا أن تخافوا من جهتهم الخ) لما كان اتقى متعديا بنفسه، وههنا تعدى بمن أشار إلى أن المفعول تقاة على أنه وصف بمعنى ما يتقى منه

الصفحة 15