كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

مع دخولهم فيهم لبيان أنهم مقصودون هنا بالذات إذ السورة
نزلت لبيان فضلهم لا لكونهم أشرف لدخول نبينا صلى الله عليه وسلم في آل إبراهيم، وفي كلامه إشارة إلى أن المقصود بمن ذكر جميع الرسل لا خصوص من خص بالذكر، ووجه الاستدلال المذكور أن العالمين شامل لجميع المخلوقات فإذا اختار هؤلاء عليهم اقتضى تفضيلهم، والتأويل خلاف الظاهر، وقوله: وكان بين العمرانين يعني عمران أبا موسى وعمران أبا مريم وعمران المذكور في النظم يحتملها، ورجح في الانتصاف القول الثاني بأن السورة تسمى آل عمران ولم تثرح قصة عيسى عليه الصلاة والسلام ومريم في سورة أبسط من شرحها في هذه السورة، وأمّا موسى وهارون فلم يذكر من قصتهما في هذه السورة طرف فدل ذلك على أن عمران المذكور ههنا هو أبو مريم انتهى. قوله: (حال أو بدل الخ) اختلف في إعراب نصبه فقيل على البدلية من آدم، وما عطف عليه وهذا إنما يتأتى على قول من يطلق الذرية على الآباء والأبناء لأنه من الذرء بمعنى الخلق والأب ذرئ منه الولد والولد ذرئ من الأب، وبه صرح الراغب وغيره فلا يرد عليه قول أبي البقاء إنه لا يصح أن يبدل من آدم لأنه ليس بذرية، وقيل بدل من نوج وما بعده، وقيل بدل من الآلين لأنّ المتبادر من الذرية النسل، ولذا اقتصر المصنف رحمه الله على هذين القولين لما فسر الذرية به، وقس عليه الحالية، وقوله: ذرية واحدة الوحدة مستفادة من التاء ومن ابتدائية على الأوّل اتصالية على الثاني أو هي اتصالية فيهما، وعلى الثاني يكون كقوله: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ} [سورة التوبة، الآية: 67] . قوله: (والذزية الولد الخ) فيه أقوال فقيل منسوب إلى الذز بالفتح والضم لتغيير النسب بمعنى الخلق أو البث لأنه تعالى خلقها وبثها، أو بمعنى صغار النمل لإخراجهم ست صلب آدم عليه الصلاة والسلام على هيئتها واختاره الزجاج وقيل أصلها ذرّورة فعولة منه فأبدلت الراء ياء ثم قلبت الواو ياء أيضاً وأدغمت كأحد الوجوه في سرية ولو جعلت من الذر ولكان أنسب وقيل إنه من ذراً الخلق مهموزاً والتزم تخفيفه كما في البرية، قال: في الكشف الأول أصح ومعنى التفريق والبث أظهر وفعوله بتشديد العين. وقوله: (بأقوال الناس الخ الف ونشر، والتعميم من حذف المتعلق، والتخصيص بقرينة السياق. قوله:) فينتصب به إذ) أي بسميع عليم على التنازع أو بسميع، ولا يضر الفصل بينهما بالأجنبي لتوسعهم في الظروف، وحنة بفتح الحاء المهملة ونون مشذدة وتاء تأنيث اسم عبراني، ثم ذكر أن مريم اثنتان كعمران وتوله: فظن أن المراد زوجته أي المراد
بامرأة عمرإن في الآية أمّ مريم هذه وزوجته وفي نسخة أنه المراد وزوجته. قوله: (وتردّه كفالة زكريا) أي يردّ هذا القول قوله تعالى، وكفلها زكريا فإن زكريا في عصر عمران بن ماثان لا عمران بن يصهر وتزوّج زكريا إيشاع بنت عمران بن ماثان أخت مريم فيكون عيسى أبن مريم ويحيى بن زكريا ابني خالة لأب كما ورد في الحديث الصحيح، دمانما كانتا لاًب لأنهما بنتا عمران لكن مريم من حنة وايشاع من غيرها لما ذكر أنّ حنة كانت عاقرا حتى صارت عجوزا، ثم حملت بمريم وايشاع كانت أكبر سنا من مريم لكن ما سيأتي من أن زكريا قال: أنا أحق بها عندي خالتها يدل على أنها خالتها فمنهم من وفق بينهما بان حنة وإيشاع بنتا فاقوذا فمريم بنت أخت إيشاع وبنت الأخت يطلق عليها أخت إطلاقاً متعارفا فيكونان ابني خالة مجازا، ومنهم من قال: كان عمران تزوّج أم حنة فولدت له إيشاع وكانت حنة ربيبته فتزوّجها، وكان ذلك جائزا في شريعتهم فولدت مريم فتكون إيشاع أخت مريم من الأب وخالتها أيضاً لكن أورد عليه أنّ الأوّل مجرذ احتمال لا رواية فيه والثاني لا يصح مع قوله إن إيشاع بنت عمران. قوله:
(روي أنها كانت عاقرا) أي حنة وخدم بفتحتين جمع خادم كتبع، وهو جمع نادر، ونذر تحرير الأولاد في شرعهم مخصوص بالذكور وبعد هذه القصة جاز بالبنات أيضا فما في بطني بمعنى إن كان ذكرا على تقدير العرف، وتعيينه فيه أو أنها طلبته، ودعت أن يكون ذكرا فيكون المعنى رب إني نذرت لك ما في بطني فاجعله ذكرا على حدّ أعتق عبدك عني، وقيل: إنّ هذه الرواية تنافي ظاهر النص يعني قوله رب إني نذرت لك ما في بطني فلذا

الصفحة 19