كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

فتحها والاشتقاق لا يجري في الأعجمية فادعاؤه تسمح لكن قيل دخول اللام في المسيح ربما يشعر بأنه عربي كالخليل، إلا أن يقال لما عرّبت أجريت. ـ جرى الأوصاف لأنه في لغتهم بمعنى المبارك، وقد مرّ أنها لا تنافي العجمة في التوراة والإنجيل والإسكندر فإنه لم يسمع إلا معرّفا مع أنه لا شبهة في عجمته وعيسى أصله ايشوع ومعناه السيد. قوله: (وابن مريم لط كان صفة تميز الخ) دفع لما يقال إن قوله المسيح الخ خبر كلن اسمه والاسم إنما هو عيسى والمس! يح لقب وابن صفة فكيف جعلت الثلاثة خبراً عنه فأشار لقوله: وابن مريم الخ إلى أنّ اسمه بمعناه المصطلح وهو العلم مطلقاً وهو ليس بمعنى مقابل اللقب كما أشار إليه بجعل المسيح لقبا بل ما يعمه، وغيره وأنّ إضافته تفيد العموم لأنّ إضافة اسم الجنس قد يقصد بها الاستغراق وأن إطلاقه على ابن مريم على طريق التغليب لأنه مثله في التمييز، أو الاسم بمعناه اللغوي وهو السمة والعلامة المميزة لا العلم وتميزه بهذه الثلاثة أشد من تميزه بكل واحد منها، ولبعضهم هنا خبط لا طائل تحته فإن قيل ابن مريم لا يصح حمله على اسمه أصلاً لأن الابن هو المسمى لا الاسم قلنا نعم إذا أريد المفهوم لا اللفظ، وكذلك المسيح وعيسى فإن قيل كيف قدم اللقب على الاسم ولم يضف الاسم إلى اللقب مع تعين الإضافة فيه كسعيد كرز كما في المفصل، قيل: الجواب ما قاله ابن الحاجب في شرحه من أن المراد باللقب: وان أطلق ما لم يكن غير صفة وليس بشيء لاً نه ليس صفة في العربية فالظاهر أن يقيد بما لم يقارن أل وضعه لمنعها من الإضافة وبعضهم قدر عيسى خبر مبتدأ محذوف وابن صفة فلا يرد شيء من الأوهام، ثم ذكر أنّ فائدة قوله ابن مريم مع عدم الحاجة إليه ظاهرا الإشارة إلى أنه خلق من غير أب إذ لو كان له أب نسب إليه وقد يقال إنه ردّ على النصارى. توله: (حال مقدّرة الخ) جعلها مقدرة لأنّ وجاهته كانت بعد البشارة والوجاهة ليست بمعنى
الهيئة والبزة بل بمعنى الرفعة كالجاه. قوله: (أي يكلمهم حال كونه طفلاَ وكهلاَ الخ) إنما جعل في المهد حالاً مع صحة كونه ظرفا لغو العطف، وكهلاً عليه ولما كان الكلام في حال الكهولة ليس مما خص به أشار إلى أنه ذكر للتسوية بينهما من غير تفاوت كما مرّ في نحو {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} وهذا وجه ونكتة تجري في مواضع شتى فالمجموع لأكل على الاستقلال، وقيل: إن كلا منهما حال وإنه تبثير لها ببلوغ سن الكهولة وتحديد لعمره.
والقول الثاني: مبنيّ على أنه لم يبلغ الكهولة وأحواله المختلفة تبدلات السق الطارئة
عليه وغيره من الأحوال المستلزمة للحدوث المنافي للألوهية. قوله: (حال ثالث الخ) قيل عليه أنّ الوجه أن يقال حال رابع من كلمة أو ثالث من ضميرها فإنها أربعة وجيهاً ومن المقرّبين ويكلم، ومن الصالحين مع ما في جعل المعطوف على الحال حالاً من التسامح إلا أن يقال: إنه جعل جملة اسمه المسيح حالية ولم يعد المعطوفين حالاً فتأمّل. قوله: (تعجب الخ) يعني الاستفهام إمّا مجازيّ أو حقيقي وقوله: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} تقوية ولا ينافيه كما توهم وقوله: يخلق ما يشاء ولو بغير مادّة وسبب كعيسى صلى الله عليه وسلم بلا أب وكون القائل جبريل عليه الصلاة والسلام القرينة عليه ذكر الملائكة عليهم الصلاة والسلام قبله، وكون القائل هو الله وقد حكاه جبريل عليه الصلاة والسلام فيه التفات إن حكى بلفظه ويكون الله حكى ما حكى عنه والداعي إليه أنه تعالى لم يكلم غير الأنبياء بل غير خاصتهم عليهم الصلاة والسلام. قوله: (إشارة إلى أنه تعالى الخ) يعني أنّ قوله تعالى: {كُن فَيَكُونُ} تمثيل لسرعة تكوينه من غير توقف على شيء آخر كما سنحققه في سورة يس، ولما كان الخلق التدريجي والناشئ عن الأسباب أمرا ظاهراً لم يذكره في النظم والحصر في النظم باعتبار أنّ الأمر بمعنى الشأن البديع العجيب والمصنف ذكره بيانا لأنهما منه وعنده سواء فلا يرد أنه ليس في النظم ما يدل عليه، ولا يتوهم أنه مغاير لما ذكره في سورة يس فأفهم. قوله: (كلام مبتدأ الخ) يعني أنه كلام مستأنف ليس داخلاً في حيز قول الملائكة عليهم الصلاة والسلام والواو تكون للاستئناف وتقع في ابتداء
الكلام كما صرّح به النحاة فلا حاجة إلى تأويله بأنه معطوف على جملة مستأنفة سابقة، وهي واذ قالت الخ أو مقدرة ولا إشكال في العطف، كما ذكره النحرير: وكذا لا يدعي أن الواو زائدة كما قاله أبو حيان، وقوله: لما وهمها أي

الصفحة 26