كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

همزة ورذ بأنه فعل ذلك ليكون على القاعدة التصريفية بخلاف نقل حركة الواو، وثم حذفها على ما عرف في التصريف، وفيه نظر لأنّ الواو المضمومة إنما تبدل همزة إذا كانت ضمتها أصلية فهو مخالف للقياس أيضاً نعم أنه قرئ يلؤن بالهمز في الشواذ، وهو يؤيده وعلى كل ففيه اجتماع إعلالين ومثله كثير، وأما جعله من الولي بمعنى يقرّبون ألسنتهم بميلها إلى المحرّف فقريب من المحرّف، وقوله: أو يعطفونها بشبه الكتاب من عطف الناقة بأن جذب زمامها ليميل رأسها والمراد الإبهام في الكلام أي كانوا يوهمون المسلمين أن ذلك من نفس الكتاب، والفرق بينهما أنهم على الأوّل يتركون النص ويقرؤون ما بذل، وعلى الثاني لا يتركونه بل يصحفونه بما يوهم خلاف المراد، وعلى هذا يكون كناية عن الخلط. قوله: (تثيد لقوله وما هو من الكتاب ا! خ (لأنّ إسناد كونه من عند الله إلى زعمهم يشعر أيضاً بأنه ما هو من الكتاب فمجموعه مؤكد له فلا وجه لما قيل إن التأكيد هو قوله: {وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ} وسوقه يقتضي أنّ مجموعه مؤكد فكأنه جعلهما خبرين وجعل وصف المجموع بوصف جزئه وقوله:) وتشنيع الخ) إشارة إلى أنه ليس المقصود به التأكيد فقط إذ لو كان كذلك لم يتوجه العطف لأنه لما كان الأوّل تعريضا،
، هذا تصريحا حصل بينهما مغايرة اقتضت العطف. قوله:) أي ليس هو نازلاً من عنده) يعني المقصود بالنفي نزوله من عند الله وهو أخص من كونه من فعله، وخلقه ونفي الخاص لا قتضي نفي العام فلا يدل على مذهب المعتزلة القائلين بأن أفعال العباد مخلوقة لهم لا لله وفعل العبد هنا هو التحريف ونحوه وقوله:) ويقولون الخ) تسجيل عليهم بأنّ ما اقترفوه عن عمد لا خطأ. قوله: (تكذيب الخ (أي لا ينبغي لبشر أن يأمر بغير عبادة الله فكيف بالنبيّء! الذي أوتي الحكم والنبوّة فما فعلتموه من عند أنفسكم، والحكم بمعنى الحكمة وفسرها الزمخشرقي لالسنة لأنها تالي الكتاب والسيد علم شخص من نصارى نجران. قوله: (معاذ الله أن يعبد) وقع ير الكشاف: " أن نعبد غير الله أو أن نأمر بعبادة غير الله " وهو أحسن طباقا لما سبقه لأن الكلام في نفي عبادة غير الله لا في نفي غير العبادة، وأجيب بأنّ المراد بغير عبادة الله عبادة غير كلبادة الله، أو غير عبادة الله عام، ونفيه جعل كناية عن نفي الخاص على طريق المبالغة وبهما وردت الرواية والأمر فيه سهل. قوله:) ولكن يقول الخ (لكن لإثبات ما نفي سابقا وهو القول المنصوب بأن فيقول هنا منصوب أيضاً عطفا عليه، ويصح رفعه عطفا على المعنى لأنه في معحى لا يقول، وقيل: يصح عدم تقدير القول على معنى لا تكونوا قائلين لذلك ولكن كونوا ربانيين أي مبلغين ما أتى من الرب وضمير يقول هنا لبشر والرباني منسوب إلى الرب كالهيئ والألف والنون تزاد في النسبة للمبالغة كثيرا كلحياني بكسر اللام عظيم اللحية ورقباني بمعنى عليظ الرقبة، وفسره بالكامل في العمل والعمل وقيل إنه سرياني، وقيل: إنّ ربان صفة لأ! طشان بمعنى مرب نسب إليه. قوله: (كونوا ربانيين الخ) أي كونوا منسوبين إلى الرب
بالطاعة والعبادة بسبب علمكم أو تعليمكم ودراستكم لئلا تدخلوا تحت قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} فالباء متعلقة بكونوا والمطلوب أن لا ينفك العلم عن العمل إذ لا يعتدّ بأحدهما بدون الآخر. قوله:) عطفاً على ثم يقول الخ) أي على يقول في، ثم يقول ففيه تسمح وجعله بعضهم عطفاً على يؤتيه ولا مزيدة وعلى عطفه على يقول والزيادة المعنى ما كان لبشر أن يؤتيه الله ذلك ويرسله للدعوة إلى اختصاصه بالعبادة وترك الأنداد ثم يأمر الناس بأن يكونوا عباداً له ويأمركم أن تتخذوا الملائكة النبيين أربابا كقولك ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ولا يستخف بي أو غير مزيدة لأنه صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن عبادة الملائكة والمسيح وعزير عليهم الصلاة والسلام فلما قيل له أنتخذك رباً قيل لهم ما كان لبشر أن ينبئه الله ثم يأمر الناس بمبادنه وينهاكم عن عبادة الأنبياء والملانكة وقوله: بل ينهي إشارة إلى أن المقصود من عدم الأمر النهي وان كان أعمّ منه لكونه أمس بالمقصود وأوفق للواقع. قوله: (وهو أدنى من العبادة) ضمير هو للاتخاذ أو للأمر بالاتخاذ، وأدنى بمعنى أقرب أفعل تفضيل من الدنو فإن من يريد أن يستعبد شخصاً يقول له: ينبغي أن تعبد أمثالي وأكفائي، وقيل: أدنى بمعنى أنزل وأقل من العبادة

الصفحة 39