كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

الحالة الأولى أي حدها وطرفها وتعديته بعلى لما فيه من معنى الاطلاع، وقوله: فكنى الخ بيان للأوّل. قوله: (ولذلك لم تدخل الفاء فيه) في الكشاف فإن قلت: لم قيل في إحدى الآيتين لن
تقبل بغير فاء، وفي الأخرى فلن يقبل قلت قد أوذن بالفاء أنّ الكلام بني على الشرط والجزاء، وأنّ سبب امتناع قبول الفدية هو الموت على الكفر وبترك الفاء أنّ الكلام مبتدأ وخبر ولا دليل فيه على التسبيب كما تقول الذي جاءني له درهم لم تجعل المجيء سبباً في استحقاق الدرهم بخلاف قولك فله درهم انتهى، وحاصله ما ذكره المصنف رحمه الله وهو أنّ الصلة في الأوّل الكفر، وازدياده وهو لا يترتب عليه عدم قبول التوبة بل على الموت عليه إذ لو وقعت لقبلت أو على عدم مصادفة زمانها أو عدم إخلاصه فلذلك أوّل كما مرّ بخلاف الموت على الكفر فإنه يترتب عليه ذلك، ولذلك لو قال من جاءني له درهم كان إقراراً بخلاف ما لو قرنه بالفاء وهي مسألة معروفة، فمان قيل: أليس ترتب الحكم على الوصف دليلا على السببية قيل ليى هذا بلازم فإنّ التعبير بالموصول قد يكون لإغراض! كالإيماء إلى تحقق الخبر كما فصل في المعاني، وقوله الثابتون على الضلال أخذ الثبوت من التعبير بالاسمية ومنهم من فسره بالكاملين في الضلال، وبهما يتضح الحصر لأن الضلال يوجد في غيرهم أيضا وملء بالفتح مصدر ملأه ملأ وبالكسر مقدار يملأ به، وقراءة رفع ذهب إنا على البدلية منه أو عطف بيان وعبر عنه بالردّ الزمخشرفي، وهو معروف في التبعية عنده قيل ولا بد من تقدير وصف ليحسن البدل ولا دلالة عليه ولم يعهد بيان المعرفة بالنكرة، وجعله خبر مبتدأ محذوف إنما يحسن إذا جعلت الجملة صفة أو حالاً ولا يخلو عن ضعف يعني، وصف المعرفة بالجملة على حد قوله:
ولقد أمرّ على اللئيم يسبني
واذا جعلت حالاً بدون الواو ففيه أيضا ما مرّ. قوله: (محمول على المعنى كأنه قيل الخ (
لما كانت الواو المصاحبة للشرط تستدعي شرطا آخر يعطف عليه معنى والاستعمال فيه على أن يكون المذكور منبهاً به على المحذوف لكونه يعلمه بالطريق الأولى كما في أحسن إلى زيد ولو أساء، وهنا بحسب الظاهر ليست كذلك لأن هذه الحالة أجدر بقبول التفدية من سائر الحالات إذ ليس الفدية وراءها حالة أخرى أولى منها بالقبول وحاصله أنّ الواو الوصلية تقتضي كون نقيضى الشرط أولى بالجزاء، أجيب عنه بوجوه الأوّل أنّ عدم قبول ملء الأرض كناية عن عدم قبول فدية ما لأنه غاية الفدية فجعل عبارة عن جميعها فلا يرد عليه ما قيل إنه لا دلالة للكلام
عليه، وضمير به لحقيقة ملء الأرض فيصير المعنى لا يقبل منه فد. ية ولو افتدى بملء الأرض ذهبا، والثاني أنّ المراد ولو افتدى بمثله معه كما صرّح به في تلك الآية فالمعنى لا يقبل ملء الأرض! فدية ولو زيد عليه مثله، قيل: والمراد أنّ الباء بمعنى مع ومثل يقدر بعده أي مع مثله ولا يخفى بعده، وبهذا التقرير علمت أنه لا وجه لما قاله أبو حيان ومن تبعه من أنه لا حاجة إلى تقدير مثل وأنّ الزمخشريّ تخيل أن ما نفى أن يقبل لا يمكن أن! ط ي ب فاحتاج إلى إضمار مثل حتى يتغايرا وليس كذلك، والثالث أن لا يحمل ملء الأرض أوّلاً على الافتداء بل على التصدق ولا يكون الشرط المذكور من قبيل ما يقصد به تأك! د الحكم السابق بل يكون شرطا محذوف الجواب ويكون المعنى لا يقبل منه ملء الأرض ذصبا تصدق به ولو افتدى به أيضا لم يقبل منه وضمير به للمال من غير اعتبار وصف التصدق، وقيل: إنّ المراد من افتدى به بذله أي لو أقرّ به ولو بذله وإذا لم ينفع البذل علم عدم نفع كيره بالأولى وتبل إنّ الواو زائدة كما قرئ به في الشواذ، ولو قيل: إنّ لو ليست وصلية بل للشرط وجوابه فوله: أولئك الخ أو هو ساد مسد الجواب لكان قريباً قيل وقوله: والمثل يحذف ويراد ا! خ يراد من الإرادة أي أنه لكون مثل الشيء وهو في حكم شيء واحد صح حذفه واقامته مقامه وحمله عليه، وأما جعله مقحما على أنّ يزاد من الزيادة فبعيد وكون من المزيدة النفي ل! لاستغراق سواء دخلت على مفرد نحو ما جاءني من أحد أو جمع كما هنا مقرر في العربية فلا وجه للاعتراض على المصنف بأنه مخصوص بالمفرد كما قيل. قوله: (أي لن تبلنوا حق! قة البرّ الخ) البرّ بكسر الباء الإحسان وكمال الخبر وبالفتح صفة منه، وتبلغوا تفسير لتنالوا وحقيقة البر إشارة إلى أنّ التعريف

الصفحة 44