كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

بإشارة الأطباء أي رأيهم والمراد بالتحريم الامتناع. قوله: (واحتج به الخ) هذه مسألة معروفة في الأصول وقوله: (وللمانع الخ الا يخفى أنه مخالف لظاهر لفظ النظم. قوله: (مشتملة على تحريم الخ) إشارة إلى أنه متعلق بحرم وفائدته بيان أنه مقدم عليها وأنّ التوراة مشتملة على محرّمات أخر حدثت عليهم حرجا وتضييقا فلا يرد ما قيل إنه لا تظهر فائدة في التقييد فإنّ تحريم إسرائيل لا يتصوّر بعد نزول التوراة وإنه قيد للحل فحيسئذ يلزم قصر الصفة قبل تمامها إلا أن يقال هو متعلق بمحذوف. قوله: (نعى عليهم الخ) أصل النعي رفع الصوت بذكر الموت ونعى عليه هفواته شهره بها.
قال الأزهريّ: فلان ينعي على نفسه بالفواحش أي يشهرها بتعاطيها ونعى فلان على
فلان أمراً إذا أظهره.
وقال ابن الأعرابي: الناعي المشنع يقال نعى عليه أمره إذا قبحه وهو المراد هنا وفيه نكتة
بليغة، وهو الإشارة إلى أنهم أهلكوا أنفسهم بما فعلوا، وقوله: وفي منع النسخ معطوف على قوله في دعوى البراءة، ووجه ظاهر إذ تحريم ما كان حلالاً لا يكون إلا بالنسخ والطعن معطوف على النسخ وقوله بهتوا مجهول أي سكنوا ولم يجسروا أو يجترؤوا من الجراءة أو الجسارة، ووجه الدليل علمه صلى الله عليه وسلم بما في التوراة وهو لم يقرأها ومثله لا يكون إلا بوحي. قوله: (ابتدعه) أي اخترع الكذب والافترأء المذكور، فمن عبارة عنهم، وبحتمل التعميم فيدخلون فيه دخولاً أولياً وقوله: صدق الله بعد تكذيبهم تأكيد له ويفهم منه الحصر الإضافي لأنه لما قال صدق الله بعد تكذيبهم صار المعنى صدق الله لا أنتم. قوله:) أي ملة الإسلام الخ) أي هي في الأصل موافقة لملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومشابهة لها فعبر عن الإسلام بملة إبراهيم لذلك فلا يلزم كون نبينا صلى الله عليه وسلم عاملا بشريعته كأنبياء بني إسرائيل وقوله:) واجب في التوحيد الصرف) الذي لا يشوبه ما ينافيه كما فعل اليهود والاستقامة في الدين مأخوذة من قوله: حنيفاً لأنّ الحنف كما قال الراغب: الميل عن الضلال إلى الاستقامة والجنف بالجيم
الميل عن الاستقامة، والتجنب عن الإفراط أي المبالغة في الإيجاد والتفريط أي الإهمال تفسير للاستقامة وهو ظاهر ومن لم يفهمه قال دلالته: على التجنب المذكور غير ظاهرة إلا أن يقال الشرك إفراط أو الأمر باتباع إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتخصيصه بالذكر دون سائر الأديان يدلّ على ما ذكر، وهو خبط وخلط بما لا يفيد. قوله: (وضع للعبادة) فمعنى وضعه للناس لعبادتهم وليس المراد أن يعبد البيت نفسه بل أن يجعل موضعا لعبادة الله فلذا فسره بقوله: وجعل متعبداً لهم وقوله:) ويدل عليه أنه قرئ الخ) لأنّ الظاهر أن الضمير راجع إلى الله إن لم نعتبر الذكر السابق في قوله صدق الله لكون الآية مستأنفة، والا فهو المتبادر أيضاً فلا يرد عليه أنه يحتمل رجوعه لإبراهيم عليه الصلاة والسلام فلا دلالة للقراءة عليه فتأمّل، ومناسبة الآية لما قبلها ظاهرة. قوله: (كالنبيط والنميط) الميم والباء تعقب إحداهما الأخرى كثيراً في كلام العرب والنبيط والنميط مصغراً علم موضع بالدهناء، وهما بمعنى أو متغايران كما أشار إليه بقوله: وقيل الخ، وبكة من إليك بمعتى الازدحام لازدحام الحجيج قيها أو بمعنى الدق لدق أعناق الجبابرة أي إهلاكهم إذا أرادوها بسوء واذلالهم فيها، ولذا تراهم في الطواف كآحاد الناس ولو أمكنهم الله من تخليته لفعلوا. قوله: (روي أئه محثنبرو سئل الخ) أخرجه الشيخان عن أبي ذرّ رضي الله عنه وهو حديث صحيح إلا أن فيه إشكالاً أجاب عنه الطحاوفي في الآثار قال فيه فإن قلت لا شك أنّ باني المسجد الحرام إبراهيم عليه الصلاة والسلام وباني الأقصى داود وابنه سليمان بعده وبينهما مدة طويلة تزيد على الأربعين بأمثالها، قلت الوضع غير البناء والسؤال عن مدة ما بين وضعيهما لا عن مدة ما بين بناءيهما فيحتمل أن يكون واضعالأقصى بعض الأنبياء قبل داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام ثم بنياه بعد ذلك ولا بد من تأويله بهذا انتهى، وجرهم بضم الجيم وسكون الراء والهاء المضمومة حيّ من اليمن كانوا أصهار إسماعيل، والعمالقة قوم من ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام وهم قوم تفرّقوا في البلاد، والضراح بوزن غراب بضاد معجمة وراء وحاء مهملتين قال الطيبي رحمه الله: من رواه بصاد مهملة

الصفحة 46