كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

فقد صحفه وهو من المضارحة وهي المقابلة أو البعد، وكونه في
السماء الرابعة أورد عليه الطيبي أن الصحيح المروي في البخاري أنه في السابقة. قوله:) وقيل هو أوّل بيت بناه آدم فانطمس الخ) رواه الأزرقي في " تاريخ مكة " وقيل: إنه نزل مع آدم عليه الصلاة والسلام من الجنة ثم رفع بعد موته إلى السماء وبنى شيث مكانه بيتاً من طين أو نزل قبله أو بناه آدم عليه الصلاة والسلام كما ذكره المصنف رحمه الله من طين على نحو ما رأى في السماء، وقوله: وهو لا يلائم ظاهر الآية لأنه لا يكون أوّل بيت لسبق الضراح عليه أن اعتبر تغايرهما والا لكونهما تعبداً في مكان واحد فلأنه لم يكن موضوعاً للناس فقط لطواف الملائكة به، وإنما قال: ظاهر الآية لأنه لا يخالفها عند التأمّل بالنظر الدقيق، ومن جعل الأوّلية أولية شرف لا يرد عليه شيء إلا أنه خلاف المتبادر، وقوله: كثير الخير أي البركة والزيادة وهي في خيراته ومنافعه لا في بنائه وهو حال من الضمير المستتر في الظرف الواقع صلة، وقوله: لأنه قبلتهم فهو هاد للجهة التي أرادها الله أو هاد لهم بما فيه من الآيات التي ستأتي وقوله: لأنه قبلتهم إن أراد به وضع لأن يكون قبلة فالعالمين على عمومه، وان أراد يستقبلونه فالمراد بالعالمين المسلمون وما بعده عام للجميع. قوله: ( {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} الخ (انحراف الطير باق إلى الآن ولا يعلوه إلا ما به علة للاستشفاء كما صرحوا به وفيه كلام للمحدّثين لأن الجاحظ قال إنها تعلو للاستشفاء، واعترض! عليه ابن عطية بأنه بائن خلافه وعلته العقاب لأخذ الحية، وقيل: إنّ الطيور المهدر دمها تعلوه والحمام مع كثرته لا يعلوه وبه يجمع بين الكلامين فتدبر وفي شرح الكشاف إنّ منها أن أي ركن من أركان البيت وقع الغيث في مقابلته كان الخصب فيما يليه من البلاد، وقوله: قهره أي قهره الله، وقيل قهره البيت على الإسناد المجازي وجعله الجملة حالاً بدون الواو مرّ تفصيله وقدر خبر مقام إبراهيم منها، وقدره غيره أحدها. قوله:) وقيل عطف بيان الخ (قيل عليه إنّ آيات نكرة ومقام إبراهيم معرفة ولا يجوز التخالف بينهما
بإجماع البصريين والكوفيين حتى قال ابن هشام رحمه الله في المغني وغيره إنه أراد بعطف البيان البدل تسامحا كما أنّ سيبويه قد يسمى التوكيد وعطف البيان صفة، وهذا التأويل يتأتى في عبارة الزمخشريّ دون كلام المصنف رحمه الله، وقوله على أنّ المراد الخ جواب عن أن المبين جمع والمبين مفرد فقوله: المراد بالآيات يعني التي دل عليها المقام فهو وان كان مفردا لكنه جمع في المعنى لاشتماله على آيات كثيرة والا لأنه أفعال من اللين، والصخار جمع صخرة وقوله: (ويؤيده) أي يؤيد هذا القول مطابقتهما في هذه القراءة فعبر عن الآيات بالآية وقوله: (وسبب هذا الأثر الخ) كذا وقع في الأثر مرويا عن سعيد بن جبير رضي الله عنه. توله: أجملة ابتدائية) المراد بالابتدائية المركبة من المبتدأ والخبر على أنها ليست بشرطية، وتوله: لأنه في معنى الخ إشارة إلى الوجهين السابقين في إعراب مقام إبراهيم وتوله:) اقتصر الخ (من تتمة الوجه الثاني وهو جعله بيانا كما في الكشاف إما لأن الاثنين جمع أو أنه ذكر من الجمع المبين بعض إفراده وترك الآخر لنكتة، ومثله واقع في الأحاديث النبوية والأشعار العربية وفي الكشاف ويجوز أن يراد فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله لأنّ الاثنين نوع من الجمع كالثلاثة والأربعة ويجوز أن تذكر هاتان الآيتان ويطوى ذكر غيرهما دلالة على تكاثر الآيات كأنه قيل فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله وكثير سواهما ونحوه في طيّ الذكر قول جرير:
كانت حنيفة أثلاثافثلثهم من العبيدوثلث من مواليها
ومنه قوله لمج! رو: " حبب إلتي من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرّة عيني ني الصلاة " انتهى، وفصل البيت بقوله: ونحوه لأنه مثله في طيّ لذكر وان لم يكن لغرض الاشتهار وقصد الكثرة كما في الآية بل القصد السكوت عما ليس بذم وهو الثلث الصميم ولأنه هو الأصل المعلوم فلا حاجة لذكره، وأمّا الحديث فقوله " وقرّة عيني " كلام مبتدأ قصد به الإعراض عن ذكر الدنيا وما يحبب منها وليست عطفا على الطيب والنساء لأنها ليست من الدنيا وهذا بناء على ذكر " ثلاث " فيه، وقد تال الطيبي: وغيره

الصفحة 47