كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

أنه لي! في كتب الحديث، فلا شاهد فيه على
هذه الرواية لكن إثباتها كما وقع للزمخشريّ وقع للراغب أيضاً، وحسن الظن بهم يقتضي أنهم ظفروا به في رواية، وليس هذا محلاً للرّواية بالمعنى ولا للسهو ولا مانع من جعل الصلاة الواقعة في الدنيا منها لأنه ليس المراد بها ما يكون صرف أمور دنيوية بل ما يقع فيها وإن كان له تعلق بالآخرة وتغيير التعبير إشارة إلى مغايرته لما قبله وفي قوله ثلاث تغليب للمؤنث على المذكر والا لقال ثلاثة، وقوله: " حبب " مجهول أي حببه الله، وقوله: " دنياكم " إشارة إلى أنه لا علاقة له بالدنيا وأن تحبيبها من الله، ولذا أبيح له الزيادة على الأربع لفوائد جمة كمعاملتهن باللطف تشريعاً وكأطلاعهن على أموره الخفية حتى يتعلمها منهن النساء، وليس محبتهن لمجرد الوطء والتلذذ معاذ الله حتى أن بعض القصاص قال: ما سلم أحد من هوى حتى محمد صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث لجهله فأنكره عليه بعض العارفين وكفره، ووقع في هئم لذلك فرأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في المنام يقول له لا تهتم فقد قتلناه فخرج عليه بعض قطاع الطريق وقتله عقيب ذلك، وقدم الطيب لأنه حظ الروح المقدم على البدن، وفي قوله: ومن دخله تغليب للعقلاء لأنه يأمن فيه الوحوش والطيور بل النبات، وإنما يلزم الحذف في الحديث لو لم يكن من بدل البعض من الكل وعلى ما ذكروه فيه حذف بعض البدل أو البيان وفسر الأمن بالأمن من عذاب الآخرة، وأشار بما نقل عن أبي حنيفة إلى جواز إرادة العموم بأن يفسر بالأمن في الدنيا والآخرة وقوله: (بقاء الأثر والآمن) بالجرّ بدل من ضمير غيرهما. قوله: (من مات في أحد الحرمين الخ) أخرجه أبو داود والطيالسيّ والبيهقيّ والطبراني، بأسانيد مختلفة وقوله: ولكن ألجئ إلى الخروج أي بمنع إطعامه ومبايعته والمسألة وخلاف الثافعي فيها في الفروع قال الجصاص لما كانت الآيات المذكورة في الحرم ثم قال: ومن دخله كان آمناً وجب أن يكون مراده جميع الحرم. قوله: (قصده للزيارة (يعني أنّ الحج في اللغة مطلق القصد والمراد به هنا قصد مخصوص غلب فيه حتى صار حقيقة فيه شرعاً وحج بالكسر كعلم لغة فيه. قوله:) بدل من
الناس مخصص له) يعني من بدل من الناس العامّ بدل بعض من كل مخصص له لأنه المقصود بالنسبة، واحتمال أن يراد بالناس من استطاع وهذا مبين له فهو بدل كل من كل خلاف الظاهر. قوله: (الاستطاعة الخ (أصل معنى الاستطاعة استدعاء طواعية الفعل وتأتيه، والمراد بالاستدعاء الإرادة وهي تقتضي القدرة فأطلقت على القدرة مطلقا أو بسهولة فهي أخص منها، وهو المراد هنا والقدرة إمّا بالبدن أو بالمال أو بهما وفسر النبئ صلى الله عليه وسلم الاستطاعة وقد سئل عنها كما رواه ابن ماجه وغيره بسند حسن بالزاد والراحلة وهو بحسب الظاهر مع الشافعي رضي الله عنه حيث قصر الاستطاعة على المالية دون البدنية وهو مخالف لمالك رحمه الله مخالفة ظاهرة، وأما أبو حنيفة رحمه الله فيؤوّل ما وقع في الحديث بأنه بيان لبعض شروط الاستطاعة بدليل أنه لو فقد أمن الطريق أو لم تجد المرأة محرماً لم يجب، وقوله: وكل مأتي أي ما يتأتى به الوصول من الطريق وما يلزم اسم مكان تجوّز به، وقيل: إنه آلة. قوله: (وضع كفر الخ) يعني أن المراد بمن كفر من لم يحج، وتاركه ليس بكافر إلا إذا استحله فأشار إلى أنه للتغليظ على تاركه كما وقع في الحديث فليس المقصود ظاهره، وقوله: ولذلك أي للتغليظ. قوله: (من مات ولم يحج الحديث) قال ابن الجوزي: هو موضوع وردّه في اللآلي بأنه أخرجه الترمذيّ وضعفه من حديث عليّ رضي الله عنه ولفظه من ملك زادا وراحلة تبغله إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا وأخرجه الدارمي في مسنده من حديث أبي أمامة رضي الله عنه:
" من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض حابس فمات ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً " وتعدد طرقه إن لم يحسنه خفف ضعفه، وموافقة معناه للآية تقوّيه أيضاً. قوله: (وقد كد أمر الحج في هذه الآية من وجوه الخ) أي شأنه وما يتعلق بإبرازه في صورة الخبر قد تقدم وجه أبلغيته والاسمية تفيد الثبات والدوام وكونه حقاً واجبا يفهم من اللام ومن على والتعميم من الناس والتخصيص من قوله: من استطاع الداخل فيهم، وقوله: من حيث إنه فعل الكفرة إشارة إلى أنه مجاز للمشابهة في تركه، والعدول عن المضمر للمظهر

الصفحة 48