كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

مبتدأ ظاهر كلام المصنف رحمه الله الثاني، وكلام الكشاف
الأوّل والألف واللام للعهد أي النصر الواقع في يوم بدو وسكت عنه الزمخشريّ، ولو حمل على الجنس لصح أي وما نصر الله إلا لإعزاز دينه وخذل أعدائه، وصناديد جمع صنديد وهو الرئيس، قال الطيبي: جعلهم أشرافا لأنه كان في الواقع كذا، وتنكير طرفاً يدل عليه وفي الأساس وهو من أطراف العرب أي أشرافها، وقيل: تخصيص الطرف لأنّ أطراف الشيء يتوصل بها إلى توهينه وازالته.
(قلت) كون الأطراف بمعنى الإشراف لتقدمهم في السير، ونحوه الأطراف منازل الأشراف، والناس تستعمله الآن لعكسه والكبت الغيظ والغنم المؤثر وقيل: إنّ كبته يكون بمعنى كبد. أي أصاب كبده كرآه بمعنى أصاب رئته وإنه مراد المتنبي بقوله:
لا كبت حاسداً وأرى عدوّاً كأنهما وداعك والرحيل
أي لا وجع كبده ورئته، وشبه الحاسد بالوداع لما فيه من زوال نعمة الوصال التي يتمناها الحاسد والعدوّ بالرحيل لأنه قاتل مبغوض، وهو معنى حسن، وإنما حمل أو على التنويع دون الترديد لأنهما وقعا. قوله: (عطف على قوله أو يكبتهم الخ (في الكشاف عطف على ما قبله منقوله ليقطع أو ليكبت ويحتمل عطفه على ينقلبوا وله وجه قال النحرير: وجه سببية النصر على تقدير تعلق اللام بقوله: وما النصر إلا من عند الله ظاهر، وأما على تعلقها بقوله: ولقد نصركم الله فلأن النصر الواقع من أظهر الآيات فيصلح سبباً للتوبة على تقدير الإسلام أو لتعذيبهم على تقدير البقاء على الكفر لجحودهم بالآيات وان أريد تعذيب الدنيا بالإسر فظاهر فإن قيل هو يصلح سبباً لتوبتهم، والكلام في التوبة عليهم قلنا يصلح سببا للإسلام الذي هو سبب التوبة عليهم فهو سبب لها بالواسطة. قوله: (ويحتمل أن يكون معطوفاً الخ) قال قدس سره: لما كان في وجه سببية النصر للتوبة والتعذيب خفاء وفي الفصل مع الاعتراض بعد ذهب بعضهم إلى أنه ليى معطوفا على يقطع بل بإضمار أن من عطف الفعل المضارع المنصوب على الأمر أو شيء وهو من عطف الخاص على العام، وفي كونه بأو نظر وذهب بعضهم إلى أنها بمعنى إلا أن وهو معروف في النحو، وقيل في الفرق بين العطف على الأمر وشيء أنّ الأوّل سلب توابع التوبة من القبول والردّ، توابع التعذيب من الخلاص والمنع من النجاة. والثاني سلب نفس التوبة والتعذيب يعني أنك لا تريد بالتوبة ما هو سبب التوبة عليهم
أعني الإسلام إذ لم يذكر توبتهم وقيل هذا إذا كان الأمر بمعنى الشأن، ولك أن تجعله بمعنى
التكليف والإيجاب أي ليس ما تأمرهم به من عندك، ولا يخفى ما في حمله على التكليف من التكلف. قوله: (روي أنّ عتبة بن أبي وقاص الخ) أخرجه عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير عن قتادة وهو في الصحيح من حديث سهل بن سعد وليس فيه ذكر عتبة، وقوله: وكسر رباعيته بتخفيف الياء هي من مقدم الأسنان، وفيه تصريح بأنها لم تقلع من أصلها بل كسر طرفها وهو المصرّح به في السير، وإنما أوّل الظلم باستحقاق التعذيب لأنه المتفرّع على التعذيب، ولولاه لكان الظاهر العكس.
وقال النحرير رحمه الله: أنّ قوله:) شجه الخ) يشبه أن يكون وجها آخر في معنى (ليس
لك من الأمر) الخ وهو أنه نوع معاتبة على إنكاره فلاح القوم، وكذا القيل الآخر فإنه نهى له عسير أن يدعو عليهم، وقيل: هما لمجرّد بيان سبب النزول، وقوله: (قله الأمر كله الا لك فهو بيان لما قبله. قوله: (صريح في نفي وجوب التعذيب الخ) هذا ردّ على الزمخشرفي إذ قيده بما ذكر بقرينة ما قبله واستدل به على مذهبه من وجوب تعذيب العاصي واثابة المطيع، ولا يخفى أن التقييد خلاف الظاهر، وان تعليقه بمشيثته ناطق بالإطلاق، مع أنّ الآية في الكفار فكيف يستدل بها على إغراضه الفاسدة لكن العصبية تعمي وتصمّ، وقوله: فلا تبادر إلى الدعاء الخ مبنيّ على القيل الأخير. قوله: الأ تزيدوا زيادت مكرّرة) إشارة إلى أن التضعيف بمعنى التكرير مطلقا وعنب الخيل رحمه الله تعالى التضعيف أن يجعل الشيء مثلين أو أكثر وضعف الشيء مثله وضعفاه مثلاه وأضعافه أمثاله، وفي الكشف الضعف اسم ما يضعف الشيء كالثني، اسم ما يثنيه من ضعفت الشيء بالتخفيف فهو مضعوف على ما نقله الراغب بمعنى ضعفته

الصفحة 61