كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

بالنصب أي نصب الجلالة، وقيل: هو عامّ الخ فالمخاطب هم المؤمنون جميعا، والمخاطب على الأوّل الصحابة والكافرون للعهد والمعهود إمّا المنافقون وامّا اليهود والنصارى والمشركون، وتوله (عن ولاية غيره) هو أبو سفيان وما
عداه من الكفرة.
قوله: (يريد ما قذف الخ) فالرعب رعب المؤمنين بأحد قيل وينافيه السين إلا أن يحمل
على التأكيد، ولقابل يعني للعام القابل، وليستأصلوهم يعني ليقتلوهم جميعاً ويقلعوهم من أصلهم وعلى هذا فالرعب رعب المشركين وقوله: (بالضم (أي ضم عين الرعب وهي الأصل والسكون للتخفيف وقيل هما لغتان، وقيل: الأصل السكون والضم للاتباع. قوله:) بسبب إشراكهم به الخ) فالباء سببية وما مصدرية وآلهة تفسير لما، وحجة تفسير لسلطانا لأنه بها يتقوّى على الخصم فالنون زائدة والسليط الزيت أو دهن السمسم، وقيل: النون أصلية، وقوله: ولا ترى الضب بها ينحهجر أي يدخلى حجرا وهو شاهد لما فيه انتفاء المقيد لانتفاء قيده اللازم، وهذا كقولهم السالبة لا تقتضي وجود الموضوع غحاصله أنه سلب لا يقتضي وجود الموضوع، وهو في وصف مغارة وأوّله:
لا يفزع الأرنب أهوالها
أي لا ضب بها حتى ينحجر ولا حجة حتى ينزلها فالمراد نفيهما جميعاً. قوله: (أي مثواهم فوضع الظاهر الخ) فالتغليظ من جعلهم ظالمين والتعليل من التعبير بالمشتق فإنه يقتضي أن مأخذه علة الحكم كما مرّ. قوله: (أي وعده إياهم بالنصر الخ) يعني أن المصدر مضاف لفاعله، وصدق يتعدى لمفعولين وقد يتعدى لواحد وهذا إشارة إلى ما مر في قوله:) إن تصبروا ولتقوا الخ) ومعنى يرشقونهم يرمونهم بالسهام، والرماة جمع رام فالمراد بالوعد النصر
المشروط بما ذكر وقوله: تقتلونهم أصل معنى حسه أصاب حاسته بآفة فأبطلها مثل كبده ولذا عبر به عن القتل، وقيل للقتل حسيس ومنه جراد محسوس إذا طبخ كله عن الراغب رحمه الله ومن لم يقف عليه استبعده وأصل معنى الفشل الضعف وضعف القلب بالجبن والحرص من ضعف العقل واليقين وكذا ضعف الرأي من ضعف العقل فلذلك فسرها بها وقوله: فثبت مكانه أي في مكانه ولزمه، والمعنيّ كالمرضيّ بمعنى المقصود ومن الظفر والغنيمة بيان لما، وفاعل أراكم الله. قوله: (وجواب إدّا محذوف وهو امتحنكم الخ (في حتى هذه قولان قيل حرف جر بمعنى إلى ومتعلقها تحسونهم أو صدقكم أو محذوف تقديره دام لكم ذلك، وقيل حرف ابتداء دخلت على الجملة الشرطية من إذا وما بعدها وجوابها قيل تنازعتم والواو زائدة، وقيل صرفكم، وثم زائدة وهو ضعيف جدا والصحيح أنه محذوف وقدره ابن عطية، انهزمتم والزمخشريّ منعكم نصره وأبو البقاء بأن لكم أمركم بدليل ما بعده وقدره المصنف رحمه الله امتحنكم، وقدره أبو حيان انقسمتم قسمين ولكل وجهة والمركز مكانهم الذي أمرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بلزومه. قوله: (كفكم عنهم الخ) أي بترك القتال، وتحول الحال من الغلبة إلى ضدها، والمراد بالابتلاء الامتحان وهو استعارة تمثيلية أي يعاملكم معاملة من يمتحن ليبين أمركم والا فالامتحان على الله محال وقوله: (ولما علم من ندمهم) أي فإنه سبب للعفو بمقتضى الفضل والكرم فالمراد بالتفضل محض التفضل ليقابل ما بعده، وأديل بمعنى جعل الدولة إمّا لهم وإمّا عليهم. قوله:) أو بمقدر كاذكر الخ) هذا على قراءة الياء التحتية المذكورة في الكشاف ظاهر وأمّا على قراءة الخطاب فقيل إنه مشكل إذ يصير المعنى اذكر يا محمد إذ تصعدون يعني لما فيه من خطأ بين بدون عطف فالصواب اذكروا وأجيب بأنّ المراد باذكر جنس هذا الفعل فيقدر
اذكروا لا أذكر ويحتمل أن يكون من قبيل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} [سورة الطلاق، الآية: ا] ولا يخفى أنه خلاف الظاهر قد سنح لنا أنّ أذكر متضمن لمعنى القول والمعنى قل لهم حين تصعدون الخ، ومثله لا منع فيه كما تقول قل لزيد أتقول كذا فإنّ الخطاب المحكي مقصود لفظه فلا ينافي القاعدة المذكورة وهم غفلوا عنه فتأمّل، وأشار إلى أنّ الصعود هنا بمعنى الذهاب في الأرض مطلقأ وأصله الذهاب إلى جهة العلو، ويقابله الانحدار، وظاهر كلامهم الفرق بين الصعود والتصعد فإنه الذهاب في العلوّ، وهو الذهاب مطلقا وفيه نظر وقبل إنه إشارة إلى غلوهم فيما تخيروه كقولهم: أبعدت في كذا، وارتقيت فيه مرتقي فكأنه قال: إذا بعدتم في استشعار الخوف، والاستمرار على

الصفحة 70