كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

الله عليه وسلم، وعلى الثاني القائل بعض المنافقين لبعض، وعن العلامة أن قوله يقولون هل لنا الخ تفسير ليظنون وترجمة له، والاستفهام لا يكون ترجمة للخبر كما لا يصح أن تقول أخبرني زيد قال لي: لا تذهب وكذلك كل ما لا طباق فيه كنحو نهاني قال لي اضرب وأمرني قال لي: لا تضرب ومن هذا المثال يظهران ما يتوهم من أن البدل يقولون، وهو خبر ليس بشيء وتحقيقه أن المطابقة بين الحكاية والمحكي واجبة وحاصل السؤال أن متعلق الظن النسبة التصديقية فكيف يقع الاستفهام ترجمة له، والجواب أن الاستفهام طلب علم فيما يشك أو يظن فجاز أن يكون متعلق الظن وتحقيقه أن الظن أو العلم متعلق بما يقال في جواب ذلك الاستفهام، وهذا كما قال لك صديقك هل تسعفني في كذا فتقول ظننت بنا سوءاً إشارة إلى أنه كان يجب عليه القطع بالإسعاف ولا يجعله مورد الاستفهام الناشئ عن الظن الفاسد وفي الآية وجه آخر وهو أن الاستفهام إنكارفي لا حقيقيّ فهو خبر وأوثر الأوّل لأنّ هذا يدفعه أنهم أخفوا قولهم لو كان لنا من الأمر شيء وهذا السؤال على القول الأوّل، وأمّا على الثاني وهو أن معنى هل لنا لم نملك من التدبير فلا ورود له، وإنما ظن السوء تصويبهم رأي عبد الفه ومن تبعه، وقوله: إنا منعنا إشارة إلى أنّ الاستفهام غير حقيقيّ وما بعده إشارة إلى أنه على ظاهر.. قوله:) أي الغلبة الحقيقية الخ (فالأمر بمعنى البال والشأن والمراد ما ذكر، وقوله: وأوليائه إشارة إلى أنّ كون الغلبة لله كناية عن غلبة أوليائه وحزبه لكونهم من الله بمكان فعلهم فعله، أو الأمر بمعنى
القضاء أي القضاء مخصوص به لا يشاركه فيه غيره فيفعل ما يريد. قوله:) حال من ضمير يقولون الخ (وأتم جعله حالاً من فاعل قل والرابط لك فلا يخفى حاله وفسر يقولون بالقول النفسي، أو بقول بعضهم لبعض لأنه لو كان جهاراً لم يكونوا منافقين، وأمّا الاستئناف ففي جواب سؤال كأنه قيل ما الذي أخفوه تيل، وهو أجود لكثرة فوائده وقلة الاعتراض بين الحال وذيها ولأنّ بدل الحال حال ولا مقارنة بينهما لترتبه على ما قبله لا لأنه لا يجتمع قولان من متكلم واحد لأنّ زمان الحال المقارن ليس مبنياً على التضييق مع أنّ القول إذا كان نفسيا لا يتأتى هذا التوجيه، وقوله: كما وعد الخ إشارة إلى تفسير الأمر السابق بالنصر والظفر، وقوله: أو لو كان لنا اختيار مبني على تفسير هل لنا بأنا منعنا من التدبير وهو رأي ابن أبيّ بعدم الخروج من المدينة فقوله: لم نبرح أي لم نبرح بالمدينة. قوله: (لما غلبنا ولما قتل من قتل الخ) القائلون ليسوا ممن قتل لاستحالته فلذا أوّله بغلبنا وقتل منا على أنّ القتل بمعنى المغلوبية أو الإسناد مجازي بإسناد ما للبعض للكل. قوله: (أي لخرج الذين قدّر الله عليهم الخ (المضاجع إن كان بمعنى المراقد فهو استعارة للمضارع، وان كان بمعنى محل امتداد البدن مطلقا للحيّ والميت فهو حقيقة، وقوله: لا معقب لحكمه أي لا يأتي بعده ما يغيره فإن قلت كيف يكونون جميعا في بيوت المدينة مع بروز المقتولين إلى أحد قلت المراد بكونهم في بيوتهم! ولم يخرجوا للقتال بجملتهم، وهو لا ينافي خروج بعضهم لأمر آخر، وأما أنّ المراد بمن كتب عليهم القتل الكفار الذين قتلوهم بأن يخرجوا من عسكرهم ويدخلوا عليهم المدينة فيقتلوهم في بيوتهم بحيث لا يفيدهم التحصن، كما قيل: فبعيد لأنّ الظاهر من عليهم أنهم مقتولون لا قاتلون. قوله: (وليمتحن الله ما في صدوركم الخ (تقدم أنّ الامتحان مجاز عن
الإظهار وأنّ مثل هذا التركيب متعلق بمعلل معطوف على ما قبله من مجموع الشرطية أو جوابها والظاهر أنه معطوف على أنزل عليكم، ولا فصل بينهما لأنّ ما بعده إلى هنا من متعلقات المعطوف عليه أو على علة أخرى محذوفة، وأمّا عطفه على لكيلا فبعيد وتوسط تلك الأمور محتاج إلى نكتة، وقوله: من الإخلاص والنفاق يدل على أنه عنده معطوف على أنزل وأنه عاتم للطائفتين والزمخشريّ جعله للمؤمنين فقط لأنهم المعتد بهم ولأنّ إظهار حالهم مظهر لغيرهم، فما قيل: إنه يدل على أنّ الخطاب في هذه الآية للمؤمنين والمنافقين معاً فإنّ إظهار الإخلاص يناسب المؤمنين واظهار النفاق يناسب المنافقين وسوق الآية على أنه للمنافقين لأنهم القائلون لو كان لنا الخ، وصاحب الكشاف جعله للمؤمنين والاعترأض عليه أقوى ليس له وجه مع كون السياق على أنّ الخطاب للمنافقين لا وجه له مع قوله وليمحص، وقد

الصفحة 72