كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

تكون حيث يؤتى بصيغة الحال وهذه صيغة استقبال، الثاني إن قولهم لو كانوا عندنا إنما هو بعد موتهم فكيف يتقيد بالضرب في الأرضى، وأجيب بأنّ إذا للاستمرار كما صرح به الزجاج من أنها تكون لمجرّد الوقت وقصد الاستمرار، وبأنّ قالوا لإخوانهم في موضع الجزاء معنى فيكون المعنى إذا ضربوا الخ قالوا لو كانوا عندنا الخ فيقيد القول به باعتبار آخره لأنّ المعتبر في مثله المقارنة العرفية كقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [سورة البقرة، الآية: 198، وهذا لا يصحح ما ذكره الزمخشريّ والمصنف ولا يدفع الاعتراض لأنها إذا كانت للاستمرار شمل الماضحي فلا تكون لحكاية الحال، وكذا إذا كان قالوا جواب إذا يصير مستقبلا فلا تتأتى فيه حكاية الحال المذكورة، وأجيب أيضا بأنّ النظر الصائب يقتضي أن تجعل إذا ظرفا لما يحصل للإخوان حتى يقال لأجلهم وفي حقهم ذلك كأنه قيل قالوا: الآجل الأحر ال العارضة للأخوان إذا ضربوا بمعنى حين كانوا يضربون وهذا لا يصحح بحسب العربية فكأنه نحا نحوا مما قاله أبو حيان رحمه الله: من أنه يمكن إقرار إذا على الاستقبال بأن يقدر العامل فيها مضافا مستقبلا على أنّ ضمير لو كانوا عائد على إخوانهم لفظا لا معنى على حد عندي درهم ونصفه والتقدير قالوا؟ لمخافة هلاك إخوانهم إذا ضربوا أو كانوا غزاً لو كان إخواننا الآخرون الذين تقدم موتهم وقتلهم عندنا ما ماتوا، وما قتلوا فتكون هذه المقالة تثبيطاً لإخوانهم الباقين عن الضرب، والغزو لئلا يصيبهم ما أصاب الأوّلين، ونقل في المغني أنها تكون للحال بعد القسم فلو حمل عليه هذا لصفا عن الكدر لكنهم تركوه لأنه غير مسلم عندهم. قوله: (جمع غاز كعاف وعفا الخ) يعني جمع فيه فاعل على فعل بالتشديد كشاهد وشهد وهو من نوادر الجمع قي المعتل ولهذا استشهد عليه بعفا في قول امرئ القيس:
ومغبرّة الآفاق خاشعة الصوى لها قلب عفا الحياض أجون
يصف مفازة بأنها لم تسلك قبله، والصوى جمع صوة وهي الحجارة تنصب علما للمفازة والقلب جمع قليب وهي البئر القديمة، وعفا بمهملة وفاء آخره بمعنى دارسات وأجون جمع أجنة بمعنى متغيرة والمصنف رحمه الله أشار إلى محل الشاهد منه، وقرئ بالتخفيف بحذف إحدى الزايين أو التاء فاصله غزة ويجمع أيضا على غزاة وغزاه ككرام وغزيّ كغنيّ وغازين، وقوله: يدل على أن إخوانهم لم يكونوا مخاطبين لأنه تصريح بأنهم ليسوا عندهم فاللام للتعليل كما مرّ. قوله: (متعلق بقالوا الخ) هذا ما داخل في التشبيه أو خارج عنه فعلى الأوّل يتعلق
بقالوا وليس هذا علة لقولهم فيجعل مجازاً بأن يشبه الأمر المترتب على الفعل بالعلة الباعثة عليه وششعار له حرفه وهو المسمى بلام العاقبة وعلى الثاني متعلق بلا تكونوا أي نهاكم عنه ليجعل اعتقادكم الظاهر لهم حسرة فذلك إشارة إلى الاعتقاد الذي تضمنه القول أو للنفي المدلول عليه بالنهي قيل وجعل الحسرة في قلوبهم عبارة عن تمكنها ولزومها لهم، وقولهم: مما يغمهم أي يورثهم الغم والحزن. قوله: (أي هو المؤثر في الحياة والممات الخ) صرف المحيي عن معناه الظاهر وهو موجد الحياة لأن الكلام ليس فيه ولا يحصل به الردّ وإنما الكلام في إحداث ما يؤثرهما، وجعله تهديدأ لهم لأنّ علم الله ورؤيته يستعمل في القرآن للمجازاة على المعلوم والمرئيّ والمؤمنون لم يماثلوهم فيما ذكر لكن ندمهم على الخروج من المدينة يقتضيه، وقرئ متم بالضم من مات يموت مثل كنتم من كان يكون، وبالكسر من مات يمات مثل خفتم من خاف يخاف كما هو مقرّر في التصمريف، ولام لئن موطئة للقسم ولام لمغفرة في جواب القسم، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ووفائه بمعناه وهو معنى قوله ساذ مسده، وقدم القتل على الموت أوّلاً لأنه أكثر ثوابا وأعظم عند الله فترتب المغفرة والرحمة عليه أقوى، وقدم الموت في الثانية لأنه أكثروهما مستويان في الحشر، وقوله: وان وقع ذلك أي الموت لا التقديم. قوله: (لإلى معبودكم الخ) في الكشاف اسم الله لما كان اسما للذ ات الجامع لصفات الكمال على وجه الكمال كان ذكره في معرض! الوعد منبئا عن تمام الرضا والكرم والرحمة، وفي معرض الوعيد عن غاية السخط والانتقام وتقديمه يدل على الحصر أي
إليه تحشرون لا إلى غيره فلا

الصفحة 74