كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

تقديم المتعلق أنه لا ناصر سواه.
قوله: (وما صح لنبئ أن يخون الخ) يعني المراد الإخبار بأنه يمتنع عليه امتناعا ظاهراً
قويا لما في الانتصاف من أنّ هذه الصيغة ترد للامتناع العقلي كثيراً نحو ما كان دئه أن يتخذ من ولد ما كان لكم أن تنبتوا شجرها، وأمّا إذا كان مبالغة في النهي فهو خبر أجرى مجرى الطلب مبالغة وفي الانتصاف أن هذه الصيغة وردت نهياً في مواضع من التنزيل نحو: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [سورة الأنفال، الآية: 67، {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} [سورة التوبة، الآية: 13 ا] وهي واردة فيهما لا تختص بأحدهما كما قيل ومنافاة النبوّة للخيانة ظاهرة، وأصل الغل والإغلال! الأخذ في خفية، ولذا استعمل في السرقة، ثم خص في اللغة بالسرقة من المغنم. قوله: (والمراد منه إمّ براءة الرسولى صلى الله عليه وسلم! ااتهم ب الخ) وحديث القطيفة أخرجه أبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما وحسته وظن معطوف على اتهم وفي الكشاف فيه زيادة وهي كما لم يقسم يوم بدر فقال لهم النبئ صلى الله عليه وسلم ألم أعهد إلبكم أن لا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمري فقالوا: تركنا بقية إخواننا وقوفاً فقال صلى الله عليه وسلم: بل ظننتم أنا ننل ولا نقسم لكم فنزلت وكذا هو في تفسير الواحدي وغيره عن مقاتل وتركه المصنف لما فيه من مخالفة ما سيأتي في الأنفال من قسم غنائم بدر 0 قوله: (وأمّا المبالغة في النص للرسول صلى الله عليه وسلم الخ) والطلائع الجواسيس على العدوّ واحدهم طليعة وقد يطلق على الجماعة أيضاً، والمراد من التغليظ المبالغة في المنع حيث جعله سرقة وهو للتهييج والإلهاب على الترك كما في لئن أشركت، وفي شرح الكشاف أن لفظة التغليظ قبيحة لأنّ عادة الله مع حبيبه صلى الله عليه وسلم التلطيف لا التغليظ، وكذا أنكر على النحرير في قوله عد أدنى زلة منه غلولاً إطلاق الزلة عليه صلى الله عليه وسلم وإنه مخالف للأدب وقوله: (ولم يقسم للطلائع) أي لم يعين لهم قسما، وقوله: ثانية يعني كما بالغ في النهي بصيغة الخبر المستعمل في الممتنعات كما مرّ بالغ في تسمية الحرمان غلولاً، وقيل النهي عن الحرمان الذي هو أدنى صفة من الغلول نهى عن الغلول بطريق المبالغة والتسمية
الأخرى مبالغة في ذلك فتأمّل. قوله: (والمعنى وما صح له أن يوجد كالاً الخ (في هذه القرأءة توجيهات منها أنه من أغله بمعنى وجده غالأ كقولهم أحمده وأبخله وأجبنه بمعنى وجده كذلك ومنها أنه من أغله بمعنى نسبه للغلول كأكذبه إذأ نسبه للكذب، والمعنى النهي عن نسبة ذلك إليه. قوله: (يأت بالذي غله الخ) والحديث الذي أشار إليه ما رواه الشيخان: " والذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لا يغلى أحدكم شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه " وفي معناه أحاديث أخر فالإتيان على ظاهره وعلى ما بعده الإتيان به مجاز عن الإتيان بإثمه تعبيرا بما غل عما لزمه من الإثم مجازا، وكذا قوله ما كسبت فإنه عبارة عن جزائه، ويحتمل تقدير المضاف، وقوله: كالبرهان لأنه يلزم من توفية كل كاسب جزاءه أن يبوء بإثمه. قوله:) فلا يخقص! ثواب مطيعهم) تفسير لعدم الظلم وليس فيه أن ذلك بطريق الوجوب على الله تعالى فهو بمقتضى الحكمة والعدل، فلا يرد عليه أنه ليس مدّهب أهل السنة كما قيل وقد تقدّم الكلا! على قوله أفمن الخ وقوله: وبئى المصير إمّا تذييل واعتراض أو معطوف على الصلة بتقدير ويقال في حقهم وبئس المصير، ولم يذكر في مقابله الجنة لأنّ رضوان الله أكبر وهو مستلزم لكل نعيم عندهم فافهم وفرق بين المصير والمرجع بأنّ الأوّل يقتضي مخالفة ما صار إليه من جهنم إلى ما كان عليه في الدنيا لأنّ الصيرورة تقتضي الانتقال من حال إلى حال أخرى كصار الطين خزفاً، والمصير اسم مكان ويحتمل المصدرية. قوله: (شبهوا بالدرجات الخ) أي هو تشبيه بليغ بحذف الأداة والضمير لمن اتبع رضوان الله ومن باء بسخط من الله جميعاً شبههم بالدرج في تفاوتهم علواً وسفلاً وعلى تقدير ذو ولا تشبيه، والمراد أنهم ذوو درجات أي منازل! أو أحوال متفاوتة وفيه نظر. قوله: (عالم بأعمالهم الخ) تبع فيه الزمخشري، والحق خلافه قال:
في شرح المواقف اتفق المسلمون على أنه سميع بصير لكن اختلفوا في معنافما فقالت الفلاسفة والكعبي وأبو الحسن البصري: إنهما عبارة عن علمه تعالى بالمبصرات والمسموعات وقال الجمهور: منا ومن المعتزلة والكرامية إنهما صفتان زائدتان على العلم فإنا إذا علمنا شيئا علماً جلياً ثم

الصفحة 76