كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

أبصرناه نجد فرقاً بين الحالتين بالبديهة وأنّ في الحالة الثانية حالة زائدة في الإبصار. قوله: (أنعم على من آمن الخ) يعني أن المنة على مؤمني قومه، وهم العرب المستفاد من قولهم من أنفسهم لزيادة انتفاعهم بها في الدنيا بالغنائم والعز السرمدي ككون الإمامة فيهم وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون لفهم لسانه، وفي الآخرة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، والقراءة الأخرى بمن الجارة لمن المشذد النون واعرابها ما ذكره المصنف رحمه الله وترك احتمال كون إذ مبتدأ المذكور في الكشاف لما فيه من مخالفة جمهور النحاة مع تكلفه. قوله: (من نسبهم أو من جنسهم الخ) يعني كونه منهم إمّا نسبا فيخص قريشا أو جنسأ فيعم العرب، وكونه صلى الله عليه وسلم من أشرف القبائل غنيّ عن البيان، والبطن ما دون القبيلة كالفخذ وتفصيله في اللغة والمراد من دنس الطباع ما كان فيهم من الجاهلية، وفسر الحكمة بالسنة والمراد بها الشريعة مطلقاً المعروفة بغير وحي متلو لمقابلة الكتاب. قوله: (وإن هي المخففة واللام هي الفارقة) أي المزيدة للتأكيد والفرق بين أن المخففة والنافية، وأن هذه إن دخلت على جملة اسمية جاز إعمالها في الاسم الظاهر خلافا للكوفيين والسماع يبطل مذهبهم، وأمّا عملها في ضمير شأن أو غيره مقدراً فذكره مكي والزمخشرفي، وتبعه المصنف رحمه الله وردّه أبو حيان بأنه لم يقل به، أحد من النحاة وانها إذا دخلت على الفعلية كما هنا وجب إهمالها والأكثر كون مدخولها ماضياً ناسخا ككان ودونه أن يكون مضارعا ناسخاً نحو وان يكاد الذين كفروا وهو قياسيّ، ودونه أن يكون ماضيا غير ناسخ نحو:
شلت يمينك إن قتلت لمسلما
أو مضارعا غير ناسخ نحو:
أن يزينك لنفسك
وأمّا قول الحلبيّ إنّ كلام الزمخشرفي، وهو معنى كلام المصنف بعينه تفسير معنى لا إعراب فخلاف الظاهر، وأن وضحه بعضهم بأنهما لم يريدا بقولهما وأنّ الشأن تقدير ضمير الشأن بل جعل الجملة حالاً بتأويل الشأن، والقصة لئلا يختلف زمان الحال والعامل فإنّ زمان الكون في ضلال قبل زمان التعليم لكن كون القصة ذلك مستمرّ، وادّعى إنه تأويل شائع في الحال الذي يتقدم زمان تحققه زمان تحقق العامل، وفيه تأمل. قوله: (الهمزة للتقريع والتقرير الخ) جملة قد أصبتم أي نلتم ووجدتم صفة مصيبة وقلتم جواب لما فإنه ظرف بمعنى حين لا حرف وجود لوجود على الصحيح يستعمل للشرط يليه ماض لفظا أو معنى، والجملة بعده مجرورة بالإضافة وناصبه الجزاء وأنى هذا جملة اسمية مقدمة الخبر وهي مقول القول ومجموع الجملة معطوف على قوله: {لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ} إلى هنا، وللتعلق بقصة واحدة لم يتخلل بينهما أجنبيّ، والهمزة متخللة بين المتعاطفين للتقرير بمعنى التثبيت أو الحمل على الإقرار، والتقريع على مضمون المعطوف كذا قال النحرير وفيه دفع لما قيل إنّ العطف على ما مضى فيه بعد، ويبعد أن يقع مثله في القرآن لكن فيه نظر لأنه عطف القصة على القصة كما ذكر لكن هذا من جملة تلك القصة فلا يعد قصة أخرى. قوله: (أو على محذوف الخ (ففي مثله ثلاثة طرق العطف على ما تقدم وجعل الإنكار للجمع متعقبا أو غير متعقب والهمزة مقدمة من تأخير، والعطف على مقدر وصاحب المغني لم يحقق مسلك الزمخشريّ فيه فخلط الطريقين، والعطف على مقدر بعد الهمزة، وقوله: ولما ظرفه أي ظرف قلتم كما مرّ بيانه وجعل المثلين ضعفاً وقد مز تحقيقه وقوله والحال بيان للمعنى المراد لا إعراب للجملة حالاً لأنه يحتاج إلى تكلف، وجعل الضعف قتل سبعين وأسر سبعين بجعل الأسر كالقتل أو لأنهم كانوا تادرين على القتل، وهو كان مرضيّ الله فعدم القتل كان لتركه مع القدرة لا ينافي الإصابة، وقوله: من أين هذا مقول القول، وفسر أن بمعنى من أين أصابنا هذا لا بمعنى كيف كما مز تحقيقه لأنّ قوله من عند أنفسكم يدلّ عليه ولو كانت بمعنى كيف لم يطابق الجواب، ومعنى كونه من عند أنفسهم إنهم السبب له لا الفاعل والخالق. قوله:) وعن علئ الخ الأنهم اختاروا الفداء لصناديد العرب
ولو قتلوهم لم يقدروا على غزو أحد كما سيأتي تفصيله، وهذا رواه الترمذفي والنسائيّ وحسنه وقوله: (أن يصيب بكم ويصيب منكم (قال النحرير: أصاب منه هزمه ونال منه ما أراد وأصاب به جعله واحداً من العدوّ وما أراد، ويوم أحد بمعنى الحرب لأنّ أيام العرب وردت بهذا المعنى كثيراً.

الصفحة 77