كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

وأيام العرب وقائعهم، وحمراء بالمد مضاف إلى الأسد اسم موضمع على ثمانية أميال من المدينة وليست بدرا الصغرى لأنّ هذه في وقعة أحد وبدر الصغرى بعد بسنة، وقوله: وكان بأصحابه القرح يعني جراحات من حرب أحد، ومعنى تحاملوا على أنفسهم تكلفوا حمل المشقة عليها وكان المشركون هموا بالرجوع إلى المدينة فلما نهض المسلمون خلفهم خافوا وذهبوا. قوله: (يعني أي بالناس الركب الخ) فالناس الثاني غير الأوّل وأل فيهما للعهد لكن الناس الأول إن كان الركب فظاهر لأنهم جمع وإن كان نعيما فأطلق عليه ذلك كما يطلق الجمع واسم الجمع المحلى بالألف واللام الجنسية على الواحد منه مجازاً كما صرحوا به أو باعتبار أنّ المذيعين لكلامه كالقائلين لهم. قوله: (روي الخ) رواه ابن جرير أو غيره وضمير إنه لأبي سفيان رضي الله عنه ومرّ الظهران محل
معروف بقرب مكة، والميرة بكسر الميم شراء الطعام أو الطعام نفسه، وثبطوا بمعنى عاقوهم عن الخروج وغرضه أن يقال خرج أبو سفيان ولم يخرجوا أو أن لا يقع القتال لخوفه، وقوله: اتوكم في دياركم يعني أحداً، والشريد الفارّ. قوله: (الضمير المستكن للمقول الخ) قيل في رجوعه إلى الفاعل ضعف لأنّ الجمع أطلق على واحداً مجازاً فلا يجوز إفراد ضميره إذ لا يقال مفارقه شاب باعتبار أنّ المراد مفرقه، وردّ بأنه يكون كرجوع الضمير للفظ والمعنى ولا مانع منه ويحتمل أنّ الضمير لله أي فزادهم إيمانا بسبب ذلك.
تنبيه: قوله: إنّ المراد بالناس نعيم هذا ما ذهب إليه المفسرون والسهيلي.
وقال ابن عبد البرّ وابن حجر في أماليه هذا لم أره مسندأ وان نقله الثعلبي عن مجاهد وعكرمة، وقال الواقدي: وابن إسحق إنهم ناس من عبد قيس ورووه بسند فيه انقطاع واتهام وانحصر تسميته نعيما في مقاتل، وهو متروك ووقعت لي التسمية بسند قوي فيهم متهم وساقه. قوله: (وهو دليل على ان الإيمان يزيد ويتقص الخ (واركلام فيه معروف في الأصول والحديث والمصنف رحمه الله بني كلامه أوّلاً على أنّ الأعمال داخلة في الإيمان فزيادته ظاهرة، وثانيا على أنّ نفس التصديق والاعتقاد يقبل ذلك، وأما من لم يجعل الأعمال منه ولم يجعل التصديق قابلا للزيادة والنقصان فيؤوّل ما ورد فيه بأنه باعتبار المتعلق وما يؤمن به وقوله: وينقص حتى يدخل صاحبه النار معناه يضعف حتى يوقع صاحبه في أمور توجب دخول النار، والا فالإيمان لا يوجب النار بل الجنة ولو بمقدار خردلة. قوله: (محسبنا وكافينا الخ) يعني أنه بمعنى اسم الفاعل ولذا وصف به النكرة، وهو مضاف لأن إضافة اسم الفاعل لفظية لا
تفيده تعريفاً ويعلم منه أنّ المصدر المؤوّل باسم الفاعل له حكمه في الإضافة، وفي عطف جملة نعم الوكيل الإنشائية على حسبنا الله الخبرية كلام فمن جوّزه مطلقا أو فيما له محل من الإعراب لتأويله بالمفرد فالأمر عنده ظاهر، وتفصيله في حواشي المطول، وقوله: الموكول إليه إشارة إلى أن فعيل بمعنى مفعول، وقوله: فرجعوا من بدر المراد بدر الصغرى وهي بعد أحد بسنة. قوله: (قد تفضل عليهم بالتثبيت الخ) التثبيت، وما بعده معلوم مما مرّ وقوله: تحسير بالحاء المهملة بمعنى إيقاعهم في حسرة وندم على ما فاتهم ويحتمل الإعجام أن نسبة إلى الخسران والضلال، وحرم مبني للفاعل ونفسه مفعوله أو مبني للمفعول ونفسه تأكيد للضمير المستتر وما فازوا به مفعوله الثاني. قوله: (يريد به المثبط نعيماً الخ) يعني ذلكم إشارة إلى المثبط والمعوّق بقوله: إنّ الناس قد جمعوا لكم بالذات وهو نعيم أو بالواسطة كأبي سفيان والشيطان بمعنى إبليس خبره على التشبيه البليغ أو الشيطان صفة على التشبيه أيضا، ويحتمل أن يكون مجازا حيث جعله هو فإن كان الإشارة إلى القول فلا بد من تقدير مضاف، أي قول الشيطان ويكون الشيطان بمعنى إبليس لأنه علم له بالغلبة وأمّا على تقدير المضاف وان احتمل أن يكون الشيطان مستعاراً له لكن فيه تكلف معنى مع التقدير والتجوز فلذا تركه المصنف رحمه الله كغيره والتجوّز في الإضافة إلى

الصفحة 81