كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

إبليس لأنه بوسوسته وسبه فجعل كأنه قوله.
قوله: (أولياءه القاعدين عن الخروج الخ) يعني أولياءه يحتمل أن يكون ثاني مفعولي يخوّف والأوّل محذوف أي يخوّفكم من أوليائه أي أبي سفيان وذويه لقوله فلا تخافوهم فإن الظاهر عود ضميرهم إلى الأولياء فيكون هم المخوّف بهم ليلائم النهي عن المخوّف منهم، ويحتمل أن يكون المذكور هو المفعول الأوّل على أنّ المراد بهم القاعدون عن الخروج معه صلى الله عليه وسلم، والثاني متروك أو محذوف للعلم به أي يوقعهم في الخوف أو يخوفهم من أبي سفيان وأصحابه فلا يصح عود ضمير تخافوهم على أوليائه، بل هو راجع إلى الناس في قوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} [سورة آل عمران، الآية: 173] كضمير اخشوهم فهو رذ له، وبقي
الخطاب في ذلك إلى قوله إن كنتم مؤمنين للقاعدين أو للخارجين معه صلى الله عليه وسلم أو للجميع قال النحرير: الظاهر الأوّل لأن الخارجين لم يخافوهم بل خافوا الله وقالوا: حسبنا الله، ويجوز أن يكون للجميع والقصد التعريض بالقاعدين وإذا كان الخطاب للقاعدين فأولياؤه على أحد الوجهين من وضع الظاهر موضع المضمر نعياً عليهم بأنهم أولياء الشيطان. قوله: (الضمير للناس الخ) الناس الثاني هو الذي في قوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} وقوله: على الأوّل أي على التفسير الأوّل لقوله أولياء. إذ المراد به القاعدون عن الخروج معه من المنافقين، والمخوّف ليس هم بل أبو سفيان، والمشركون وهم المراد من الناس الثاني كما مرّ، وعلى تفسير الأولياء الثاني هم عين الناس الثاني فيعود إليهم الضمير، ولذا رجحه الزمخشريّ لقربه وتبادره والمصنف عكسه. قوله: (من مخالفة أمري الخ) فالمخاطب بقوله فلا تخافوهم كما مرّ المؤمنون وقوله: إن كنتم مؤمنين مع تحقق إيمانهم إلهاب وتهييج لهم، فإن كان المخاطب الجميع ففيه تغليب وأمّ جعل الخطاب للمنافقين على الالتفات وان كان لا تكلف فيه فخلاف الظاهر، ولذا ترك الالتفات إليه. قوله: (يقعون فيه سريعاً) يعني أنّ المسارعة ضمنت معنى الوقوع فعديت بفي والا فتعديتها بإلى. قوله: (والمعنى لا يحزنك خوف أن يضروك الخ) يعني المنهي عنه الحزن لخوف ضررهم بدليل ما بعده لا الوقوع في الكفر، لأنه أمر قبيح يحزنه فليست الصلة علة لعدم الحزن كما هو المعهود في مثله، وفي المائدة أنّ المعنى يسارعون في إظهاره بما يلوح منهم من آثار الكيد للإسلام ومن موالاة المشركين وهو راجع إلى هذا التفسير لأن كيدهم وموالاتهم هو عين الضرر فلا يرد عليه ما قيل إنه أيضاً قبيح يفتقر إلى تأويل. قوله: (أي لن يضروا أولياء الله الخ) قدر المضاف للقرينة العقلية عليه، وكونهم إنما يضرون أنفسهم مأخوذ من أنّ الله لم يجعل لهم حظاً في الآخرة لمسارعتهم للكفر وقوله: (شيئاً " يحتمل) المفعول أي بواسطة حرف الجرّ أي بشيء واليه أشار بقوله: يضرون بها ولا حاجة إلى تأويله بما يتعدى بنفسه إلى مفعولين، والمعنى على المصدرية ضرر أمّا. قوله: (وهو يدل على
تمادي الخ الأنه إن لم يستمرّ كفرهم لم يقطع نصيبهم من الآخرة قيل، وما ذكره من وجه ذكر الإرادة تبع فيه الزمخشريّ وهو مبني على مذهبه في أنّ إرادة الله تعالى لا تتعلق بالشر فالصواب، تركه وإنّ وجه ذكرها لأنه لا يخرج عن إرادته شيء من خير أو شر وليس بشيء لأنه لم يقل إنه لم يرد كفرهم ولم يرمز إليه فليس فيه مخالفة لأهل السنة لا منه ولا من العلامة وهذه نكتة سرية لا داعي لتركها وقوله: (مع الحرمان عن الثواب) مستفاد مما قبله. قوله: (تكرير للتكيد الخ الما كان هذا وما قبله واحداً بحسب المآل والظاهر بين وجهه بأنه تأكيد له أو المسارعون للكفر المنافقون أو من ارتد، وهذا عامّ لكل كافر فأردفعه به تتميما وتنبيها على أنه لا يختص بهم وجوز الزمخشرفي العكس بأن يكون الأوّل عاما للكفار، وهذا خاص بالمنافقين أفردوا بالذكر لأنهم أشد منهم في الضرر والكيد وقوله: (أو ارثد من العرب) في نسخة الإعراب.
وقيل إنّ المراد بالأوّل المنافقون أو من ارتد وهؤلاء اليهود. قوله: (والذين مفعول وإنما نملي لهم بدل الخ) إذا كان الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم فالمقصود التعريض بهم إذ حسبوا ما ذكروا الذين أحد المفعولين ولا يجوز الاقتصار في هذا الباب على الصحيح وإنما الخ لتأويله بالمصدر لا يصح حمله على الذوات فلا يقع ثانيا في باب علم إلا بتقدير في الأوّل أي حال الذين

الصفحة 82