كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 3)

اجتهاده صلى الله عليه وسلم لأنه مأمور به فهو مستند إلى الوحي أيضا وقوله.) روي الخ) رواه ابن جرير عن السدفي، وأمّا المذكور بعده فقال السيوطي رحمه الله: لم أقف عليه والمراد بالأمة في قوله: " أمتي " أمّة الدعوة ولا يجوز أن يراد الإجابة وهو عام لمن في عصره وغيره ويحتمل أنّ المراد من في عصره فقط، وقوله حق الإيمان لما مرّ، وفسر التقوى بالمعنى اللغوي وخصه بما ذكر لأنه أنسب بالمهفام ولا ب! دهـ بمعنى لا يقدر ويحذ. قوله: إ قدر مضافاً
الخ (مرّ وجهه وقوله: (محذوفاً لدلالة يبخلون الخ) تكرر في هذا الكتاب والكشاف جواز حذف أحد مفعولي هذا الباب، وظاهر كلامه في سورة النور أنه إذا اتحد الفاعل والمفعولان كما في قوله: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} [سورة آل عمران، الآية: 69 ا] ففهم منه بعضهم أنه يشترط في حذفه ذلك وأجيب بأنّ المراد منه الجواز إذا قويت الدلالة وظهرت القرينة، وهنا كذلك على أنّ الذين يبخلون الفاعل لما اشتمل على البخل كان في حكم اتحاد الفاعل والمفدول، وهو تكلف لم يذهب إليه أحد من النحاة، وأمّا جعل هو ضمير رفع استعير في مكان المنصوب وهو راجع للبخل أو الإيتاء على أنه مفعول أوّل فتعسف لا يليق بالنظم وان جوّزه بعضهم تبعا لأبي البقاء حتى قال في الدر المصون: إنه غلط وهو ضمير فصل بين مفعولي حسب وهو مراد أبي البقاء بقوله: إنه تأكيد فلا وجه لردّه بأنّ الضمير لا يؤكد المظهر. قوله: (والمعنى سيلزمون الخ) بالبناء للفاعل والمفعول، قيل: إنه إشارة إلى أنّ ما في الآية والحديث تمثيل ولا طوق حقيقة وفي قوله: زكاة ما له إشارة في أنّ الوعيد على ترك الإنفاق الواجب والحديث المذكور أخرجه البخاريّ والترمذيّ والنسائيّ والشجاع هنا الحية العظيمة وفي شروح الكشاف، إنّ من أمثالهم تقلدها طوق الحمامة والضمير للخصلة والصفة وشبهه بطوق الحمامة في اللزوم قيل ولا يستعمل إلا في الشر فإن أرادوا في هذا المثل فصحيح والا فلا لقول المتنبي:
أقامت في الرقاب له أياد هي الأطواق والناس الحمام
وبه صرّح في الأساس. قوله: (وله ما فيهما مما يتوارث الخ) يعني أن الميراث مصدر
كالميعاد والمراد به ما يتوارث فهو حقيقة، أو أن المراد أنه يرثه يعني أنه ينتقل إليه ويخرج عن أيديهم ظاهراً والا فهو له حقيقة، وعلى هذا فهو مجاز قال الزجاج رحمه الله: أي إنّ الله تعالى يفني أهلهما فيفنيان بما فيهما فليس لأحد فيهما ملك فخوطبوا بما يعلمون لأنهم يجعلون ما يرجع إلى الإنسان ميراثأ ملكاً له وقوله: فيجازيكم قيل الأظهر فيجازيهم لأنه في صدد قراءة الغيبة بدليل ما بعده، ومر بيان كون العلم عبارة عن الجزاء في القرآن وكونه أبلغ لأنّ تهديد العظيم بالمواجهة أشد. قوله: (قالتة اليهود لما سمعوا الخ) وفي نسخة قاله اليهود والحديث المذكور (2! مخرج عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه ابن إسحق وابن جرير ومثله سواء كان عن اعتقاد أو استهزاء بالقرآن، وهو الظاهر لا يصدر إلا عن تمرّد عظيم، وفسر سماع الله بعدم خفائه عليه واعداد العقاب عليه وتبع فيه الزمخشرفي وهو مناسب لمذهبه في إنكار الصفات ولكنه ليس مراده ذلك كما بينه شراحه بل مراده أنه تعالى سميع لجميع المسموعات فتخصيص هذا كناية عن أنه أعد له عقاباً يناسبه فليس سماع قبول ورضا كما في سمع الله لمن حمده بل سماع ظهور وتهديد لأنه سمع ما قالوه من غير تبليغ فهو أشد للغضب عليهم وأيضا أنهم أنكروه ولا مجال لإنكاره لأنه سمعه ولهذا أكده لأنّ إنكارهم للقول بمنزلة إنكار السمع. قوله: (سنكتبه في صحائف الكتبة الخ) يعني أنّ الكتابة حقيقية والإسناد مجازيّ أو استعارة والإسناد على حقيقته، وقوله: لا نهمله مأخوذ من الكتابة لأنّ من لم يهمل شيئاً يكتبه وكذا من السين المفيدة للتأكيد، وقوله: ليس أوّل جريمة ارتكبوها مأخوذ من عطف ما سبق من جرائم
أسلافهم. قوله: (ون! قم منهم الخ) الباء في بأن نقول كباء كتبت بالقلم أي ننتقم منهم بواسطة هذا القول الذي لا يقال إلا وقد وجد العذاب، قال الزجاح رحمه الله: ذق كلمة تقال لمن أي! من العفو أي ذق ما أنت فيه فلست بمتخلص مته، وقوله: العذاب المحرق إشارة إلى أنه من الإضافة البيانية أي العذاب الذي هو المحرق لأن المعذب الله لا الحريق أو الإضافة للسبب لتنزيله منزلة الفاعل.

الصفحة 84