كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

الرحمن بحساب معلوم مقدّر في بروجهما ومنازلهما ويتسق بذلك أمور السفليات ويختلف الفصول والأوقات وتعلم السنون والحساب. قوله: (مصدو حسب بالفتح) ، هكذا قال الزمخشري: أيضا فإن أراد أنه لا يكون إلا كذلك ورد عليه الحرمان فإنه مصدر حرمه كضربه وعلمه وان أراد أنه الأصل المقيس المسموع وما سواه ورد على خلاف القياس اتجه، وحسب هنا بمعنى زعم وظت وخمن والتسيير مصدر سيره. ثوله: (الذي قهرهما) المراد بقهرهما كونهما مسخرين لا يتيسر لهما إلا ما أريد بهما وبهذا التفسير يظهر تناسب المبدأ والختام فلا يتوهم أنه كان الظاهر تقدير الحكيم العليم، وفسره في غير هذه السورة بالغالب بقدرته على كل مقدور، والأنفع من التداوير جمع تدوير تفعيل من الإدارة وليس بمعنى ذلك التدوير الذي اصطلح عليه أهل الهيئة وهو فلك صغير خارج المركز لأنه ليس للشمس فلك تدوير إلا أن يريد به مطلق الخارج المركب وليس بمعنى الاستدارة لأنه لا يناسب هنا، وهدّا إجمال لما سيأتي في سورة يس من أنّ مخالفة حركاتها المقدرة لها تخل بتكوّن النبات وتعيش الحيوان، واعلم أنه قال في البحر الكبير أن السنة الشرعية قمرية لا شمسية، والشمسية مما حدث في دواوين الخراج، فإن قلت فلم أضاف الله الحساب إليهما قلت لأنّ بطلوع الشمس ومغيبها يعرف عدد الأيام التي تتركب منها الشهور والسنون فمن هنا دخلت انتهى. قوله: (في ظلمات الخ) المراد بالنجوم ما عدا النيرين لأنها التي بها الاهتداء ولأن النجم يخص بما عداهما، واليه أشار بقوله: (في ظلمات الليل) لأنهما لا ظلمة مع! مما ويجوز أن يدخلا فيها فيكون بيانا لفائدتهما العامّة بعدما بين فائدتهما الخاصة. قوله: (وإضافتها إليهما للملابسة (الإضافة تكون لأدنى ملابسة مجازا، وهل هو مجاز لغوي أو حكمي عقليّ اضطرب فيه كلام أهل المعاني، فقال النحرير: في شرح المفتاح في تحقيق قوله تعالى: {ابْلَعِي مَاءكِ} [سررة هود، الآية: 44] إضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز تشبيها لاتصال الماء بالأرض باتصال الملك بالمالك بناء على أنّ مدلول الإضافة في مثله الاختصاص الملكي فيكون استعارة تصريحية أصلية جارية في التركيب الإضافي الموضوع للاختصاص الملكي في مثل هذا، وإن اعتبر اللام وبنى الاتصال والاختصاص عليها فالاستعارة تبعية، وقال: في إضافة كوكب الخرقاء حقيقة الإضافة اللامية ألاختصاص الكامل، فالإضافة لأدنى ملابسة تكون مجازاً حكمياً، وقال الشريف قدس سرّه: راذاً عليه الهيئة التركيبية في الإضافة اللامية موضوعة للاختصاص الكامل المصحح، لأن يخبر عن المضاف بأنه للمضاف إليه، فإذا استعملت لأدنى ملابسة تكون مجازاً لغويا لا حكميا كما توهم لأنّ المجاز في الحكم إنما يكون بصرف النسبة عن محلها الأصلي إلى محل آخر لأجل ملابسة بين المحلين، وفيه كلام ليس هذا محله، وقوله مشتبهات الخ فهي استعارة تصريحية تحقيقية وعلى الأوّل المجاز في الإضافة، ولكم إجمال لأنه يدل على انتفاعهم بها مطلقا، وقوله فإنهم المنتفعون به أي بالتفصيل بيان لوجه التخصيص مع أن فائدة التفصيل عامّة. قوله: (فلكم استقرار الخ (جوّز في مستقرّ ومستوح أن يكونا مصدرين ميميين وأن يكونا اسمي مكان والاستقرار إمّا في الأصلاب أو فوق الأرض لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [سورة البقرة، الآية: 36] أو في الأرحام لقوله تعالى: {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ} [سورة الحج، الآية: هـ، والاستيداع في الأرحام، فجعل الصلب مستقز النطفة والرحم مستودعها لأنها تحصل في الصلب لا من قبل شخص آخر، وفي الرحم من قبل الأب فأشبهت الوديعة كان الرجل أودعها ما كان عنده أو في الأصلاب أو تحت الأرض أو فوقها فإنها عليها أو وضعت فيها لتخرج منها مرّة أخرى كقوله: وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بذ يوئم أن ترذ الودائع
وجوّز أن يكون المستقز كناية عن الذكر والمستوح كناية عن الأنثى، وقوله لأن الاستقرار منا الخ وجه كون الأوّل معلوما بأنه صادر منا والثاني مجهولاً بأن الله أودعهم وهو ظاهر. قوله: (ذكر مع ذكر النجوم الخ (بناء على أن الفقه شدة الفهم والفطنة، ومن قال إنه الفهم مطلقاً وليس بأبلغ من العلم قال إنه تفنن حذرا من صورة التكرير، وقال في الانتصاف
الفقه أنزل من العلم، وإذا قيل فلان لا يفقه كان أذمّ من

الصفحة 101