كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

السبب وهو الماء أدخل في مقام بيان كمال القدرة والحكمة لكن هذين الوجهين على تقدير إوجاع الضمير قي منه إلى النبات، وأما إذا رجع! ! ى الماء كما جوّز فلا يتمشيان ليس بشيء لأنه ناشئ من الغفلة عن معنى ا! نبات لأنّ الشجر وأغصانه من النبات على الأوّل، ولأنه يفيد وحدة السببية لأنه تفصيل للمسبب سواء رجع الضمير إلى الماء أو إلى النبات، وهذا كله من قلة التدبر وقوله لكم إشارة إلى خبر مقدر وهو ظاهر. قوله: (ولا يجوز عطفه على قنوان (لما جوّز الزمخشرقي فيه وجهين هذا وما قبله رذ
عليه المصنف رحمه الله بما ذكره لأنه يؤول إلى أن يكون المعنى ومن النخيل جنات من أعناب وفساده ظاهر إلا أن يتكلف له ما لا حاجة إليه كما قال النحرير: وقد يجاب عنه بأنّ من أعناب صفة جنات وهي لما كانت معروشة تحت أشجار النخل جاز وصفها بكونها مخرجة من النخيل مجاز الكون هيئتها مدركة من خلالها كما يدرك القنوان، وفيه جمع بين الحقيقة والمجاز أو بأن المراد أنه من عطف الجملة أي ومخرجة وحاصلة من الخضر، أو الكرم جنات من أعناب ففي قوله عطف على قنوان تجوّز لا حاجة إليه على هذا التقدير لجواز أن يعتبر جنات من أعناب عطفاً على قنوان وذلك المحذوف أعني من الخضر أو من الكرم عطفا على من النخل أي من نبات أعناب، يفي أنه على حذف المضاف لأنّ البستان لا يكون من العنب نفسه بل من النبات والأشجار انتهى، وقد يجاب عن الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من لا يقول به بأن الكلام على تقدير المضاف أي يخرج من أرض النخيل أو رياضها ونحوه، فلا يلزم ما ذكر، وقيل جنات مبتدأ ومن أعناب خبره ولا يلزم الابتداء بالنكرة من غير تخصيص لأن العطف على المخصص يكفي في التخصيص ذكره ابن مالك واستشهد عليه بقوله:
عندي اصطباروشكوى عند قاتلتي فهل بأعجب من هذا امرؤسمعا
وأورد على الوجه الأوّل أيضا أنه لا دلالة فيه على أنّ الأعناب والجنات من آثار القدرة
ولا خفاء في أنه لا يختص بالوجه الأوّل ولا بالجنات والأعناب بل يجري في النخيل والقنوان، ويندفع باً نه مفوض إلى شهادة الذوق ودلالة المقام كما قرّره النحرير رذا على العلامة، ولك أن تقول أنّ قوله تعالى: {نَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة النحل، الآية: 79] إشارة إلى ذلك لأن معناه آيات دالة على أنه لا يقدر عليه غير الله تعالى وقوله نصب على الاختصاص أي بأخص ونحوه مقدرأ وقوله: (لعزة الخ (بيان لنكتة وجه تغيير الأسلوب لأنه اتفق على قراءة النصب وكان الظاهر الجرّ فعدل عنه لذلك وغير المصنف رحمه الله ما في الكشاف فبدأ بقراءة النصب المتفق عليها، وأخر قراءة الأعمش المروية عن عاصم فإنها شاذة والجمهور على كسر تاء جنات عطفا على نبات كل شيء وجملة من النخل معترضة أو هو عطف على خضرا، وفي الرفع وجوه أحدها أنه مبتدأ خبره مقدر مقدما أو مؤخرا وثم وجنات أو ومن الكرم جنات، وهو أحسن بمقابلة من النخل أو ولهم أو ولكم جنات ومنهم من قدره وجنات من أعناب أخرجناها لكم، وهو معطوف على قنوان قال الزمخشرفي: من غير ملاحظة قيد من النخل، والمعنى جنات من أعناب وضعف بما ذكره المصنف وتوجيهه ما تقدم. قوله:
(حال من الرمان الخ) منهم من جعله حالاً من الثاني لقربه وقدر مثله في الأوّل ومنهم من جعله حالاً من الأوّل لسبقه وتدر في الثاني ولا بد من تقدير والا كان المعنى جميعه متشابه، وجميعه غير متشابه وهو غير صحيح كما أشار إليه النحرير وقوله أو من الجميع أي بعض ذلك يعني
الضمير راجع إلى الأمرين واقعا موقع اسم الإشارة وفي الكلام مضاف مقدر وهو بعض ومنهم من قال في تفسيره. إنه حال منهما بتأويل كل واحد أو الجميع، فإن قلت يأبى عن التأويل بكل واحد قوله بعض ذلك متشابه وبعضه غير متشابه وأيضاً المتشابه يسند إلى المتعدد وكل واحد غير متعذد قلت المراد كل نوع، والنوع متعدد يحتمل التبعيض والمضاف محذوف اهـ وعذه بعض الناس سهواً لأنه ليس المراد تأويله بجميع بدليل تفسيره وليس بشيء لأنه لا فرق بين تأويل الضمير الراجع إليهما بذلك وتأويله نفسه بجميع فتأمّله وأشار بقوله متشابه الخ إلى ما في الكشاف إنّ افتعل وتفاعل هنا بمعنى كاستوى وتساوى وقوله:) في الهيئة، والقدر الخ) إشارة إلى ما وقع فيه

الصفحة 103