كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 4)

الغدر) الثبت بسكون الباء بمعنى ثابت، والغدر بفتحتين وغين معجمة ودال، وراء مهملتين المكان ذو الحجارة والشقوق، قال: في العين رجل ثبت الغدر إذا كان ثبتاً في قتال أو كلام وفي المجمل يقال للرجل والفرس ثبت في موضع الزلل، والإضافة فيه على معنى في ولما كان تعالى منزهاً عن المكان والحلول أوّله بقوله عديم النظير فيهما، ومعناه أنّ إبداعه لهما لا نظير له لأنهما أعظم المخلوقات الظاهرة فلا يرد عليه أنه لا يلزم من نفي النظير فيهما نفيه مطلقاً، ولا حاجة إلى تكلف أنه خارج مخرج الردّ على المشركين بحسب زعمهم أنه لا موجود خارج عنهما، وقوله: (وخبره أني الخ) وهو استفهام إنكاري في معنى الإخبار فلا حاجة إلى تقدير القول فيه.
قوله: (اي من أين الخ) أني لها استعمالات أحدها بمعنى كيف الثاني بمعنى من أين وهي عبارة سيبويه، والفرق بين أين ومن أين أنّ أين سؤال عن مكان الشيء، ومن أين عن المكان الذي برز منه ووقع في عبارات بعضهم أنها بمعنى أين وهو تسمح كما في عروس الأفراج، وفي الكشف إنها بمعنى أين ومن مقدرة قبلها كما تقدر في الظروف وفيه نظر لأنه لو كان كذلك لجاز ظهورها، فيقال من أني ولم يسمع. قوله:) وقرئ بالياء للفصل (هي قراءة إبراهيم النخهص قال ابن جني تؤنث الأفعال لتأنيث فاعلها لأنهما يجريان مجرى كلمة واحدة لعدم استغناء كل عن صاحبه فإذا فصل جاز تذكيره وهو في باب كل أسهل لأنك! وحذفتها استقل ما بعدها وهو كلام حسن، وعلى الوجهين الأخيرين الجملة خبر، واعترض على الوجه الأخير بأنه إذا كان العمدة في المفسر مؤنثا فالمقدر ضمير القصة لا ضمير الشأن، وليس بوارد لعدم لزومه وإن ظنه كثير لازماً وقد نبه على خطئه في شرح التسهيل. قوله:) وإنما لم يقل به (أي لم يقل عليم به لتقدّم كل شيء لأنّ الأوّل مخصوص بغير ذاته وصفاته، والثاني عامّ لعلمه بهما وبغيرهما، وهذا لا يخالف ما ذكره في سورة البقرة. قوله: (1 لأوّل الخ (قزره في الكشاف هكذا إنه مبتدع السماوات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن يوصف بالولادة لأنّ الولادة من صفات الأجسام ومخترع الأجسام لا يكون جسما حتى يكون والدا، وهذا عندي أحسن من تقرير المصنف رحمه الله لما فيه من الخلل لأنّ كون السماوات من جنس ما يوصف بالولادة لا يقتضي تصوّره في نوعها أو إفرادها لأن التوالد لا يكون فيما لا روج له فكيف يقال إن تبرّأها عن ذلك لاستمرارها، وطول مدتها والولد إنما يطلب للبقاء ببقاء النوع، وهي غير محتاجة إلى ذلك فالله جل وعلا أولى به وكأن القاضي غرّه قوله لا يستقيم الخ وظنه صفة أجسام، وليس كذلك بل ضمير أنه للشأن ومبتدع مبتدأ، ولا يستقيم الخ خبره فاعرفه فإن من لم يهتد له قال تقرير المصنف رحمه الله: أولى لكونه بطريق برهانيّ من تقرير الزمخشرفي، وقوله المعقول بمعنى المتصوّر في العقول فلا حاجة إلى أنه بناء على الأكثر وإنه لا حاجة إلى الكلية لأنّ الكلام في ولد الوالد وهو يستدعي الزوجة، وقرّره بوجه آخر في البقرة وهو أن الوالد عنصر الولد المنفعل بانفصال ماذته منه وهو تعالى مبتدع الأشياء كلها فاعل على الإطلاق منزه عن الانفعال فلا يكون والداً انتهى، وهي متقاربة المعاني، والفرق بينهما يعلم مما بعدهما
إنه قال هناك:
{اقَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [سورة البقرة، الآية: 17 ا] وهنا أني يكون له ولد فتدبر. قوله:) الثالث أنّ الولد الخ) الدليل الأوّل من قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [سورة البقرة، الآية: 117] والثاني من قوله ولم تكن له صاحبة والثالث من قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} والزمخشريّ قرّره هكذا إنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به ومن كان بهذه الصفة كان غنيا عن كل شيء والولد إنما يطلبه المحتاج قال النحرير: الظاهر أنّ العلم بكل شيء وجه مستقل فتكون الوجوه أربعة إلا أنه أدرجه وجعله مع خلق كل شيء وجها واحداً لأنّ المعنى إنما يتحقق بالإيجاد الاختياري، وذلك بالعلم ولأنه ربما يناقثى في لزوم كون الولد كالوالد في العلم بكل شيء، وقيل: إن المصنف رحمه الله جعلهما وجهاً واحداً لمدارهما على معنى واحد وهو الكفاءة وان هذه المناقشة ترذ على الزمخشري لا على المصنف لتقييده العلم بقوله لذاته، وفيه أنه لا يجدي نفعأ لأنّ المساواة في العلم ذاتيا أو غيره لا تلزم في الكفاءة، ولذا قيل في كلام المصنف مناقشة ظاهرة لأن التفاوت في العلم بل في سائر الكمالات لا ينافي الكفاءة فكثيراً ما يلد العالم النحرير والمؤمن ضده، وهذه أدلة إقناعية لا تليق

الصفحة 106